بازگشت

محمد بن عثمان بن سعيد، العمري، الأسدي


يكني أباجعفر، و كان هو و أبوه من وكلاء الامام العسكري و من نواب



[ صفحه 220]



الامام المهدي (عليهماالسلام) و لكل منهما منزلة جليلة و مكانة سامية، و قد ذكرناهما في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) و نكتفي هنا بما رواه أحمد بن اسحاق انه سأل أبامحمد الحسن بن علي (العسكري) عليهماالسلام فقال: من اعامل؟ أو عمن آخذ؟ و قول من أقبل؟

فقال (عليه السلام) له: العمري (عثمان بن سعيد) و ابنه (محمد بن عثمان) ثقتان فما أديا اليك فعني يؤديان، و ما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما، و أطعهما، فانهما الثقتان المأمونان [1] .

و كان محمد بن عثمان قد حفر لنفسه قبرا، و سواه بالساج، فسئل عن ذلك؟ فقال: للناس أسباب.

ثم سئل بعد ذلك فقال: قد امرت أن أجمع أمري.

فمات بعد ذلك بشهرين في جمادي الاولي سنة خمس و ثلاثمائة. و كان له شرف خدمة الأئمة منذ خمسين سنة. كما ذكره العلامة رحمه الله.

و قد روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) هذا الخبر بصورة أوسع:

بسنده عن أبي الحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال:

دخلت علي أبي جعفر: محمد بن عثمان رضي الله يوما، لاسلم عليه فوجدته و بين يديه ساجة [2] و نقاش ينقش عليها، و يكتب آيا من القرآن، و أسماء الأئمة (عليهم السلام) علي حواشيها [3] .

فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة؟

فقال لي: هذه لقبري، تكون فيه اوضع عليها. أو قال: «اسند اليها» و قد فرغت منه، و أنا في كل يوم أنزل فيه، فأقرأ جزءا من القرآن فيه، فأصعد.

(و أظنه قال [الراوي]: فأخذ بيدي و أرانيه).

فاذا كان يوم كذا و كذا من شهر كذا و كذا من سنة كذا و كذا [4] صرت



[ صفحه 221]



الي الله (عزوجل)، و دفنت فيه، و هذه الساجة معي.

قال [الراوي]: فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره، و لم أزل مترقبا به ذلك، فما تأخر الأمر حتي اعتل أبوجعفر، فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي ذكره، من السنة التي ذكرها، و دفن فيه [5] .

و قد روي السيد ابن طاووس في (مهج الدعوات) خبرا حاصله: انه لما توفي الشيخ محمد بن عثمان العمري، و فرغوا من تجهيزه جلس الشيخ أبوالقاسم الحسين بن روح (النائب الثالث للامام المهدي) و أخرج اليه ذكاء الخادم مدرجا، و عكازا، و حقه [6] خشب مدهونة.

فأخذ العكاز فجعلها في حجره علي فخذيه، و أخذ المدرج بيمينه، و الحقة بشماله فقال - لورثة [محمد بن عثمان]: «في هذا المدرج ودائع» فنشره، فاذا هي أدعية، و قنوت موالينا (الأئمة من آل محمد (صلي الله عليه و آله) فأضربوا [ورثة محمد بن عثمان] عنها [أعرضوا عنها].

و قالوا: ففي الحقة جوهر لا محالة!

فقال [الحسين بن روح] لهم: تبيعونها؟

فقالوا: بكم؟

قال [الحسين بن روح]: يا اباالحسن (يعني ابن شبيب الكوثاري) ادفع اليهم عشرة الدنانير. فامتنعوا، فلم يزل يزيدهم [في القيمة] و يمتنعون، الي أن بلغ مائة دينار، فقال لهم: ان بعتم، و الا ندمتم!

فاستجابوا للبيع، و قبضوا المائة دينار، و استثني عليهم المدرج و العكاز.

فلما انفصل الأمر قال [الحسين بن روح]: هذه عكاز مولانا أبي محمد الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) التي



[ صفحه 222]



كانت في يده يوم توكيله سيدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) و وصيته اليه، و غيبته الي يومنا هذا؛

و هذه الحقة فيها خواتيم الأئمة (عليهم السلام) فأخرجها، فكانت - كما ذكرت من جواهرها و نقوشها و عددها؛

و كان في المدرج قنوت موالينا: الأئمة (عليهم السلام) و فيه قنوت مولانا: أبي محمد الحسن [المجتبي] ابن أميرالمؤمنين (عليهماالسلام) و أملاها علينا من حفظه، و كتبناها علي ما سطر في هذه المدرجة، و قال: احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمات الدين، و عزمات رب العالمين (جل و عز) و فيها بلاغ الي حين.

قنوت سيدنا الحسن [المجتبي] عليه السلام

«يا من بسلطانه ينتصر المظلوم، و بعونه يعتصم المكلوم سبقت مشيتك و تمت كلمتك، و أنت علي كل شي ء قدير، و بما تمضيه خبير.

يا حاضر كل غيب، و يا عالم كل سر، و ملجأ كل مضطر، ضلت فيك الفهوم، و تقطعت دونك العلوم، و انت الله الحي القيوم، الدائم الديموم.

قد تري ما أنت به عليم، و فيه حكيم، و عنه حليم، و أنت بالتناصر علي كشفه و العون علي كفه غير ضائق، و اليك مرجع كل أمر، كما عن مشيتك مصدره، و قد أبنت عن عقود كل قوم، و أخفيت سرائر آخرين، و أمضيت ما قضيت، و أخرت ما لا فوت عليك فيه، و حملت العقول ما تحملت في غيبك، ليهلك من هلك عن بينة، و يحيي من حي عن بينة.

و انك أنت السميع العليم، و الأحد البصير.

و أنت - اللهم - المستعان، و عليك التوكل، و أنت ولي ما (من خ ل) توليت، لك الأمر كله، تشهد الانفعال، و تعلم الاختلال، و تري تخاذل أهل الخبال، و جنوحهم الي ما جنحوا اليه من عاجل فان، و حطام عقباه حميم آن،



[ صفحه 223]



و قعود من قعد، و ارتداد من ارتد، و خلوي من النصار، و انفرادي من الظهار، و بك أعتصم و بحبلك استمسك، و عليك أتوكل؛

اللهم قد تعلم أني ما ذخرت جهدي، و لا منعت و جدي، حتي انفل حدي و بقيت و حدي، فاتبعت طريق من تقدمني في كف العادية، و تسكين الطاغية، عن دماء أهل المشايعة، و حرست ما حرسه أوليائي من أمر آخرتي و دنياي.

فكنت لغيظهم أكظم، و بنظامهم أنتظم، و لطريقهم أتسنم، و بميسمهم أتسم حتي يأتي نصرك، و أنت ناصر الحق و عونه، و ان بعد المدي عن المرتاد، و نأي الوقت عن افناء الأضداد؛

اللهم صل علي محمد و آله، و امرجهم [الأعداء] مع النصاب في سرمد العذاب، و أعم عن الرشد أبصارهم، و سكعهم في غمرات لذاتهم، حتي تأخذهم بغتة و هم غافلون و سحرة و هم نائمون، بالحق الذي تظهره، و اليد التي تبطش بها، و العلم الذي تبديه، انك كريم عليم».

