بازگشت

كلمات المدح و الثناء


ان الأئمة الطاهرين من آل رسول الله (صلي الله عليه و آله) في غني عن مدح الناس لهم، و قد أثني عليهم القرآن الكريم بأحسن الثناء، و أجمل المدح في آيات كثيرة.

و عرفهم الرسول الصادق الأمين (صلي الله عليه و آله) في أحاديث لا تحصي، و جعلهم عدل القرآن، و جعل ولايتهم شرط قبول الأعمال و شرط دخول الجنة.

ولكن القلوب العامرة بولائهم و حبهم و مودتهم تظهر آثارها علي الألسن، نظما و نثرا و قولا و فعلا؛

فلا عجب اذا تفتحت القرائح بمدائح الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) و رثائهم، و ذكر فضائلهم و فواضلهم و مكارم أخلاقهم، و علو منزلتهم و سمو شرفهم:

و هذه باقات عطرة منثورة و منظومة نجعلها ختام هذا السفر الشريف:

قال علي بن عيسي الاربلي في (كشف الغمة): قلت:

«مناقب سيدنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري دالة علي أنه السري ابن السري، فلا يشك في امامته أحد و لا يمتري؛

و اعلم أنه متي بيعت مكرمة أو اشتريت، فسواه بائعها و هو المشتري،



[ صفحه 305]



يضرب في السؤدد و الفخار بالقداح الفائزة، و اذا اجيز كريم للشرف و المجد فاز بالجائزة، واحد زمانه غير مدافع، و نسيج وحده غير منازع، و سيد أهل عصره، و امام أهل دهره فالسعيد: من وقف عند نهيه و أمره؛

فله العلاء الذي علا علي النجوم الزاهرة، و المحتد الذي فرع العظماء عند المنافرة و المفاخرة، و المنصب الذي ملك به معادتي الدنيا و الآخرة، فمن الذي يرجو اللحاق بهذه الخلال الفاخرة، و المزايا الظاهرة، و الأخلاق الشريفة الطاهرة؟!

أقواله سديدة، و أفعاله رشيدة، و سيرته حميدة، و عهوده في ذات الله و كيدة، فالخيرات منه قريبة، و الشرور عند بعيدة، اذا كان أفاضل زمنه قصيدة كان (عليه السلام) بيت القصيدة، و ان انتظموا عقدا كان مكان الواسعة و الفريدة؛

و هذه عادة قد سلكها الأوائل، و جري علي منهاجها الأفاضل، و الا كيف تقاس النجوم بالجنادل؟ و اين فصاحة قس من فهاهة باقل؟

فارس العلوم الذي لا يجاري، و مبين غوامضها فلا يجادل و لا يماري؛

كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب؛

المطلع - بتوقيف الله - علي أسرار الكائنات، المخبر - بتوفيق الله - عن الغائبات، المحدث - في سره - بما مضي و بما هو آت، الملهم بالامور الخفيات، الكريم الأصل و النفس و الذات صاحب الدلائل و الآيات و المعجزات؛

مالك أزمة الكشف و النظر، مفسر الايات مقرر الخبر، وارث السادة الخير ابن الأئمة، أبوالمنتظر، فانظر الي الفرع و الأصل و جدد النظر، و اقطع بأنهما (عليهماالسلام) أضوء من الشمس و أبهي من القمر، و اذا تبين زكاء الأغصان تبين طيب الثمر، فأخبارهم و نعوتهم (عليهم السلام) عيون التواريخ و عنوان السير؛



شرف تتابع كابر عن كابر

كالرمح، انبوبا علي انبوب



[ صفحه 306]



و والله أقسم قسما برا: أن من عد محمدا جدا، و عليا أبا، و فاطمة اما، و الأئمة اباء، و المهدي ولدا. لجدير أن يطول السماء علا و شرفا، و الأملاك سلفا و ذاتا و خلفا؛

و الذي ذكرته من صفاته: دون مقداره، فكيف لي باستقصاء نعوته و أخباره؟ و لساني قصير، و طرف بلاغتي حسير، فلهذا يرجع عن شأو صفاته كليلا، و يتضاءل لعجزه و قصوره و ما كان عاجزا و لا ضئيلا، و ذنبه أنه وجد مكان القول ذاسعة فما كان قؤلا، و رأي سبيل الشرف واضحا، و ما وجد الي حقيقة مدحه سبيلا؛

فقهقر، و كان من شأنه الاقدام، و أحجم مقرا بالقصور و ما عرف منه الاحجام؛

ولكن قوي الانسان لها مقادير تنتهي اليها، و حدود تقف عندها، و غايات لا تتعداها.

