بازگشت

فجيعته بأخيه محمد


كان السيد محمد أبوجعفر انموذجا رائعا للأئمة الطاهرين، و صورة صادقة لأفكارهم و اتجاهاتهم، و قد تميز بذكائه، و خلقه الرفيع، وسعة علمه، و سمو آدابه، حتي اعتقد الكثيرون من الشيعة أنه الامام بعد أبيه الهادي عليه السلام.

و تحدث العارف علان الكليني عن وقاره و معالي أخلاقه، فقال: «صحبت أباجعفر محمد بن علي بن محمد بن علي الرضا و هو حدث السن، فما رأيت أوقر، و لا أزكي، و لا أجل منه. و كان خلفه أبوالحسن العسكري بالحجاز طفلا، فقدم عليه مشتدا [1] ، و كان ملازما لأخيه أبي محمد عليه السلام لا يفارقه [2] .

و قد تولي عليه السلام تربيته، فغذاه بعلومه و حكمه و آدابه.

و مرض أبوجعفر مرضا شديدا، و اشتدت به العلة، و لا نعلم سبب مرضه هل أنه سقي سما من قبل أعدائه و حساده من العباسيين الذين عز عليهم أن يروا تعظيم الجماهير و اكبارهم اياه، أم أن ما مني به من المرض كان مفاجئا.

و علي أي حال، فقد بقي أبوجعفر أياما يعاني السقم حتي ذبلت نضارة شبابه، و كان الامام أبومحمد عليه السلام ملازما له، و قد طافت به الهموم علي أخيه الذي كان



[ صفحه 27]



من أعز الناس عنده، و من أخلصهم له، و ثقل حال أبي جعفر وفتك به المرض فتكا ذريعا، و اشتد به النزع، فأخذ يتلو آيات من الذكر الحكيم، و يمجد الله، حتي صعدت روحه الطاهرة الي بارئها كما تصعد أرواح الأنبياء و الأوصياء تحفها ملائكة الرحمن.

و تصدع قلب أبي محمد عليه السلام لفقد شقيقه الذي كان عنده أعز من الحياة، و طافت به موجات من اللوعة و الأسي و الحسرات، و خرج و خو غارق في البكاء و النحيب، و قد شق جيبه لهول مصيبته بأخيه، و تصدعت القلوب لمنظره الحزين، و الجمت الألسن، و ترك الناس بين صائح و نائح قد نخر الحزن قلوبهم.


پاورقي

[1] المجدي: 131.

[2] المجدي: 131.