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«اللهم انك الرب الرؤف الملك العطوف، المتحنن المألوف، و أنت غياث الحيران الملهوف، و مرشد الضال المكفوف، تشهد خواطر أسرار المسرين كمشاهدتك أقوال الناطقين؛

أسألك بمغيبات علمك في بواطن اسرار سرائر المسرين اليك أن تصلي علي محمد و آله، صلاة تسبق بها من اجتهد من المتقدمين، و تتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين، و أن تصل الذي بيننا و بينك صلة من صنعته لنفسك، و اصطنعته لغيبك، فلم تتخطفه خاطفات الظنن، و لا واردات الفتن، حتي نكون لك في الدنيا مطيعين، و في الآخرة في جوارك خالدين».

قنوت الامام الحسين بن علي (عليه السلام)

«اللهم منك البدء و لك المشية، و لك الحول و لك القوة، و أنت الله الذي



[ صفحه 224]



لا اله الا أنت، جعلت قلوب أوليائك مسكنا لمشيتك، و مكمنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب أوامرك و نواهيك؛

فأنت - اذا شئت ما تشاء - حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم، و أبدأت من ارادتك - علي ألسنتهم - ما أفهمتهم به عنك في عقودهم، بعقول تدعوك، و تدعو اليك بحقائق ما منحتهم به؛

و اني لأعلم مما علمتني مما أنت المشكور علي مامنه أريتني، و اليه آويتني؛

اللهم و اني - مع ذلك كله - عائذ بك، لائذ بحولك و قوتك، راض بحكمك الذي سقته الي في علمك، جار بحيث أجريتني، قاصد ما أممتني، غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عني، اذ به قد رضيتني، و لا قاصر بجهدي عما اليه ندبتني مسارع لما عرفتني، شارع فيما أشرعتني، مستبصر فيما بصرتني، مراع ما أرعيتني، فلا تخلني من رعايتك، و لا تخرجني من عنايتك، و لا تقعدني عن حولك و لا تخرجني عن مقصد أنال به ارادتك؛

و اجعل علي البصيرة مدرجتي، و علي الهداية محجتي، و علي الرشاد مسلكي حتي تنيلني و تنيل بي امنيتي، و تحل بي علي ما به أردتني، و له خلقتني و اليه آويتني (آويت بي خ ل).

واعذ أوليائك من الافتنان بي، و فتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء، و الاستخلاص بسلوك طريقتي، و اتباع منهجي، و ألحقني بالصالحين من آبائي، و ذوي رحمي (لحمتي خ ل)؛

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«اللهم من آوي الي مأوي فأنت مأواي، و من لجأ الي ملجأ فأنت ملجأي، اللهم صل علي محمد و آل محمد، و اسمع ندائي، و أجب دعائي، و اجعل مآبي عندك و مثواي و احرسني في بلواي من افتنان الامتحان، و لمة الشيطان، بعظمتك التي لا يشوبها ولع نفس بتفتين، و لا وارد طيف بتظنين، و لا يلم بها فرح حتي تقلبني اليك بارادتك غير ظنين و لا مظنون، و لا مراب و لا مرتاب انك



[ صفحه 225]



ارحم الراحمين».

دعاء الامام زين العابدين (عليه السلام)

اللهم ان جبلة البشرية، و طباع الانسانية، و ما جرت عليه تركيبات النفسية و انعقدت به عقود النسبية (النشئية خ ل) تعجز عن حمل واردات الأقضية الا ما وفقت له أهل الاصطفاء، و أعنت عليه ذوي الاجتباء؛

اللهم و ان القلوب في قبضتك، و المشية لك في ملكتك، و قد تعلم - أي رب - ما الرغبة اليك في كشفه واقعة لأوقاتها بقدرتك، واقفة بحدك من ارادتك، و اني لأعلم أن لك دار جزاء من الخير و الشر، مثوبة و عقوبة، و أن لك يوما تأخذ فيه بالحق، و أن أناتك أشبه الأشياء بكرمك، و أليقها بما وصفت به نفسك في عطفك و تراؤفك، و أنت بالمرصاد لكل ظالم في وخيم عقباه و سوء مثواه؛

اللهم و انك قد أوسعت خلقك رحمة و حلما، و قد بدلت أحكامك، و غيرت سنن نبيك، و تمرد الظالمون علي خلصائك، و استباحوا حريمك، و ركبوا مراكب الاستمرار علي الجرأة عليك؛

اللهم فبادرهم بقواصف سخطك، و عواصف تنكيلاتك، و اجتثاث غضبك و طهر البلاد منهم، و عف عنها آثارهم، و احطط من قاعاتها و مظانها منارهم، و اصطلمهم ببوارك، حتي لا تبقي منهم دعامة لناجم، و لا علما لآم، و لا مناصا لقاصد، و لا رائدا لمرتاد؛

اللهم امح آثارهم، و اطمس علي أموالهم، و ديارهم، و امحق اعقابهم، و افكك أصلابهم، و عجل الي عذابك السرمد انقلابهم، و أقم للحق مناصبه، و اقدح للرشاد ناره، و أثر للثار مثيره، و أيد بالعون مرتاده، و وفر من النصر زاده، حتي يعود الحق بجدته (بحدبه خ ل) و ينير معالم مقاصده، و يسلكه أهله بالأمنة حق سلوكه انك علي كل شي ء قدي».



[ صفحه 226]



و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«اللهم أنت المبين البائن، و أنت المكين الماكن الممكن، اللهم صل علي آدم بديع فطرتك، و بكر حجتك، و لسان قدرتك، و الخليفة في بسيطتك، و أول مجتبي للنبوة برحمتك، و ساحف شعر رأسه تذللا لك في حرمك لعزتك، و منشئي من التراب نطق اعرابا بوحدانيتك، و عبد لك أنشأته لامتك، و مستعيذ بك من مس عقوبتك؛

و صل علي ابنه الخالص من صفوتك، و الفاحص عن معرفتك، و الغائص المأمون عن مكنون سريرتك بما أوليته من نعمك و معونتك، و علي من بينهما من النبيين و المرسلين و الصديقين و الشهداء و الصالحين؛

و أسألك - اللهم - حاجتي التي بيني و بينك، لا يعلمها أحد غيرك، أن تأتي قضائها و امضائها في يسر منك، و شد أزر، و حط وزر؛

يامن له نور لا يطفي، و ظهور لا يخفي، و امور لا تكفي.

اللهم اني دعوتك دعاء من عرفك، و تبتل (تسبل خ ل) اليك، و آل بجميع بدنه اليك، سبحانك، طوت الأبصار في صنعتك مديدتها، و ثنت الألباب عن كنهك أعنتها، فأنت المدرك غير المدرك، و المحيط غير المحاط، و عزتك لتفعلن، و عزتك لتفعلن [و عزتك لتفعلن].

قنوت الامام أبي جعفر محمد بن علي الباقر

اللهم ان عدوك قد استسن في غلوائه (غلوانه خ ل)، و استمر في عدوانه، و أمن - بما شمله من الحلم - عاقبة جرأته عليك، و تمرد في مباينتك؛

و لك - اللهم - لحظات سخط بياتا و هم نائمون، و نهارا و هم غافلون، و جهرة و هم يلعبون، و بغتة و هم ساهون؛

و ان الخناق قد اشتد، و الوثاق قد احتد، و القلوب شجيت (محيت خ ل) و العقول قد تنكرت، و الصبر قد أودي، و كاد تنقطع حبائله، فانك لبالمرصاد من



[ صفحه 227]



الظالم، و مشاهدة من الكاظم [للغيظ] لا يعجلك فوت درك، و لا يعجرك احتجاز محتجز، و انما مهلته استثباتا، و حجتك - علي الأحوال - البالغة الدامغة؛

و بعبيدك ضعف البشرية، و عجز الانسانية، و لك سلطان الالهية و ملكة الربوبية، و بطشة الأناة، و عقوبة التأبيد.

