المقدمه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي سيدنا و مولانا و نبينا محمد و آله الطاهرين و اللعنة علي أعدائهم أجمعين من الآن الي يوم الدين.
اللهم صل علي سيدنا محمد و أهل بيته، و صل علي الحسن بن علي، الهادي الي دينك و الداعي الي سبيلك، علم الهدي، و منار التقي، و معدن الحجي، و مأوي النهي، و غيث الوري، و سحاب الحكمة، و بحر الموعظة، و وارث الأئمة، و الشهيد علي الامة، المعصوم المهذب، و الفاضل المقرب و المطهر من الرجس؛
الذي ورثته علم الكتاب، و ألهمته فصل الخطاب، و نصبته علما لأهل قبلتك، و قرنت طاعته بطاعتك، و فرضت مودته علي جميع خليقتك؛
اللهم فكما أناب بحسن الاخلاص في توحيدك، و أردي من خاض في تشبيهك و حامي عن أهل الايمان بك، فصل - يا رب - عليه صلاة يلحق بها محل الخاشعين، و يعلو في الجنة بدرجة جده: خاتم النبيين، و بلغه منا تحية و سلاما، و آتنا من لدنك في موالاته فضلا و احسانا، و مغفرة و رضوانا، انك ذو فضل عظيم، و من جسيم.
و بعد، فهذه صفحات مشرقة، تتلألأ بحياة الامام من ائمة الهدي، و سيد من سادات الوري، و هو الامام الحادي عشر من أهل بيت النبوة، و معدن
[ صفحه 5]
الرسالة و الوحي، و مختلف الملائكة.
ذاك أبومحمد الحسن العسكري، ابن الامام أبي الحسن علي بن محمد الهادي النقي، صلوات الله عليهما.
و من الواضح انه والد مولانا صاحب الزمان، الامام المهدي المنتظر صلوات الله و سلامه علي الوالد و ما ولد.
ان من الحق أن أقول: ان القلم يخونني في التعبير، و الفكر يعجز عن التصور ليملي علي هذه الصفحات كل ما يتطلبه الواجب، و كل ما يجب أداؤه و يليق بهذا المولي العظيم.
لا أستطيع أن أعرف كيف يتم تأليف هذا الكتيب مع قلة المواد التاريخية الموجودة في التراجم و السير، و في بطون التواريخ و الأحاديث؟
و لقد تكرر مني القول بأن التاريخ قد ظلم آل رسول الله (صلي الله عليه و آله) بجميع أنواع الظلم، و منها:
اهمال ترجمة حياتهم، و عدم ذكر انجازاتهم و انتاجاتهم، و تغطية فضائلهم و مناقبهم، ولو أردنا أن نذكر - هنا - بعض جنايات التاريخ لطال بنا الكلام، و خرج الكتاب عن اسلوبه.
نعم، ان تاريخ البشر أسود، كسواد الليل المظلم، فلا تجد في التاريخ فضيلة مشرقة الا وجدت الي جنبها فاجعة أو جناية تاريخية تعكر لذة الحياة و صفو العيش.
و لا تقرأ في تاريخ العظماء عطاء و انتاجا، و فضيلة و موهبة الا وجدتها مشفوعة بالمآسي و الآلام.
أليس من أعجب الأعاجيب أن العظماء كلما أزدادوا فضائل و مكارم ارتفع عدد أعدائهم، و تزايد حسادهم؟
فهل تعرف في تاريخ الحياة أشرف و أفضل و أتقي من محمد و آله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)؟
[ صفحه 6]
ثم هل تعرف في العالم كله عائلة و اسرة أكثر أعداء و حسادا من هذه الأسرة؟
كلا، لا أظن أنك تجد غيرهم بهذه الصفات، و هذه المضاعفات و الملابسات.
و ستقرأ في هذه الأوراق ما كان يتمتع به الامام الحسن العسكري (عليه السلام) من انواع الفضائل، و مكارم الأخلاق، و شتي آيات العظمة، و تقرأ الي جانب ذلك ما قام به المناوئون ضد هذا الامام العظيم.
فالأفضل أن نشرع في ترجمة حياته المستنيرة، و نذكر مواقف الحكومات ضد هذا الامام المظلوم المضطهد، الذي قتله الأعداء و هو في سن الثامنة و العشرين التي تعتبر من عنفوان الشباب، و غضارة العمر.
فيا سيدنا أيها الامام الحسن يا أبامحمد
اقدم اليك - مسبقا - الف مليون معذرة من قلمي العاجز و بياني القاصر، و ادراكي الضعيف، فعندك يقبل العذر يابن الأكرمين.
[ صفحه 7]