بازگشت

المهتدي


استلم المهتدي زمام الحكم في رجب سنة خمس و خمسين و مائتين، و استولي الأتراك علي أموال قبيحة ام المعتز تحت الطابق الأرضي من بيتها،



[ صفحه 45]



فوجدوا حوالي مليون دينار، و من الجواهر النفيسة و الأحجار الكريمة التي لا توجد في خزائن الملوك ما كانت قيمتها مليوني دينار، و قتلوا أحمد بن اسرائيل و أبانوح بعد الضرب الشديد، و مصادرة أموالهما المنقولة و غير المنقولة، و أشد أنواع التعذيب و الضرب المستمر حتي ماتا، و نسبوا اليهما كل خيانة و فساد في البلاد و ارتكاب المحرمات.

و في أيام المهتدي انتشرت الفتن في اكثر البلاد، من شتي الطوائف، و سلب الامان من الناس، و من جملة الخارجين علي النظام في عهد المهتدي هو صاحب الزنج الذي ادعي - كذبا - أنه علوي النسب و لم يكن علويا، و كان اسمه علي بن محمد بن عبدالرحيم، و ينتهي نسبه الي عبدالقيس و كان متصلا بجماعة المنتصر يأكل علي موائدهم؛

فانه خرج في البحرين يدعو الناس الي طاعته، فاتبعه جماعة، و امتنعت عنه جماعة فوقع القتال بين الفريقين، فخرج اللعين من البحرين و توجه الي الأحساء، ثم الي البادية، و ادعي ادعاءات باطلة عظيمة: من ادعاء الامامة و الالهام و الخطاب من السماء و غير ذلك.

فانخدع بذلك جماعة كثيرة، و اجتمعوا حوله، فتوجه بهم الي البحرين فأقام هناك مذبحة عظيمة، و قتل فيها من أصحابه عدد كثير، فرجع مذموما مكروها، و تفرقت عنه العرب؛ فتوجه الي البصرة، فاتبعه جماعة، و كثير منهم من الزنوج، و لهذا عرف بصاحب الزنج و حدثت قضايا عظيمة و فجائع مؤلمة تشيب منها النواصي من أنواع الافساد و القتل و الحرق و الغرق و السلب و النهب مما هو مذكور في موسوعات التاريخ، و لا مجال - هنا - لذكرها.

و خرجت جماعة من الخوارج و شرعوا بالقتل و أنواع الفساد، فكانت الحروب قائمة و الاضطرابات دائمة و مستمرة، و رجال الحكم مشغولون بخمورهم و فجورهم.



[ صفحه 46]



و كتب المهتدي الي رجل من قواد الأتراك يقال له: بايكباك كان في جبهة الحرب. أن يقتل اكبر قواد الأتراك و هو موسي بن بغا، و امتنع بايكباك و جاء الي سامراء معتذرا، فأمر المهتدي بقتله و اجتمع الأتراك علي باب دار المهتدي و خافوا علي رئيسهم: بايكباك، فأراد المهتدي اطفاء نار الفتنة فأمر أن يرمي رأس بايكباك الي الأتراك ففعلوا؛ فما رأي الأتراك ذلك هاجوا و جاشوا و حملوا علي الذي رمي الرأس و قتلوه.

و اجتمع أصحاب المهتدي للدفاع عنه، فوقعت الحرب بين الفريقين، و قتل من الأتراك أربعة آلاف، و قيل: أقل من ذلك.

و بعد ذلك اجتمع الأتراك بقيادة أخي بايكباك و اسمه: طغوتيا، و اجتمعت كلمة الأتراك، و اجتمعوا لمحاربة المهتدي، و جمع المهتدي أصحابه من الأتراك و غيرهم، و اشتعلت نار الحرب، ولكن الأتراك الذين كانوا مع المهتدي انضموا الي الطرف الآخر، فحمل طغوتيا علي أصحاب المهتدي للطلب بثار أخيه، و حمي الوطيس و اشتد القتال، و قتل الكثيرون من أصحاب المهتدي، و انهزم الباقون، و انهزم المهتدي يركض و ينادي: يا معشر الناس انصروا خليفتكم!!

و ذهب الي بيت من بيوت حاشيته، و أراد أن يتسلق الحائط الي بيت آخر، ولكن القوم أدر كوه، و رماه أحدهم بسهم، و ضربه آخر بالسيف، و القي عليه القبض، و حمل جريحا، و بايع الناس أحمد بن المتوكل، و سموه المعتمد علي الله.

و أصبح المهتدي ميتا، و قيل في كيفية قتله قول آخر، و صلوا عليه و دفنوه.

و كانت جميع أيام حكم المهتدي احد عشر شهرا و خمسة و عشرين يوما!!



[ صفحه 47]