اللهم فان كان في المصابرة لحرارة المعان من الظالمين، و كيد من نشاهد من المبدلين، رضي لك، و مثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد، و عونا من التسديد الي حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته أشقيته من بريتك، و امنن علينا بالتسليم لمحتويات أقضيتك، و التجرع لواردات أقدارك، و هب لنا محبة لما أحببت في متقدم و متأخر، و متعجل و متأجل، و الايثار لما اخترت في مستقرب و مستبعد، و لا تخلنا - اللهم - مع ذلك من عواطف رأفتك و رحمتك، و كفايتك و حسن كلاءتك، بمنك و كرامك».

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«يا من يعلم هو اجس السرائر، و مكامن الضمائر، و حقائق الخواطر، يا من هو لكل غيب حاضر، و لكل منسي ذاكر، و علي كل شي ء قادر، و الي الكل ناضر؛.

بعد المهل، و قرب الأجل، و ضعف العمل، و أرأب الأمل، و آن المنتقل أنت - يا الله - الآخر كما أنت الأول، مبيد ما أنشأت و مصيرهم الي البلي، و مقلدهم أعمالهم، و محملها ظهورهم، الي وقت نشورهم، من بعثة قبورهم، عند نفخة الصور، و انشقاق السماء بالنور، و الخروج بالمنشر الي ساحة المحشر؛

لا يرتد اليهم طرفهم، و أفئدتهم هواء، متراطمين في غمة مما أسلفوا، و مطالبين بما احتقبوا، و محاسبين - هناك - علي ما ارتكبوا؛

الصحائف في الأعناق منشورة، و الأوزار علي الظهور مأزورة، لا انفكاك و لا مناص، و لا محيص عن القصاص، قد أفحمتهم الحجة، و حلوا في حيرة المحجة، و همس الضجة، معدول بهم عن المحجة، الا من سبقت له من الله



[ صفحه 228]



الحسني، فنجي من هول المشهد، و عظيم المورد، و لم يكن ممن في الدنيا تمرد، و لا علي أولياء الله تعند، و لهم استعبد، و عنهم تفرد؛

اللهم فان القلوب قد بلغت الحناجر، و النفوس قد علت التراقي، و الأعمار قد نفدت بالانتظار، لا عن نقص استبصار، و لا عن اتهام مقدار، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك، و الخلاف عليك في أوامرك و نواهيك، و التلعب بأوليائك و مظاهرة أعدائك؛

اللهم فقرب ما قد قرب، و أورد ما قد دني، و حقق ظنون الموقنين، و بلغ المؤمنين، تأميلهم من اقامة حقك، و نصر دينك، و اظهار حجتك، و الأنتقام من أعدائك».

قنوت الامام جعفر الصادق (عليه السلام)

يامن سبق علمه، و نفذ حكمه، و شمل حلمه، صل علي محمد و آل محمد، أزل حلمك عن ظالمي، و بادره بالنقمة، و عاجله بالاستيصال، و كبه لمنخره، و اغصصه بريقه، و اردد كيده في نحره، و حل بيني و بينه بشغل شاعل مؤلم، و سقم دائم، و امنعه التوبة، و حل بينه و بين الانابة، و اسلبه روح الراحة، و اشدد عليه الوطأة، و خذ منه بالمخنق، و حشرجه في صدره، و لا تثبت له قدما، و أثكله، و نكله، و اجتثه، و اجتث راحته و استأصله، و جثه، و جث نعمتك عنه، و ألبسه الصغار، و اجعل عقباه النار، بعد محو آثاره، و سلب قراره، و اجهار قبيح آصاره، و أسكنه دار بواره و لا تبق له ذكرا، و لا تعقبه من مستخلف أجرا؛

اللهم بادره (ثلاث مرات) اللهم عاجله (ثلاث مرات) اللهم لا تؤجله (ثلاث مرات، اللهم خذه (ثلاث مرات) اللهم اسلبه التوفيق (ثلاث مرات) اللهم لا تنهضه، اللهم لا ترثه اللهم لا تؤخره، اللهم عليك به، اللهم اشدد قبضتك عليه؛

اللهم بك اعتصمت عليه، و بك استجرت منه، و بك تواريت عنه، و بك



[ صفحه 229]



استكففت (استكهفت خ ل) دونه، و بك استترت من ضرائه؛

اللهم احرسني - بحراستك - منه و من عداتك (عذابك خ ل) و اكفني - بكفايتك - كيده و كيد بغاتك، اللهم احفظني بحفظ الايمان، و أسبل علي سترك الذي سترت به رسلك عن الطواغيت، و حصني بحصنك الذي وقيتهم من الجوابيت، اللهم أيدني منك بنصر لاينفك، و عزيمة صدق لا تحل (لا تختل خ ل) و جللني بنورك، و اجعلني متدرعا بدرعك الحصينة الواقية، و اكلأني بكلاءتك الكافية، انك واسع لما تشاء، و ولي من لك توالي، و ناصر من اليك آوي، و عون من بك استعدي، و كافي من بك استكفي، و العزيز الذي لا يمانع عما يشاء، و لا قوة الا بالله، و هو حسبي، عليه توكلت و هو رب العرش العظيم».

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«يا مأمن الخائف، و كهف اللاهف، و جنة العائذ، و غوث اللائذ، خاب من اعتمد سواك، و خسر من لجأ الي دونك، و ذل من اعتز بغيرك، و افتقر من استغني عنك؛

اليك - اللهم - المهرب، و منك - اللهم - المطلب، اللهم قد تعلم عقد ضميري عند مناجاتك، و حقيقة سريرتي عند دعائك، و صدق خالصتي باللجأ اليك، فأفزعني اذا فرغت اليك، و لا تخذلني اذا اعتمدت عليك، و بادرني بكفايتك، و لا تسلبني وفق «رفق خ ل» عنايت، و خذ ظالمي - الساعة الساعة - أخذ عزيز مقتدر عليه مستأصل شافته، مجتث قائمته، حاط دعامته، متبر (مبير خ ل) له، مدمر عليه،

اللهم بادره قبل أذيتي، و اسبقه - بكفايتك - كيده و شره و مكروهه، و غمزه، و سوء عقده و قصده؛

اللهم اني اليك فوضت أمري، و بك تحصنت منه، و من كل من يتعمدني بمكروهه، و يترصدني بأذيته، و يصلت لي بطانته، و يسعي علي بمكائده؛



[ صفحه 230]



اللهم كدلي و لا تكد علي، و امكر و لا تمكر بي، و أرني الثار من كل عدو أو مكار، و لا يضرني ضار و أنت وليي، و لا يغلبني مغالب و أنت عضدي، و لا تجري علي مساءة و أنت كنفي، اللهم بك استذرعت (استدرعت خ ل) و اعتصمت، و عليك توكلت، و لا حول و لا قوة الا بك».

قنوت الامام موسي بن جعفر (عليه السلام)

«يا مفزع الفازع، و مأمن الهالع، و مطمع الطامع، و ملجأ الضارع، يا غوث اللهفان، و مأوي الحيران، و مروي الظمآن، و مشبع الجوعان، و كاسي العريان، و حاضر كل مكان بلادرك و لا عيان، و لا صفة و لا بطان؛

عجزت الأفهام، و ضلت الأوهام عن موافقة صفة دابة من الهوام فضلا عن الأجرام العظام مما أنشأت حجابا لعظمتك، و أني يتغلغل الي ما وراء ذلك (مما خ ل) بما لا يرام.