يفني الزمان و لا يحيط بوصفهم أيحيط ما يفني بما لا ينفد؟

و قد نظمت - علي العادة - شعرا في مدحه، غرضي فيه: ما قدمته في مدح آبائه (عليهم السلام) و لا خلد لي ذكرا مع ذكرهم علي بقايا الأيام، و هو:



يا راكبا يسري علي جسرة [1] .

قد غبرت في أوجه الضمر



عرج بسامراء، و الثم ثري

أرض الامام الحسن العسكري



عرج علي من جده صاعد

و مجده عال علي المشتري



علي الامام الطاهر المجتبي

علي الكريم، الطيب العنصر



علي ولي الله في عصره

و ابن خيار الله في الأعصر



علي كريم، صوب معروفه

يربي علي صوب الحيا الممطر



علي امام عدل أحكامه

يسلط العرف علي المنكر



و بلغا عن عبد الآئه

تحية أزكي من العنبر





[ صفحه 307]



و قل: سلام الله وقف علي

ذاك الجناب الممرع الأخضر



دار: بحمد الله قد أسست

علي التقي و الشرف الأظهر



من جنة الخلد ثري أرضها

و ماؤها من أنهر الكوثر



حل بها شخصان من دوحة

أغصانها: طيبة المكسر



العسكريان، هما: ما هما

فطول التقريض أو قصر



عصنا علاء، قمرا سدقة

شمسا نهار، فارسا منبر



من معشر فاقوا جميع الوري

جلالة، ناهيك من معشر



هم الاولي شادوا بناء العلي

بالأبيض الباتر و الأسمر



هم الاولي لولاهم في الوري

لم يؤمن العبد و لم يكفر



هم الاولي سنوا لنا منهجا

بواضح من سعيهم نير



هم الاولي دلوا علي مذهب

مثل الصباح الواضح المسفر



فاتضح الحق لوراده

و لاح قصد الطالب المبصر



أخلاقهم، أني أتي سائل

: مثل الربيع اليانع المزهر



يا سادتي! ان ولائي لكم

من خير ما قدمت للمحشر



أرجو بكم نيل الأماني غدا

في مبعثي، و الأمن في مقبري



فأنتم قصدي، و حبي لكم

: تجارتي، و الربح في متجري



و الحمدلله علي أنه

وفقني للفرض الأكبر» [2] .



و للمرحوم السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني:



أيا صفوة الهادي، و يا محيي الهدي

و محكم دين المصطفي و هو دارس



فكم للعدي من نعمة قد غرستها

فلم تجن الا عكس ما أنت غارس



و لما مضي الهادي أريت معاجزا

بها ارغمت من شانئيك المعاطس



و لما جفاك المستعين، و ما اكتفي

بأفعاله، و هو الحسود المنافس



[ صفحه 308]



أبنت بأن الرجس بعد ثلاثة

علي الرأس في قعر الجحيم لناكس



و بشرت في بشري حكيمة نرجسا

بمولودها المولي الذي لا يقايس



و وافتك بالمهدي انوار وجهه

تضيي ء، و تجلي من سناها الحنادس



و طبع الحصي في خاتم منك معجز

كعلمك بالأموات و هي داورس



و لولاك لارتاب الأنام براهب

تصوب اذا استسقي عليها الرواجس



و أظهرت ما أخفاه من عظم مرسل

فبانت لدي الناس الامور اللوابس



بوجهك يستسقي الغمام، و للعدي

بحبسك عنها الله للقطر حابس



بنفسي من نالت به سر من رأي

فخارا، له تعنو النجوم الكوانس



بنفسي من أبكي النبي مصابه

و أظلم فيه دينه و هو شامس



بنفسي محبوسا علي حبس حقه

مضي، و عليه المكرمات حبائس



بنفسي من في كل يوم تسومه

هوانا، بنوالعباس و هي عوابس



بنفسي من قاسي أذي الضيم منهم

زمانا، و ما فيهم به من يقايس



بنفسي مسموما تشفت به الهدي قضي

و بها لم تشف منه النسائس



بنفسي مكروبا قضي بعد سمه

بكاه الموالي و العدو المشاكس



و شاب - لما قد ناله - كل مفرق

و كل فؤاد فيه شبت مقابس



فلا كان يوم العسكري، فانه

ليوم علي الدين الحنيفي ناحس



حكي جده عمرا و سما و غربة

و مارس من أعدائه ما يمارس



الي آخر القصيدة.

