بازگشت

اسحاق بن اسماعيل، النيسابوري


ثقة، عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

و للامام العسكري (عليه السلام) رسالة مفصلة الي اسحاق بن اسماعيل، رواها الكشي:

«يا اسحاق بن اسماعيل، سترنا الله و اياك بستره، و تولاك في جميع امورك بصنعه، قد فهمت كتابك، يرحمك الله.



[ صفحه 79]



و نحن - بحمدلله و نعمته - أهل بيت نرق علي موالينا، و نسر بتتابع احسان الله اليهم، و فضله لديهم، و نعتد بكل نعمة أنعمها الله - عزوجل - عليهم.

فأتم الله عليكم بالحق - و من كان مثلك ممن قد رحمه الله، و بصره بصيرتك، و نزع عن الباطل، و لم يقم في طغيانه - نعمه.

فان تمام النعمة دخولك الجنة، و ليس من نعمة و ان جل أمرها، و عظم خطرها الا و الحمدلله - تقدست اسماؤه - عليه مؤدي شكرها.

و أنا أقول: الحمدلله مثل ما حمدالله به حامد الي أبد الأبد، بما من به عليك من نعمته، و نجاك من الهلكة، و سهل سبيلك علي العقبة.

و أيم الله، انها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها عظيم بلاؤها، طويل عذابها، قديم في الزبر الاولي ذكرها؛

و لقد كانت منكم امور في أيام الماضي (أي الامام الهادي) عليه السلام، الي أن مضي لسبيله، صلي الله علي روحه.

و في أيامي - هذه - كنتم فيها غير محمودي الرأي، و لا مسددي التوفيق.

و اعلم - يقينا - يا اسحاق: أن من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمي، فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا؛

انها - يابن اسماعيل - ليس تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور و ذلك قول الله عزوجل في محكم كتابه: للظالم: «رب لم حشرتني أعمي، و قد كنت بصيرا» قال الله عزوجل: «كذلك أتتك أياتنا فنسيتها، و كذلك اليوم تنسي».

و أية آية - يا اسحاق - اعظم من حجة الله - عزوجل - علي خلقه، و أمينه في بلاده، و شاهده علي عباده من بعد ما سلف من آبائه الأولين من النبيين، و آبائه الآخرين من الوصيين (عليهم السلام أجمعين و رحمة الله و بركاته)؟

فاين يتاه بكم؟، و أين تذهبون كالأنعام علي وجوهكم؟ عن الحق



[ صفحه 80]



تصدفون، و بالباطل تؤمنون، و بنعمة الله تكفرون أو تكذبون؟؟

فمن يؤمن ببعض الكتاب، و يكفر ببعض، فما جزاؤه من يفعل ذلك منكم و من غيركم: الا خزي في الحياة الدنيا الفانية، و طول عذاب في الآخرة الباقية، و ذلك - والله - الخزي العظيم.

ان الله - بفضله و منه - لما فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه اليكم، بل برحمة منه - لا اله الا هو - عليكم، ليميز الخبيث من الطيب، و ليبتلي الله ما في صدور كم، و ليمحص ما في قلوبكم، و لتتسابقوا الي رحمته، و تتفاضل منازلكم في جنته؛

ففرض عليكم الحج و العمرة، و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة، و الصوم و الولاية، و كفاهم [1] لكم بابا لتفتحوا أبواب الفرائض، و مفتاحا الي سبيله.

و لولا محمد رسول الله (صلي الله عليه و آله) و الأوصياء من بعده، لكنتم حياري كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل يدخل قرية الا من بابها؟

فلما من الله عليكم باقامة الأولياء - بعد نبيه محمد (صلي الله عليه و آله) - قال الله عزوجل - لنبيه: «اليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الاسلام دينا» [2] .

و فرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها اليهم، ليحل ما وراء ظهوركم: من أزواجكم و أموالكم، و مآكلكم، و مشاربكم، و معرفتكم بذلك النماء و البركة و الثروة، و ليعلم من يطيعه منكم بالغيب.

قال الله عزوجل: «قل لا اسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي» [3] .

و اعلموا: أن من يبخل فانما يبخل علي نفسه، و ان الله هو الغني، و أنتم الفقراء اليه، لا اله الا هو.



[ صفحه 81]



و لقد طالت المخاطبة فيما بيننا و بينكم، فيما هو لكم و عليكم، فلولا ما نحب (يجب خ ل) من تمام النعمة من الله (عزوجل) عليكم لما أتاكم مني خط [4] ، و لا سمعتم مني حرفا، من بعد الماضي (عليه السلام).

أنتم في غفلة عما اليه معادكم، و من بعد الثاني [5] رسولي، و ما ناله منكم، حين أكرمه الله بمصيره اليكم، و من بعد اقامتي لكم ابراهيم بن عبده (وفقه الله لمرضاته و أعانه علي طاعته) و كتابي الذي حمله محمد بن موسي النيسابوري، والله المستعان علي كل حال.