تقدست يا قدوس عن الظنون و الحدوس، و أنت الملك القدوس، باري ء الأجسام و النفوس، و منخر العظام، و مميت الأنام، و معيدها بعد الفناء و التطميس؛

أسألك يا ذا القدرة و العلاء، و العزة و الثناء أن تصلي علي محمد و آله اولي النهي، و المحل الأوفي، و المقام الأعلي، و أن تعجل ما قد تأجل، و تقدم ما قد تأخر، و تأتي بما قد وجب اتيانه (قد أوجبت اثباته) و تقرب ما قد تأخر - في النفوس الحصرة - أوانه، و تكشف البأس، و سوء اللباس، و عوارض الوسواس الخناس في صدور الناس و تكفينا ما قد رهقنا، و تصرف عنا ما قد ركبنا، و تبادر اصطلام الظالمين، و نصر المؤمنين و الادالة من المعاندين (العاندين خ ل) آمين رب العالمين».

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«اللهم اني و فلان بن فلان: عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم



[ صفحه 231]



مستقرنا و مستودعنا، و منقلبنا و مثوانا، و سرنا و علانيتنا، تطلع علي نياتنا، و تحيط بضمائرنا؛

علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره و لا ينطوي عنك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من أحوالنا، و لا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب لنا نفوتك به، و لا يمنع الظالم منك حصونه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و لا يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك معاز بكثرة، أنت مدركه أينما سلك، و قادر عليه أينما لجأ؛

فمعاذ المظلوم منا بك، و توكل المقهور منا عليك، و رجوعه اليك، و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأفنية، و يطرق بابك اذا اغلقت عنه الأبواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك، و تعلم ما يصلحه قبل أن يدعوك له: فلك الحمد سميعا لطيفا عليما خبيرا؛

و انه قد كان في سابق علمك، و محكم قضائك، و جاري قدرك، و نافذ أمرك و قاضي حكمك، و ماضي مشيتك في خلقك أجمعين: شقيهم و سعيدهم، و برهم و فاجرهم أن جعلت - لفلان بن فلان - علي قدرة فظلمني بها و بغي علي بمكانها، و استطال و تعزز بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر و افتخر بعلو حاله الذي نولته، و غره املاؤك له، و أطغاه حلمك عنه، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم أقدر علي الانتصاف (الاستنصاف خ ل) منه لضعفي، و لا علي الانتصار منه لقلتي و ذلي، فوكلت أمره اليك، و توكلت - في شأنه - عليك، و توعدته بعقوبتك، و حذرته ببطشك، و خوفته نقمتك، فظن أن حلمك عنه من ضعف و حسب أن املاءك له عن عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي.

لكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه، و لج في عدوانه، و استشري في طغيانه جرأة عليك يا سيدي و مولاي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن



[ صفحه 232]



الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين؛

فها أنا ذا - يا سيدي - مستغصف في يده، مستضام تحت سلطانه، مستذل بفنائه، مبغي علي، مرعوب و جل، خائف مروع مقهور، قد قل صبري، و ضاعت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت عني الجهات الا جهتك، و التبست علي اموري في دفع مكروهه عني، و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من خلقك، و أسلمني من تعلقت به من عبادك؛

فاستثرت نصيحي فأشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا اليك، فرجعت اليك - يا مولاي - صاغرا راغما مستكينا، عالما أنه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك، أتنجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي، لأن قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و قد قلت - تباركت و تعاليت: «و من بغي عليه لينصرنه الله» [7] و قلت - جل ثناؤك، و تقدست اسماؤك -: «ادعوني أستجب لكم».

فانا فاعل ما أمرتني به، لامنا عليك، و كيف أمن به و أنت عليه دللتني فصل علي محمد و آل محمد و استجب لي كما وعدتني، يا من لا يخلف الميعاد؛

و اني لأعلم - يا سيدي - أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنك لا يسبقك معاند، و لا يخرج من قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي و هلعي لا يبلغان الصبر علي أناتك و انتظار حلمك؛

فقدرتك - يا سيدي - فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان أنظرته، و قد أضرني - يا سيدي - حلمك عن فلان، و طول أناتك له، و امهالك اياه، فكاد



[ صفحه 233]



القنوط يستولي علي لولا الثقة بك، و اليقين بوعدك؛

فان كان في قضائك النافذ، و قدرتك الماضية أنه ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي، و يكف عن مكروهي، و نتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آل محمد و أوقع ذلك في قلبه، الساعة الساعة الساعة، قبل ازالة نعمتك التي أنعمت به علي، و تكدير معروفك الذي صنعته عندي؛

و ان كان في علمك به غير ذلك من مقامه علي ظلمي فاني أسألك - يا ناصر المظلومين المبغي عليهم - اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آل محمد، و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و افجأه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و أعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مفرق، و أعره من نعمتك التي لا يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه باحسان؛

و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و أهلكه يا مهلك القرون الخالية، و أبره يا مبير الامم الظالمة، و اخذ له يا خاذل الفرق الباغية، و ابتر عمره، و ابتز ملكه، و عف أثره، و اقطع خبره، و أطف ناره، و أظلم نهاره، و كور شمسه، و أزهق نفسه و اهشم سوقه [جمع ساق] وجب سنامه، و ارغم أنفه، و عجل حتفه، و لا تدع له جنة الا هتكتها، و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته؛

و أرنا أنصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اشف - بزوال أمره - القلوب الوجلة، و الافئدة اللهفة؛ و الامة المتحيرة، و البرية الضائعة؛

و أدل - ببواره - الحدود المعطلة، و السنن الدائرة، و الأحكام المهملة، و المعالم المغبرة (المغيرة خ ل) و الآيات المحرفة، و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المشاهد المهدومة، و أشبع به الخماص الساغبة، و أرو به اللهوات اللاغبة، و الأكباد الظامئة و أرح به الأقدام المتعبة، و اطرقه بليلة لا اخت لها،



[ صفحه 234]



و بساعة لا مثوي فيها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و أبح حريمه و نغص نعيمه، و أره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي فوق قدرته، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه؛

و اغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد، و امنعني منه بمنعك الذي كل خلق فيه ذليل، و ابتله بفقر لا تجبره، و بسوء لا تستره، و كله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد، و ابرأه من حولك، و قوتك، و لكه الي حوله و قوته؛

و أزل مكره بمكرك، و ادفع مشيته بمشيتك، و اسقم جسده، و أيتم ولده و انقص (اقض خ ل) أجله، و خيب أمله، و أزل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، و صير كيده في ضلال، و أمره الي زوال، و نعمته الي انتقال و جده في سفال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مآل، و أمته بغيظه الي أمته، و أبقه بحسرته ان أبقيته، و قني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه لمحة تدمر بها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا».

أقول: قد ذكرنا هذا الدعاء في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) و ذكرنا - هناك - كلام الامام الهادي (عليه السلام) انه قال:

«لما بلغ مني الجهد رجعت الي كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون و السلاح و الجنن [جمع جنة] و هو دعاء المظلوم علي الظالم فدعوت به عليه [المتوكل] فأهلكه الله...».

