بازگشت

رسائل الامام و كلماته


كان الامام العسكري (عليه السلام) بالرغم من الضغط و الكبت و الاضطهداد الذي كان يعانيه و بالرغم من الرقابة المشددة علي بيته و علي حركاته و سكناته و علي من يدخل و يخرج، و علي من له صلة بالامام، بالرغم من هذه الامور كلها،كان ينتهز الفرص ليؤدي بعض ما يلزم في حدود القدرة و الامكان؛

فتارة كان يجيب السائل علي سؤاله شفويا، و تارة كان يجيب علي الرسائل الموجهة اليه من شيعته أو غيرهم، و تارة كان يكتب بعض الرسائل حول القضايا الشرعية و الامور العقائدية و غيرها.

و قد ذكرنا - فيما مضي - ما ظفرنا به من الأخبار و الأحاديث حول هذه المواضيع، في تراجم أصحابه، مما يدل علي اهتمام الامام العسكري بامور شيعته في شتي الجوانب.

و نجعل ختام هذا الفصل بذكر بعض رسائل الامام و كلماته المفصلة منها و القصار؛

و قد ذكرنا في كل من كتاب الامام الجواد و الامام الهادي (عليهماالسلام) كلمة حول الكلمات القصار المروية عن النبي (صلي الله عليه و آله) و الأئمة الطاهرين، و لا داعي للتكرار، و انما نجلب انتباه القاري ء الذكي ان هذه



[ صفحه 277]



الكلمات أحسن تعاليم للحياة الدنيوية و الدينية و الاخروية، و كلها حكم و مواعظ و نصائح تعالج جميع مشاكل الحياة، الفردية و الاجتماعية:

و كتب أبومحمد (عليه السلام) الي أهل قم و آبة: [1] .

ان الله تعالي - بجوده و رأفته - قد من علي عباده بنبيه: محمد (صلي الله عليه و آله) بشيرا و نذيرا، و وفقكم لقبول دينه، و أكرمكم بهدايته، و غرس في قلوب أسلافكم الماضين (رحمة الله عليهم) و أصلابكم الباقين (تولي الله كفايتهم، و عمرهم طويلا في طاعته) حب العترة الهادية، فمضي من مضي علي و تيرة [2] الصواب، و منهاج الصدق، و سبيل الرشاد، فوردوا موارد الفائزين، و اجتنوا ثمرات ما قدموا و وجدوا غب [3] ما أسلفوا؛

و منها: فلم تزل نيتنا مستحكمة، و نفوسنا الي طيب آرائكم ساكنة، و القرابة الراسخة، بيننا و بينكم قوية، وصية أوصي بها أسلافنا و أسلافكم، و عهد عهد الي شبابنا و مشايخكم، فلم يزل علي جملة كاملة من الاعتقاد، لما جمعنا الله عليه من الحال القريبة، و الرحم الماسة، يقول العالم (سلام الله عليه) اذ يقول: «المؤمن أخو المؤمن لامه و أبيه» [4] .

و قال (عليه السلام) - لشيعته - في سنة ستين و مائتين -:

«أمرناكم بالتختم باليمين، و نحن بين ظهرانيكم، و الآن نأمركم بالتختم بالشمال لغيبتنا عنكم، الي أن يظهر الله أمرنا و أمركم؛

فانه من أدل دليل عليكم في ولايتنا - أهل البيت -».

فخلعوا خواتيمهم من أيمانهم بين يديه، و لبسوها في شمائلهم، و قال (عليه السلام) - لهم -: «حدثوا بهذا شيعتنا» [5] .



[ صفحه 278]



أقول: كان التختم باليد اليمني من السنة النبوية، و استمر الأمر علي هذا المنوال الي يوم تحكيم الحكمين في صفين!!