و اني أراكم مفرطين [6] في جنب الله، فتكونون من الخاسرين، فبعدا، و سحقا لمن رغب عن طاعة الله، و لم يقبل مواعظ أوليائه، و قد أمركم الله - جل و عز - بطاعته لا اله الا هو، و طاعة رسوله (صلي الله عليه و آله) و بطاعة اولي الأمر (عليهم السلام) فرحم الله ضعفكم، و قلة صبركم عما أمامكم.

فما أغر الانسان بربه الكريم و استجاب الله دعائي فيكم، و أصلح اموركم علي يدي، فقد قال الله - عزوجل -: «يوم ندعوا كل اناس بامامهم» [7] و قال تعالي: «و كذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس، و يكون الرسول عليكم شهيدا» [8] و قال الله تعالي: «كنتم خير امة اخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، و تنهون عن المنكر» [9] .

فما احب أن يدعو الله بي و لا بمن هو في أيامي (آبائي) الا حسب رقتي عليكم، و ما أنطوي لكم عليه من حب بلوغ الأمل في الدارين جميعا، و الكينونة معنا في الدنيا و الآخرة.

فقد - يا اسحاق: يرحمك الله، و يرحم من هو وراءك - بينت لكم بيانا، و فسرت لكم تفسيرا، و فعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الأمر قط، و لم يدخل



[ صفحه 82]



فيه طرفة عين.

ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما في هذا الكتاب لتصدعت قلقا، و خوفا من خشية الله، و رجوعا الي طاعة الله عزوجل؛

فاعملوا من بعده ما شئتم، فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون، و ستردون [10] الي عالم الغيب و الشهادة، فينبئكم بما كنتم تعملون، و العاقبة للمتقين، و الحمدلله رب العالمين.

و أنت رسولي - يا اسحاق - الي ابراهيم بن عبده (وفقه الله) أن يعمل بما ورد عليه في كتابي، مع محمد بن موسي النيسابوري، ان شاء الله.

و رسولي (أي و انت رسولي) الي نفسك، و الي كل من خلفت ببلدك، أن يعملوا بما ورد عليكم في كتابي مع محمد بن موسي ان شاء الله.

و يقرأ ابراهيم بن عبده، كتابي هذا علي من خلفه ببلده، حتي لايسألوني و بطاعة الله يعتصمون، و الشيطان بالله من أنفسهم يجتنبون، و لا يطيعون.

و علي ابراهيم بن عبده، سلام الله و رحمته، و عليك - يا اسحاق - و علي موالي السلام كثيرا، سددكم الله جميعا بتوفيقه.

و كل من قرأ كتابنا هذا من موالي، من أهل بلدك، و من هو بناحيتكم، و نزع عما هو عليه من الانحراف عن الحق، فليؤد حقنا (حقوقنا خ ل) الي ابراهيم بن عبده، و ليحمل ذلك ابراهيم بن عبده الي الرازي (رضي الله عنه) أو الي من يسمي له الرازي، فان ذلك عن أمري و رأيي، ان شاء الله.

و يا اسحاق: اقرأ كتابنا علي البلالي (رضي الله عنه) فانه الثقة، المأمون العارف بما يجب عليه، و اقرأه علي المحمودي (عافاه الله) فما أحمدنا له لطاعته.

فاذا وردت بغداد فاقرأه علي الدهقان: وكيلنا، و ثقتنا، و الذي يقبض من موالينا؛

و كل من أمكنك من موالينا فأقرأهم هذا الكتاب، و ينسخه من أراد منهم



[ صفحه 83]



نسخه ان شاء الله تعالي، و لا يكتم - ان شاء الله - أمر هذا عمن شاهده من موالينا، الا من شيطان يخالف كلم؛

فلا تنثرن الدر بين أظلاف الخنازير، و لا كرامة لهم.

و قد وقعنا في كتابك بالوصول و الدعاء لك، و لمن شئت، و قد أجبنا سعيدا (شيعتنا خ ل) عن مسألته (عن مسألة خ ل) و الحمدلله.

فما بعد الحق الا الضلال، فلا تخرجن من البلد، حتي تلقي العمري (رضي الله برضائي عنه) فتسلم عليه، و تعرفه و يعرفك، فانه الطاهر الأمين، العفيف، القريب منا و الينا.

فكل ما يحمل الينا من شي ء من النواحي فاليه يصير آخر أمره، ليوصل ذلك الينا، و الحمدلله كثيرا.

سترنا الله و اياكم - يا اسحاق - بستره، و تولاك في جميع امورك بصنعه، و السلام عليك و علي جميع موالي، و رحمة الله و بركاته، و صلي الله علي سيدنا محمد النبي، و آله، و سلم كثيرا.


پاورقي

[1] و في نسخة: و جعل لكم بابا، و في نسخة: و كفا بهم بابا.

[2] المائدة 3: 5.

[3] الشوري 42: 23.

[4] و في نسخة: لما أريتكم لي خطا.

[5] و في نسخة: (النابي).

[6] و في نسخة: تفرطون.

[7] الاسراء 7: 71.

[8] البقرة 2: 143.

[9] آل عمران 3: 110.

[10] ثم تردون خ ل.