قنوت الامام علي بن موسي الرضا (عليه السلام)

الفزع الفزع اليك، يا ذا المحاضرة، و الرغبة الرغبة اليك يا من المفاخرة و أنت - اللهم - مشاهد هواجس النفوس، و مراصد حركات القلوب، و مطالع مسرات السرائر من غير تكلف و لا تعسف؛

و قد تري - اللهم - ما ليس عنك بمنطوي، ولكن حلمك آمن أهله عليه جرأة و تمردا و عتوا و عنادا، و ما يعانيه أولياؤك من تعفية آثار الحق، و دروس



[ صفحه 235]



معالمه، و تزيد الفواحش، و استمرار أهلها عليه، و ظهور الباطل، و عموم التغاشم و التراضي بذلك في المعاملات و المتصرفات، قد جرت به العادات، و صار كالمفروضات و المسنونات؛

اللهم فبادرنا منك بالعون الذي من أعنته به فاز، و من أيدته لم يخف لمز لماز و خذ الظالم أخذا عنيفا، و لا تكن له راحما و لا به رؤفا؛

اللهم اللهم اللهم بادرهم، اللهم عاجلهم، اللهم لا تمهلهم، اللهم غادرهم بكرة و هجيرة و سحرة و بياتا و هم نائمون، و ضحي و هم يلعبون، و مكرا و هم يمكرون، و فجأة و هم آمنون؛

اللهم بددهم، و بدد أعوانهم، و اغلل أعضادهم، و اهزم جنودهم، و افلل حدهم، و اجتث سنامهم، و اضعف عزائمهم، اللهم امنحنا أكتافهم، و ملكنا أكنافهم، و بدلهم بالنعم النقم و بدلنا من محاذرتهم و بغيهم السلامة، و اغنمناهم أكمل المغنم، اللهم لا ترد عنهم بأسك الذي اذا حل بقوم فساء صباح المنذرين».

قنوت الامام محمد بن علي بن موسي (عليه السلام)

«اللهم منائحك متتابعة، و أياديك متوالية، و نعمك سابغة، و شكرنا قصير و حمدنا يسير، و أنت - بالتعطف علي من اعترف - جدير؛

اللهم و قد غص أهل الحق بالريق، و ارتبك أهل الصدق في المضيق، و أنت - اللهم - بعبادك و ذوي الرغبة اليك شفيق، و باجابة دعائهم و تعجيل الفرج عنهم حقيق؛

اللهم فصل علي محمد و آل محمد، و بادرنا منك بالعون الذي لا خذلان بعده، و النصر الذي لا باطل يتكأده، و أتح لنا من لدنك متاحا فياحا، يأمن فيه وليك، و يخيب فيه عدوك، و تقام فيه معالمك، و تظهر فيه أوامرك، و تنكف فيه عوادي عداتك.

اللهم بادرنا منك بدار الرحمة، و بادر أعدائك من بأسك بدار النقمة،



[ صفحه 236]



اللهم أعنا و أغثنا، و ارفع نقمتك عنا، و أحلها بالقوم الظالمين».

و دعا (عليه السلام) في قنوته:

اللهم أنت الأول بلا أولية معدودة، و الآخر بلا آخرية محدودة، أنشأتنا لا لعلة اقتسارا، و اخترعتنا لا لحاجة اقتدارا، و ابتدعتنا بحكمتك اختيارا و بلوتنا - بأمرك و نهيك - اختبارا، و أيدتنا بالآلات، و منحتنا بالأدوات، و كلفتنا الطاقة، و جشمتنا الطاعة، فأمرت تخييرا، و نهيت تحذيرا، و خولت كثيرا، و سألت يسيرا؛

فعصي أمرك فحلمت، و جهل قدرك فتكرمت، فأنت رب العزة و البهاء و العظمة و الكبرياء، و الاحسان و النعماء، و المن و الآلاء، و المنح و العطاء، و الانجاز و الوفاء، لا تحيط القلوب لك بكنه، و لا تدرك الأوهام لك صفة، و لا يشبهك شي ء من خلقك، و لا يمثل بك شي ء من صنعتك، تباركت أن تحس أو تمس، أو تدركك الحواس الخمس، و أني يدرك مخلوق خالقه؟ و تعاليت - يا آلهي - عما يقول الظالمون علوا كبيرا؛

اللهم أدل لأوليائك من أعدائك الظالمين، الباغين الناكثين القاسطين المارقين الذين أضلوا عبادك، و حرفوا كتابك، و بدلوا أحكامك، و جحدوا حقك، و جلسوا مجالس أوليائك، جرأة منهم عليك، و ظلما منهم لأهل بيت نبيك (عليهم سلامك و صلواتك و رحمتك و بركاتك) فضلوا و أضلوا خلقك، و هتكوا حجاب سترك من عبادك، و اتخذوا - اللهم - مالك دولا، و عبادك خولا، و تركوا - اللهم - عالم أرضك في بكماء عمياء ظلماء مدلهمة، فأعينهم مفتوحة، و قلوبهم عمية، و لم تبق لهم - اللهم - عليك من حجة، لقد حذرت - اللهم - عذابك، و بينت نكالك، و وعدت المطيعين احسانك و قدمت اليهم بالنذر، فآمنت طائفة، و أيدت - اللهم - الذين آمنوا علي عدوك، و عدو أوليائك، فأصبحوا ظاهرين، و الي الحق داعين، و للامام المنتظر القائم بالقسط تابعين، و جدد - اللهم - علي أعدائك و أعدائهم نارك، و عذابك الذي لا تدفعه عن القوم الظالمين؛



[ صفحه 237]



اللهم صل علي محمد و آل محمد، و قو ضعف المخلصين لك بالمحبة، المشايعين لنا بالموالاة، و المتبعين لنا بالتصديق و العمل، المؤازرين لنا بالمواساة فينا، المحيين ذكرنا عند اجتماعهم، و شد - اللهم - ركنهم، و سدد لهم - اللهم - دينهم الذي ارتضيته لهم، و أتمم عليهم نعمتك، و خلصهم و استخلصهم، و سد - اللهم - فقرهم، و المم - اللهم - شعث فاقتهم، و اغفر - اللهم - ذنوبهم و خطاياهم، و لا تزغ قلوبهم بعد اذ هديتهم، و لا تخلهم - أي رب - بمعصيتهم، و احفظ لهم ما منحتهم به من الطهارة بولاية أوليائك، و البرائة من اعدائك انك سميع مجيب، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين أجميعن».

قنوت الامام مولانا الزكي علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام)

«مناهل كراماتك بجزيل عطياتك مترعة، و أبواب مناجاتك لمن أمك مشرعة و عطوف لحظاتك لمن ضرع اليك غير منقطعة، و قد الجم الحذار، و اشتد الاضطرار و عجز عن الاصطبار أهل الانتظار (الانتصار خ ل) و أنت - اللهم - بالمرصد من المكار؛

اللهم و غير مهمل مع الامهال، و اللائذ بك آمن، و الراغب اليك غانم و القاصد - اللهم - لبابك - سالم.

اللهم فعاجل من قد استن في طغيانه، و استمر علي جهالته لعقباه في كفرانه، و أطمعه حلمك عنه في نيل ارادته، فهو يتسرع الي أوليائك بمكارهه و يواصلهم بقبائح مراصده، و يقصدهم في مظانهم بأذيته؛

اللهم اكشف العذاب عن المؤمنين، و ابعثه جهرة علي الظالمين،

اللهم اكفف العذاب عن المستجيرين، واصببه علي المغترين (المفترين، المغيرين خ ل) اللهم بادر عصبة الحق بالعون، و بادر أعوان الظلم بالقصم، اللهم اسعدنا بالشكر و امنحنا النصر، و أعذرنا من سوء البداء و العاقبة و الختر».