فان عمرو بن العاصي الذي كان يمثل معاوية بن أبي سفيان، و أباموسي الأشعري الذي فرضه الأشعث بن قيس - و أصحابه المنافقون ليكون ممثلا عن الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) - قررا خلع معاوية و الامام أميرالمؤمنين حتي يختار الناس لأنفسهم خليفة حسب رغبتهم.

و تقدم أبوموسي الأشعري و خلع الامام عليا - حسب زعمه - عن الخلافة، ثم تقدم ابن العاصي و قال:

«ان أباموسي خلع صاحبه، ولكنني اثبت صاحبي [معاوية] علي الخلافة».

و نزع الخاتم من يده اليمني، و تختم بيده اليسري؛

فصار التختم باليد اليسري سنة أموية.

و أما الشيعة فلم يعبأوا بهذا التلاعب، فكانوا يتختمون باليد اليمني عملا بالسنة النبوية.

فصار التختم باليد اليمني شعارا و علامة فارقة للشيعة، و التختم باليد اليسري شعارا لغيرهم و الي يومنا هذا لا يزال الطرفان ملتزمين بذلك.

و بناء علي هذا الخبر: أمر الامام العسكري (عليه السلام) - في أواخر أيام حياته - شيعته أن يتركوا هذا الشعار و العلامة حتي لا يعرفوا بها، خوفا من السلطات التي كانت تطارد الشيعة في عصور الأئمة الطاهرين، فكيف بعد وفاة الامام العسكري (عليه السلام)؟

حيث أصبح الشيعة بلا ملاذ و لا معاذ، لأنهم كانوا في عصر الغيبة الصغري، التي اشتدت المحنة، و عظم البلاء، حيث لم يكن الطريق مفتوحا لهم للتوصل و التشرف عند الامام المهدي (عليه السلام) الغائب عن الأبصار.

و قال (عليه السلام) - لشيعته -:



[ صفحه 279]



«اوصيكم بتقوي الله، و الورع في دينكم، و الاجتهاد لله، و صدق الحديث، و أداء الأمانة الي من ائتمنكم من بر و فاجر، و طول السجود و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلي الله عليه و آله).

صلوا في عشائرهم، و اشهدوا جنائزهم، و عودوا مرضاهم، و أدوا حقوقهم [6] .

فان الرجل منكم اذا ورع في دينه، و صدق في حديثه، و أدي الأمانة، و حسن خلقه مع الناس قيل: «هذا شيعي» فيسرني ذلك.

اتقوا الله، و كونوا زينا، و لا تكونوا شينا، جروا الينا كل مودة، و ادفعوا عنا كل قبيح، فانه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، و ما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك؛

لنا حق في كتاب الله، و قرابة من رسول الله، و تطهير من الله، و لا يدعيه أحد - غيرنا - الا كذاب.

أكثروا ذكر الله، و ذكر الموت، و تلاوة القرآن، و الصلاة علي النبي (صلي الله عليه و آله) فان الصلاة علي رسول الله: عشر حسنات.

احفظوا ما وصيتكم به، و استودعكم الله، و أقرأ عليكم السلام» [7] .

روي الشيخ الطوسي في (التهذيب) و الشيخ المفيد في (المقنعة) و الشيخ الحر، في (الوسائل): روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهماالسلام) أنه قال:

«من زار جعفرا [الصادق] و أباه (و آباءه خ ل) لم يشتك عينه، و لم يصبه سقم، و لم يمت مبتلي» [8] .

و في (التهذيب) أيضا: روي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) انه قال:



[ صفحه 280]



«علامات المؤمن خمس: صلاة الخمسين، و زيارة الأربعين، و التختم في اليمين، و تعفير الجبين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحين». [9] .

و في (مصباح المتهجد): فروي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) انه قال:

«علامات المؤمن (المؤمنين خ ل) خمس: صلاة الاحدي و الخمسين، و زيارة الأربعين، و التختم في أ (با) ليمين، و تعفير الجبين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم».

