بازگشت

كلمة حول المنامات


أيها القاري ء الكريم: لعل هذا الحديث يحتاج الي شي ء من التعليق و التحليل و التحقيق فأقول:

الرؤيا الصادقة حقيقة ثابتة في القرآن و السنة، و استيعاب هذا البحث يحتاج الي تأليف خاص، كما فعل ذلك شيخنا النوري (عليه الرحمة) في كتابه: (دار السلام) و يمكن أن نلخص القول فيما يلي:

لقد ذكر الله تعالي في القرآن الكريم منامات عديدة للأنبياء و غيرهم، فذكر في سورة الصافات رؤيا النبي ابراهيم (عليه السلام) [1] و في سورة يوسف تجد أربع منامات أحدها ليوسف بن يعقوب (عليهماالسلام) و اثنين للشابين اللذين دخلا معه السجن، و رؤيا للملك يومذاك، و كانت هذه الأحلام و المنامات صادقة، فقد تحقق تأويلها و تعبيرها في الخارج [2] .

و في الأحاديث النبوية و أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تجد كمية كثيرة من المنامات و الأحلام الصادقة التي تحقق تأويلها و تعبيرها، فلقد رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في المنام: أن رجالا ينزون علي منبره نزو القردة، و يردون الناس علي أعقابهم القهقري، فاستوي رسول الله جالسا و الحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل بهذه الآية: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس، و الشجرة الملعونة في القرآن، و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا) يعني بني أمية [3] .



[ صفحه 34]



و رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) منامات أخري و فسرها فكانت كما أخبر بها، و تجد التفاصيل في الكتب التي تتحدث عن سيرته (صلي الله عليه و آله).

و السيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام) رأت أباها رسول الله في المنام في يوم وفاتها، فقال لها النبي (صلي الله عليه و آله و سلم): أنت الليلة عندي. فتوفيت (عليهاالسلام) في ذلك اليوم، و كذلك الامام علي أميرالمؤمنين و الامام الحسين (عليهماالسلام)كل منهما رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله) في المنام، فأخبر النبي كلا منهما باقتراب شهادته و تعيين يومها.

فالرؤيا الصادقة تعتبر للانسان الرائي مكاشفة و مكالمة و مخابرة من عالم ما وراء الطبيعة، و لقد ثبت في الأحاديث الصحيحة كلام رسول الله (صلي الله عليه و آله) حيث قال: «من رأني فقد رأني، فان الشيطان لا يتمثل بي» و روي الحديث أيضا هكذا: «من رأنا فقد رأنا».

لقد كانت رؤيا السيدة نرجس رؤيا صادقة، بل تعتبر رؤياها نوعا من المكاشفة، فقد خطبها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في عالم الرؤيا، و أسلمت في عالم الرؤيا بعد أن لقنتها السيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام)كلمة الشهادتين، و كانت السيدة نرجس تري الامام الحسن العسكري في منامها في كل ليلة، و أخيرا أخبرها الامام بأن جدها قيصر ينوي محاربة المسلمين، و أمرها أن تجعل نفسها مع الوصائف و الخدم و ترافق الجيش ليكون ذلك وسيلة لوصولها الي البلاد الاسلامية، ثم تحظي بشرف المثول و الحضور عند الامام العسكري (عليه السلام).

كل هذه الأشياء تعتبر من الامور الممكنة، و قد وقعت أمثالها بكثرة علي مر التاريخ.

و اختص الله تعالي السيدة نرجس بهذا الشرف الأرفع الخالد، بعد أن خلق فيها المؤهلات و المواهب من: نفسية شريفة، و فضائل شخصية، و مزايا



[ صفحه 35]



جمة، كالحياء و العفة، و قوة الشخصية، و الايمان و الأصالة و غيرها، و هذه الفضائل و الامتيازات قد أهلتها لتكون والدة لسيدنا صاحب الزمان الحجة بن الحسن، المهدي (عليهماالسلام)فان الوراثة لها كل الأثر في الطفل... و الا فما هي الدوافع و الدواعي لأن يخطبها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في المنام و هي في بلاد الروم؟؟.

أما وجد الامام العسكري (عليه السلام) في البلاد الاسلامية امرأة مسلمة يتزوجها، أو جارية مسلمة يشتريها؟؟. فلماذا هذه المقدمات الطويلة العريضة، و هذه التشريفات الخاصة العجيبة؟.

من الواضح أننا لا نستطيع الاحاطة و الاطلاع بصورة مفصلة عن حياة السيدة نرجس من حيث نفسيتها الممتازة و شخصيتها المثالية!

و لما تزوج بها الامام العسكري (عليه السلام) و حملت بالامام المهدي (عليه السلام) بشرها الامام العسكري بذلك كما ذكر الصدوق بسنده عن علان الرازي قال: أخبرني بعض أصحابنا انه لما حملت جارية أبي محمد (عليه السلام) قال [الامام لها]: ستحملين ذكرا، اسمه محمد، و هو القائم من بعدي. [4] .



[ صفحه 36]




پاورقي

[1] سورة الصافات 37: 102.

[2] تجد ذلك في سورة يوسف 12: 4، 36 - 37، 40، 42.

[3] بعض مصادر الحديث: السيوطي في (الدر المنثور) في تفسير الآية، مقدمة الصحيفة السجادية، البيهقي في (الدلائل)، و ابن عساكر، و الألوسي في تفسيره (روح البيان) ج 15 / 100، و ابن كثير في تفسيره ج 3 / 49، و الفخر الرازي في تفسيره.

[4] اكمال الدين / 408 باب 38 حديث 4.