[ صفحه 238]



و دعا (عليه السلام) في قنوته:

«يا من تفرد بالربوبية، و توحد بالوحدانية، يا من أضاء باسمه النهار، و أشرقت به الأنوار، و أظلم بأمره حندس الليل، و هطل بغيثه وابل السيل يا من دعاه المضطرون فأجابهم، و لجأ اليه الخائفون فآمنهم، و عبده الطائعون فشكرهم، و حمده الشاكرون فأثابهم، ما أجل شأنك، و أعلي سلطانك، و أنفذ أحكامك؛

أنت الخالق بغير تكلف، و القاضي بغير تحيف، حجتك البالغة، و كلمتك الدامغة بك اعتصمت و تعوذت من نفثات العندة، و رصدات الملحدة، الذين ألحدوا في أسمائك و رصدوا بالمكاره لأوليائك، و أعانوا علي قتل أنبيائك و أصفيائك، و قصدوا لاطفاء نورك باذاعة سرك، و كذبوا رسلك، و صدوا عن آياتك، و اتخذوا - من دون رسولك و دون المؤمنين - وليجة رغبة عنك، و عبدوا طواغيتهم و جوابيتهم بدلا منك، فمننت علي أوليائك بعظيم نعمائك، و جدت عليهم بكريم آلائك، و أتممت لهم ما أوليتهم بحسن جزائك، حفظا لهم من معاندة الرسل، و ضلال السبل، و صدقت لهم بالعهود ألسنة الاجابة، و خشعت لك بالعقود قلوب الانابة؛

أسألك - اللهم - باسمك الذي خشعت له السموات و الأرض، و أحييت به موات الأشياء، و أمت به جميع الأحياء، و جمعت به كل متفرق، و فرقت به كل مجتمع، و أتممت به الكلمات، و أريت به كبري الآيات، و تبت به علي التوابين و أخسرت به عمل المفسدين، فجعلت عملهم هباء منثورا، و تبرتهم تتبيرا أن تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تجعل شيعتي من الذين حملوا فصدقوا، و استنطقوا فنطقوا آمنين مأمونين؛

اللهم اني أسألك - لهم - توفيق أهل الهدي، و أعمال أهل اليقين، و مناصحة أهل التوبة، و عزم أهل الصبر، و تقية أهل الورع، و كتمان الصديقين، حتي يخافوك - اللهم - مخافة تحجزهم عن معاصيك، و حتي يعملوا بطاعتك،



[ صفحه 239]



لينالوا كرامتك و حتي يناصحوا لك، و فيك خوفا منك، و حتي يخلصوا لك النصيحة في التوبة حبا لك فتوجب لهم محبتك التي أوجبتها للتوابين، و حتي يتوكلوا عليك في امورهم كلها حسن ظن بك، و حتي يفوضوا اليك امورهم ثقة بك؛

اللهم لا تنال طاعتك الا بتوفيقك، و لا تنال درجة من درجات الخير الا بك، اللهم يا مالك يوم الدين، العالم بخفايا صدور العالمين، طهر الأرض من نجس أهل الشرك، و أخرس الخراصين عن تقولهم علي رسولك الافك؛

اللهم اقصم الجبارين، و أبر المفترين، و أبد الأفاكين، الذين اذا تتلي عليهم آيات الرحمن قالوا أساطير الأولين؛

و أنجز لي وعدك انك لا تخلف الميعاد، و عجل فرج كل طالب مرتاد، انك لبالمرصاد للعباد، و أعوذ بك من كل لبس ملبوس، و من كل قلب عن معرفتك محبوس، و من كل نفس تكفر اذا أصابها بؤس، و من واصف عدل عمله عن العدل معكوس، و من طالب للحق و هو عن صفات الحق منكوس، و من مكتسب اثم باثمه مركوس، و من وجه عند تتابع النعم عليه عبوس، أعوذ بك من ذلك كله و من نظيره و أشكاله و أمثاله، انك علي عليم حكيم».

قنوت مولانا الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)

«يا من غشي نوره الظلمات، يا من أضاءت بقدسه الفجاج المتوعرات يا من خشع له أهل الأرض و السموات، يا من بخع له بالطاعة كل متجبر عات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شي ء رحمة و علما، فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك، و قهم عذاب الجحيم، و عاجلهم بنصرك الذين وعدتهم، انك لا تخلف الميعاد، و عجل - اللهم - اجتياح أهل الكيد، و آوهم (أوبهم خ ل) الي شر دار في أعظم نكال و أقبح مثاب (متاب خ ل).

اللهم انك حاضر أسرار خلقك، و عالم بضمائرهم، و مستغن - لولا



[ صفحه 240]



الندب باللجأ الي تنجز ما وعدت اللاجين (وعدته اللاجي) - عن كشف مكامنهم، و قد تعلم - يا رب - ما اسره و ابديه، و أنشره و أطويه، و أظهره و اخفيه، علي متصرفات أوقاتي، و أصناف حركاتي في جميع حاجاتي؛

و قد تري - يا رب - ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، و استمر عليهم من اعدائك، غير ظنين في كرم، و لا ضنين بنعم، لكن الجهد يبعث علي الاستزادة، و ما أمرت به من الدعاء - اذا أخلص لك اللجأ يقتضي احسانك - شرط الزيادة، و هذه النواصي و الأعناق خاضعة لك بذل العبودية، و الاعتراف بملكة الربوبية، داعية بقلوبها، و مشخصات (محصنات خ ل) اليك في تعجيل الانالة، و ما شئت كان، و ما تشاء كائن؛

أنت المدعو المرجو، المأمول المسئول، لا ينقصك نائل و ان اتسع، و لا يلحفك سائل و ان ألح و ضرع، ملكك لا يلحقه التنفيد، و عزك الباقي علي التأبيد، و ما في الأعصار من مشيتك بمقدار، و أنت الله لا اله الا أنت الرؤف الجبار، اللهم أيدنا بعونك، و اكنفنا بصونك، و أنلنا منال المعتصمين بحبلك المستظلين بظلك».

و دعا (عليه السلام) في قنوته، و أمر أهل قم بذلك لما شكوا من موسي بن بغا.

«الحمدلله (شكرا خ ل) شاكرا لنعمائه، و استدعاء لمزيده، و استخلاصا له و به (استجلابا لرزقه خ ل) دون غيره، و عياذا به من كفرانه، و الالحاد في عظمته و كبريائه؛

حمد من يعلم أن ما به من نعماء فمن عند ربه، و ما مسه من عقوبة فبسوء جناية يده، و صلي الله علي محمد عبده و رسوله، و خيرته من خلقه، ذريعة المؤمنين الي رحمته، و آله الطاهرين ولاة أمره؛

اللهم انك ندبت الي فضلك، و أمرت بدعائك، و ضمنت الاجابة لعبادك و لم تخيب من فزع اليك برغبة، و قصد اليك بحاجة، و لم ترجع يد طالبة صفرا



[ صفحه 241]



من عطائك، و لا خائبة من نحل هباتك، و أي راحل رحل اليك فلم يجدك قريبا أو أي وافد وفد عليك فاقتطعته عوائد الرد دونك، بل أي محتفر من فضلك لم يمهه فيض جودك، و أي مستنبط لمزيدك أكدي دون استماحة سجال عطيتك.