اقول: المقصود من صلاة احدي و خمسين: الفرائض الخمس، و النوافل، و من زيارة الأربعين: زيارة مرقد الامام الحسين ابن الامام علي بن أبي طالب (عليهماالسلام) في اليوم العشرين من شهر صفر المعروف بيوم الأربعين و المقصود من تعفير الجبين السجود علي التراب، و المقصود من الجهر (ببسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة الجهرية و الاخفاتية.

و خرج في بعض توقيعاته (عليه السلام) عند اختلاف قوم من شيعته في أمره:

«ما مني [ابتلي] أحد من آبائي بمثل ما منيت به من شك هذه العصابة في، فان كان هذا الأمر أمرا اعتقدتموه، و دنتم به الي وقت، ثم ينقطع، فللشك موضع، و ان كان متصلا ما اتصلت امور الله فما معني هذا الشك؟» [10] .

و في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال: خرج عن أبي محمد (عليه السلام) الي بعض رجاله في عرض كلام له: «مامني أحد من آبائي... الخ» [11] .

البحار - المحتضر للحسن بن سليمان: روي أنه وجد بخط مولانا



[ صفحه 281]



أبي محمد العسكري (عليه السلام):

«أعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب، و نسوا الله رب الأرباب، و النبي و ساقي - الكوثر في مواقف الحساب، و لظي و الطامة الكبري، و نعيم دار الثواب؛

فنحن السنام الأعظم، و فينا النبوة و الولاية و الكرم، و نحن منار الهدي، و العروة الوثقي و الأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا، و يقتفون آثارنا؛

و سيظهر حجة الله علي الخلق بالسيف المسلول لاظهار الحق.

و هذا خط الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أميرالمؤمنين».

و روي أنه وجد أيضا بخطه (عليه السلام) ما صورته:

«قد صعدنا ذري الحقائق بأقدام النبوة و الولاية، و نورنا سبع طبقات أعلام الفتوي (الفتوة) بالهداية (و الهداية خ ل) فنحن ليوث الوغي، و غيوث الندي، و طعان العدي، و فينا السيف و القلم في العاجل، و لواء الحمد و الحوض في الآجل، و أسباطنا حلفاء الدين، و خلفاء النبيين، و مصابيح الامم، و مفاتيح الكرم:

فالكليم البس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، و روح القدس في جنان الصاغورة (الصاقورة) [12] ذاق من حدائقنا الباكورة، و شيعتنا: الفئة الناجية، و الفرقة الزاكية صاروا لنا ردأ و صونا، و علي الظلمة البا [13] و عونا، و سينفجر [14] لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران، لتمام آل حم و طه و الطواسين؛

و هذا الكتاب درة من درر الرحمة [15] و قطرة من بحر الحكمة؛

و كتب الحسن بن علي العسكري، في سنة اربع و خمسين و مائتين» [16] .



[ صفحه 282]




پاورقي

[1] آبة بلدة تبعد عن ساوة خمس كيلومترات، و ساوة تبعد عن قم عشرة فراسخ.

[2] الوتيرة: الطريقة.

[3] الغب - بكسر الغين -: العاقبة.

[4] مناقب ابن شهراشوب ج 4 / 425.

[5] تحف العقول / 362.

[6] و في نسخة: عشائركم، جنائزكم، مرضاكم، حقوقكم.

[7] تحف العقول / 362.

[8] التهذيب ج 6 / 78 حديث 154، (المقنعة) / 474.

[9] التهذيب ج 6 / 52 حديث 122، (اقبال القلوب) / 588.

[10] تحف العقول / 361.

[11] اكمال الدين / 222 باب 22 حديث 10.

[12] الصاقورة: السماء الثالثة / اقرب الموارد.

[13] الالب: القوم تجمعهم عداوة واحدة.

[14] و في نسخة: «و سيسفر لنا».

[15] و في نسخة: من جبل الرحمة.

[16] البحار ج 26 / 265.