و قال المرحوم السيد محسن الأمين العاملي:



أبكي و هل يشفي الغليل بكائي

بدرين قد غربا بسامراء



علمين من رب البرية للوري

نصبا، بأعلي قنة [3] العلياء



نجمين يهدي السالكون لربهم

بهداهما في الفتنة العمياء



[ صفحه 309]



قد ضل من لا يتهدي بهداهما

و متي هداية خابط الظلماء؟



و هما سبيل الله حقا، من يحد

عنه، يته في ظلمة طخياء



بعلي الهادي، و بالحسن: ابنه

كشف الكروب و مدفع اللأواء



يا آل أحمد ما ببعض صفاتكم

- ولو اجتهدت - يفي جميع ثنائي



أني و قد نطق الكتاب بمدحكم

نصا، فأخرس ألسن - البلغاء



و عليكم الصلوات في صلواتنا

تتلي بكل صبيحة و مساء



و قال المرحوم الشيخ محمد حسين الاصفهاني في مدحه و رثائه، منها:



لقد بدا سر المليك الأكبر

في قائد الحق الزكي العسكري



سر النبي في محاسن الشيم

و من يشابه أبه فما ظلم



بل هو في كل معانيه حسن

فانه سر النبي المؤتمن



و وجهه كتاب حسن ذاته

و فهرس الأسماء في صفاته



و جنة النعيم في و جنته

كل نعيم هو في جنته



له من المعروف و الأيادي

ما هو معروف بكل نادي



له من العلوم و المعارف

ما جل عن توصيف أي واصف



رغما لمن أنكره و لم يحط

خبرا بما رووه عنه، و ضبط



فكيف و هو حجة الله علي

عباده؟ فجل عن أن يجهلا



و علمه تراثه من جده

لا أنه بكسبه و جده



و هو أمين الله في الأنام

و صدره مستودع الأحكام



حاز من النبي كل مكرمة

فهي له بكل معني الكلمة



فاز بأقصي رتب الولاية

ولاية الارشاد و الهداية



و هو أبوالمهدي و ابن الهادي

فلا أحق منه بالارشاد



فهو سليل خاتم الرسالة

و صاحب الرفعة و الجلالة



و هو أبوالخاتم للولاية

من هو مأمول لكل غاية



قاسي عظيما في عظيم شأنه

من خلفاء الجور في زمانه



[ صفحه 310]



حتي اذا القي في السباع

و هو ابن ليث غابة الابداع



شبل علي أسد الله، و لا

يري لديه الأسد الا مثلا



لقد بكاه الروح و الأرواح

لما استحلوا منه و استباحوا



لرزئه اقشعرت الأظلة

بكاه كل ملة و نحلة



و كم رأي في عمره القصير

منهم من التوهين و التحقير



ايطلب الاسراج و الالجام

للبغل منه و هو الامام؟ [4] .



فبتر الله به أعمارهم

كما محي من بعدهم آثارهم



حتي قضي العمر بما يقاسي

فسمه المعتمد العباسي



قضي علي شبابه مسموما

مضطهدا، محتسبا مظلوما



فناحت الحور علي شبابه

و صبت الدموع في مصابه



تضعضعت لرزئه السبع العلي

و الملأ الأعلي نحيبه علي



و انصدعت لرزئه الجبال

كأنه الساعة و الأهوال



بكته عين الحق و الحقيقة

و شرعة المختار و الطريقة



[ صفحه 311]




پاورقي

[1] جسرة: العظيم من الابل.

[2] كشف الغمة: ج 2 / 435.

[3] القنه: بالضم: اعلي الجبل، مثل القلة.

[4] اشارة الي رواية أحمد بن الحارث القزويني.