اللهم و قد قصدت اليك برغبتي، و قرعت باب فضلك يد مسئلتي، و ناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، و وجدتك خير شفيع لي اليك، و قد علمت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر بفكري، أو يقع في خلدي، فصل - اللهم - دعائي اياك باجابتي، و اشفع مسألتي بنجح طلبتي؛

اللهم و قد شملنا زيغ الفتن، و استولت علينا غشوة الحيرة، و قارعنا الذل و الصغار، و حكم علينا غير المأمونين في دينك، و ابتز امورنا معادن الابن!! ممن عطل حكمك، و سعي في اتلاف عبادك، و افساد بلادك؛

اللهم و قد عاد فيئنا دولة بعد القسمة، و امارتنا غلبة بعد المشورة، و عدنا ميراثا بعد الاختيار للامة، فاشتريت الملاهي و المعازف بسهم اليتيم و الأرملة و حكم في أبشار المؤمنين أهل الذمة، و ولي القيام بامورهم فاسق كل قبيلة، فلا ذائد يذودهم عن هلكة، و لا راع ينظر اليهم بعين الرحمة، و لا ذو شفقة يشبع الكبد الحري من مسغبة، فهم اولو ضرع بدار مضيعة، و اسراء مسكنة، و حلفاء كآبة و ذلة.

اللهم و قد لا استحصد زرع الباطل، و بلغ نهايته، و استحكم عموده، و استجمع طريده، و خذرف وليده، و بسق فرعه، و ضرب بجرانه، اللهم فأتح له من الحق يدا حاصدة تضرع (تصدع خ ل) قائمة، و تهشم سوقه [جمع ساق] و تجب سنامه و تجدع مراغمه، ليستخفي الباطل بقبح صورته، و يظهر الحق بحسن حليته؛

اللهم و لا تدع للجور دعامة الا قصمتها، و لا جنة الا هتكتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا سرية ثقل الا خففتها، و لا قائمة علو الا حططتها، و لا رافعة علم الا نكستها، و لا خضراء الا أبرتها؛



[ صفحه 242]



اللهم فكور شمشه، و حط نوره، و اطمس ذكره، و أرم بالحق رأسه و فض جيوشه، و أرعب قلوب أهله، اللهم و لا تدع منه بقية الا أفنيت، و لا بنية الا سويت، و لا حلقة الا قصمت، و لا سلاحا الا أكللت، و لا حدا الا أفللت، و لا كراعا الا اجتحت، و لا حاملة علم الا نكست؛

اللهم و أرنا أنصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اسفر لنا عن نهار العدل، و أرناه سرمدا لا ظلمة فيه و نورا لا شوب معه، و اهطل علينا ناشئته، و أنزل علينا بركته، و أدل له ممن ناواه و انصره علي من عاداه؛

اللهم و أظهر به الحق، و أصبح به في غسق الظلم، و بهم الحيرة، اللهم و أحي به القلوب الميتة، و اجمع به الأهواء المتفرقة، و الآراء المختلفة، و أقم به الحدود المعطلة و الأحكام المهملة، و أشبع به الخماص الساغبة، و أرح به الأبدان اللاغبة المتعبة، كما ألهجتنا بذكره، و أخطرت ببالنا دعاءك له، و وفقتنا للدعاء اليه و حياشة أهل الغفلة عنه (اليه خ ل) و أسكنت في قلوبنا محبته و الطمع فيه، و حسن الظن بك لاقامة مراسمه، اللهم فآت لنا منه علي أحسن يقين، يا محقق الظنون الحسنة، و يا مصدق الآمال المبطنة (المبطئة خ ل)؛

اللهم و أكذب به المتألين عليك فيه، و اخلف به ظنون القانطين من رحمتك و الآيسين منه، اللهم اجعلنا سببا من أسبابه، و علما من أعلامه، و معقلا من معاقله، و نضر وجوهنا بتحليته، و أكرمنا بنصرته، و اجعل فينا خيرا تظهرنا له و به، و لا تشمت بنا حاسدي النعم، و المتربصين بنا حلول الندم، و نزول المثل؛

فقد تري - يا رب - براءة ساحتنا، و خلو ذرعنا من الاضمار لهم علي احنة و التمني لهم وقوع جائحة، و ما تنازل من تحصينهم بالعافية، و ما أضبوا لنا من انتهاز الفرصة، و طلب الوثوب بنا عند الغفلة؛

اللهم و قد عرفتنا من أنفسنا، و بصرتنا من عيوبنا خلالا نخشي أن تقعد بنا عن استيهال اجابتك، و أنت المتفضل علي غير المستحقين، و المبتدي ء



[ صفحه 243]



بالاحسان غير السائلين، فأت لنا من أمرنا علي حسب كرمك و جودك و فضلك و امتنانك انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد، انا اليك راغبون، و من جميع ذنوبنا تائبون؛

اللهم و الداعي اليك، و القائم بالقسط من عبادك، الفقير الي رحمتك، المحتاج الي معونتك علي طاعتك، اذ ابتدأته بنعمتك، و ألبسته أثواب كرامتك، و ألقيت عليه محبة طاعتك، ثبت و طأته في القلوب من محبتك، و وفقته للقيام بما أغمض فيه - أهل زمانه - من أمرك، و جعلته مفزعا لمظلومي عبادك، و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك، و مجددا لما عطل من أحكام كتابك، و مشيدا لما رد (دثر خ ل) من أعلام دينك و سنن نبيك (عليه و آله سلامك و صلواتك و رحمتك و بركاتك) فاجعله - اللهم - في حصانة من بأس المعتدين، و أشرق به القلوب المختلفة من بغاة الدين، و بلغ به أفضل ما بلغت به القائمين بقسطك من أتباع النبيين؛

اللهم و أذلل به من لم تسهم له في الرجوع الي محبتك، و من نصب له العداوة و ارم بحجرك الدامغ من أراد التأليب علي دينك باذلاله، و تشتيت أمره، و اغضب لمن لا ترة له و لا طائلة، و عادي الأقربين و الأبعدين فيك، منا منك عليه، لا منا منه عليك؛

اللهم فكما نصب نفسه غرضا فيك للأبعدين، و جاد ببذل مهجته لك في الذب عن حريم المؤمنين، و رد شر بغاة المرتدين المريبين، حتي اخفي ما كان جهر به من المعاصي، و أبدي ما كان نبذه العلماء وراء ظهورهم، مما أخذت ميثاقهم علي أن يبينوه للناس و لا يكتموه؛

و دعا الي افرادك بالطاعة، و ألا يجعل لك شريكا من خلقك، يعلو أمره علي أمرك، مع ما يتجرعه فيك من مرارات الغيظ، الجارحة بحواس القلوب و ما يعتوره من الغموم، و يفزع عليه من أحداث الخطوب، و يشرق به من الغصص التي لا تبتلعها الحلوق، و لا تحنو عليها الضلوع، من نظرة الي أمر من أمرك،



[ صفحه 244]



و لا تناله يده بتغييره و رده الي محبتك.

