بازگشت

الامام الحسن و البداء


و صرحت بعض الروايات بأن الامام الهادي عليه السلام عزي ولده الزكي أبامحمد بأخيه أبي جعفر، و في الروايات شبهة البداء، فلابد من ذكرها و دفع هذه الشبهة، و في ما يلي ذلك:



[ صفحه 28]



1- روي علي بن محمد، عن اسحاق بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، قال: «كنت عند أبي الحسن بعد ما مضي ابنه أبوجعفر، و اني لافكر في نفسي اريد أن أقول: كأنهما - أعني أباجعفر و أبامحمد - في هذا الوقت كأبي الحسن موسي و اسماعيل ابني جعفر بن محمد عليهماالسلام، و ان قصتهما كقصتهما؛ اذ كان أبومحمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام.

فأقبل علي أبوالحسن عليه السلام قبل أن أنطق فقال: نعم يا أباهاشم، بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسي بعد مضي اسماعيل ما كشف به عن حاله، و هو كما حدثتك نفسك و ان كره المبطلون، و أبومحمد ابني الخلف من بعدي، و عنده علم ما يحتاج اليه و معه آلة الامامة» [1] .

2- روي محمد بن يحيي، قال: «دخلت علي أبي الحسن بعد مضي أبي جعفر، فعزيته و أبومحمد جالس، فبكي أبومحمد، فأقبل عليه أبوالحسن فقال له: ان الله قد جعل منك خلفا، فاحمد الله» [2] .

3- روي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن ابن أبي الصهبان، قال: «لما مات أبوجعفر وضع لأبي الحسن كرسي فجلس عليه، و كان أبومحمد الحسن قائما في ناحية، فلما فرغ من غسل أبي جعفر التفت أبوالحسن الي أبي محمد، فقال: يا بني، أحدث لله شكرا، فقد أحدث فيك أمرا» [3] .

و ربما توهم هذه الروايات نسبة البداء الي الله، و هو من الامور المستحيلة؛ و ذلك لاستلزامه نسبة الجهل اليه، تعالي عن ذلك علوا كبيرا.

و عند التأمل نجد أن لا علاقة لهذه الروايات بالبداء، و انما تدل علي أن الله تعالي



[ صفحه 29]



أظهر امامة وليه الحسن العسكري عليه السلام الي الشيعة الذين كانوا يعتقدون بامامة أبي جعفر لهديه و صلاحه.

و قد علق الشيخ الغروي علي هذه الروايات بقوله: «انها تدل دلالة واضحة علي أن مكانة أبي جعفر ليست بتلك البعيدة عن مرتبة الامامة، و ان كان أبومحمد أرجح في الميزان، و لذلك تعلق العلم الأزلي بتعيينه، و جري التقدير علي وفاة أبي جعفر قبله، حتي تمت العلة في أبي محمد، فان المستظهر من أحاديث الباب المذكورة و غيرها أن كلا من الصنوين قد اجتمعت فيه مقتضيات الامامة، غير أنها في أبي جعفر مشفوعة بالكبر الذي هو من لوازم الخلافة عند أصحاب الأئمة، و لا بد أنه متلقي من الموالي أنفسهم سلام الله عليهم» [4] .

و علي أي حال، فان هذه الروايات لا علاقة لها بالبداء، و انما تدل علي أن الله تعالي أظهر امامة الحسن العسكري عليه السلام التي كانت مخفية علي الشيعة، و أما احداث الشكر الذي أمر به الامام الهادي عليه السلام وحده، فانما هو لأجل هذه الجهة لا لأجل منحه الامامة بعد أن كانت لأبي جعفر حتي يستلزم التبدل في علم الله الذي هو من الامور المستحيلة.


پاورقي

[1] اصول الكافي: 1: 327، الحديث 10.

[2] الارشاد: 2: 318. الكافي: 1: 327، الحديث 9.

[3] الكافي: 1: 326، الحديث 4 و 5 و 8. الارشاد: 2: 315 و 316.

[4] أبوجعفر محمد ابن الامام علي الهادي عليه السلام: 12 و 13.