فاشدد - اللهم - أزره بنصرك، و أطل باعه فيما قصر عنه من اطراد الراتعين في حماك، و زده في قوته بسطة من تأييدك، و لا توحشنا من انسه، و لا تخترمه دون أمله من الصلاح الفاشي في أهل ملته، و العدل الظاهر في امته؛

اللهم و شرف بما استقبل به من القيام بأمرك لدي موقف الحساب مقامه و سر نبيك محمدا (صلواتك عليه و آله) برؤيته، و من تبعه علي دعوته، و أجزل له - علي ما رأيته قائما به من أمرك - ثوابه، و ابن قرب دنوه منك في حياته، و ارحم استكانتنا من بعده، و استخذاءنا لمن كنا نقمعه به اذ أفقدتنا وجهه، و بسطت أيدي من كنا نبسط أيدينا عليه لنرده عن معصيته، و افتراقنا (افترقنا خ ل) بعد الالفة و الاجتماع تحت ظل كنفه، و تلهفنا عند الفوت علي ما أقعدتنا عنه من نصرته، و طلبنا من القيام بحق ما لا سبيل لنا الي رجعته؛

و اجعله - اللهم - في أمن مما يشفق عليه منه، ورد عنه من سهام المكايد ما يوجهه أهل الشنآن اليه، و الي شركائه في أمره، و معاونيه علي طاعة ربه، الذين جعلتهم سلاحه و حصنه، و مفزعه و انسه، الذين سلوا عن الأهل و الأولاد، و جفوا الوطن، و عطلوا الوثير من المهاد، و رفضوا تجاراتهم، و أضروا بمعايشهم، و فقدوا في أنديتهم بغير غيبة عن مصرهم، و خاللوا البعيد ممن عاضدهم، و قلوا القريب ممن صد عنهم و عن جهتهم (و جهتهم خ ل)، فائتلفوا بعد التدابر و التقاطع في دهرهم، و قطعوا الأسباب المتصلة بعاجل حطام الدنيا؛

فاجعلهم - اللهم - في أمن حرزك، و ظل كنفك، و رد عنهم بأس من قصد اليهم بالعداوة من عبادك، و أجزل لهم علي دعوتهم من كفايتك و معونتك و أمدهم (أيدهم خ ل) بتأييدك و نصرك، و أزهق - بحقهم - باطل من أراد اطفاء نورك.

اللهم و املأ بهم كل افق من الآفاق، و قطر من الأقطار قسطا و عدلا، و مرحمة و فضلا، و اشكرهم علي حسب كرمك، وجودك ما مننت به علي



[ صفحه 245]



القائمين بالقسط من عبادك، و ادخرت لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات، انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد».

قنوت مولانا الحجة ابن الحسن (عليهماالسلام)

«اللهم صل علي محمد و آل محمد، و أكرم أولياءك بانجاز وعدك، و بلغهم درك ما يأملونه من نصرك، و اكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، و تمرد بمنعك علي ركوب مخالفتك، و استعان برفدك علي فل حدك، و قصد لكيدك بأيدك، و وسعته حلما لتأخذه علي جهرة، و تستأصله علي غرة، فانك - اللهم - قلت - و قولك الحق -: «حتي اذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناهم حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون» و قلت: «فلما آسفونا انتقمنا منهم»:

و ان الغاية - عندنا- قد تناهت، و انا لغضبك غاضبون، و انا علي نصر الحق متعاصبون، و الي ورود أمرك مشتاقون، و لانجاز وعدك مرتقبون، و لحلول و عيدك - بأعدائك - متوقعون؛

اللهم فأذن بذلك، و افتح طرقاته، و سهل خروجه، و وطأ مسالكه و اشرع شرائعه، و أيد جنوده و أعوانه، و بادر بأسك القوم الظالمين، و ابسط سيف نقمتك علي أعدائك المعاندين، و خذ بالثار انك جواد مكار.

و دعا (عليه السلام) في قنوته بهذا الدعاء:

اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء، بيدك الخير انك علي كل شي ء قدير، يا ماجد يا جواد، يا ذا الجلال و الأكرام، يا بطاش، يا ذا البطش الشديد، يا فعالا لما يريد، يا ذا القوة المتين، يا رؤف يا رحيم، يا لطيف يا حي حين لا حي؛

اللهم أسألك باسمك المخزون المكنون، الحي القيوم الذي استأثرت به في



[ صفحه 246]



علم الغيب عندك، و لم يطلع عليه أحد من خلقك، و أسألك باسمك الذي تصور به خلقك في الأرحام كيف تشاء، و به تسوق اليهم أرزاقهم في أطباق الظلمات، من بين العروق و العظام و أسألك باسمك الذي ألفت به بين قلوب أوليائك، و ألفت بين الثلج و النار، لا هذا يذيب هذا، و لا هذا يطفي ء هذا!!؛

و اسألك باسمك الذي كونت به طعم المياه، و أسألك باسمك الذي أجريت به الماء في عروق النبات بين أطباق الثري، و سقت الماء الي عروق الأشجار بين الصخرة الصماء، و أسألك باسمك الذي كونت به طعم الثمار و ألوانها، و اسألك باسمك الذي به تبدي ء و تعيد، و أسألك باسمك الفرد الواحد المتفرد بالوحدانية، المتوحد بالصمدانية و اسألك باسمك الذي فجرت به الماء من الصخرة الصماء و سقته من حيث شئت، و أسألك باسمك الذي خلقت به خلقك، و رزقتهم كيف شئت.

يا من لا تغيره الأيام و الليالي، أدعوك بما دعاك به نوح حين ناداك فأنجيته و من معه، و أهلكت قومه، و أدعوك بما دعاك به موسي كليمك حين ناداك، ففرقت (ففلقت خ ل) له البحر، فأنجيته و بني اسرائيل، و أغرقت فرعون و قومه في اليم، و ادعوك بما دعاك به عيسي روحك حين ناداك فنجيته من أعدائه، و اليك رفعته، و ادعوك بما دعاك به حبيبك و صفيك و نبيك محمد (صلي الله عليه و آله) فاستجبت له، و من الأحزاب نجيته و علي أعدائك نصرته، و أسألك باسمك الذي اذا دعيت به أجبت، يا من له الخلق و الأمر يا من أحاط بكل شي ء علما، و أحصي كل شي ء عددا؛

يا من لا تغيره الأيام و الليالي، و لا تتشابه عليه الأصوات، و لا تخفي عليه اللغات و لا يبرمه الحاج الملحين، أسألك أن تصلي علي محمد و آل محمد خيرتك من خلقك فصل عليهم بأفضل صلواتك، و صل علي جميع النبيين و المرسلين، الذين بلغوا عنك الهدي، و عقدوا لك المواثيق بالطاعة، و صل علي عبادك الصالحين؛



[ صفحه 247]



يا من لا يخلف الميعاد، أنجز لي ما وعدتني، و اجمع لي أصحابي، و صبرهم و انصرني علي أعدائك و أعداء رسولك، و لا تخيب دعوتي، فاني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، أسير بين يديك؛

سيدي أنت الذي مننت علي بهذا المقام، و تفضلت به علي دون كثير من خلقك أسألك أن تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تنجز لي ما وعدتني، انك انت الصادق و لا تخلف الميعاد، و أنت علي كل شي ء قدير» [8] .


پاورقي

[1] الكافي ج 1 / 329.

[2] نوع من الخشب لا تكاد تبليه الأرض.

[3] حواشيها: جوانبها.

[4] أي ذكر تاريخ اليوم و الشهر و السنة.

[5] غيبة الطوسي / 222.

[6] المدرج: الكتاب الملفوف المطوي، و العكازة: عصا في أسفلها زج، يتوكأ عليها الرجل، و الحقة - بضم الحاء -: وعاء منحوت من الخشب أو العاج و غيرهما.

[7] الآية هكذا: «ذلك و من عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله» و لعل الامام (عليه السلام) نقل الآية بالمعني.

[8] مهج الدعوات / 45 - 69.