بازگشت

رزؤه بأبيه


ورزي ء الامام الحسن بأبيه الامام الهادي عليهماالسلام، و كان ذلك من أعظم النكبات و المصائب التي مني بها في حياته.

لقد عمد الطاغية المعتمد العباسي الي اغتيال الامام الهادي عليه السلام، فدس له السم [1] ، و ذلك لما يسمعه من تحدث الناس عن مآثر الامام و شيوع فضله و علومه، و تقدمه بالفضل علي غيره، فورم أنفه، و انتفخت أوداجه حسدا للامام و حقدا عليه، فقدم علي اقتراف هذه الجريمة التي هي أخطر الجرائم و أفظعها.

و لما سقي الامام السم لازم الفراش، و قد تسمم بدنه، و أخذ يقاسي الآلام الموجعة، فتوافدت عليه الشيعة، و كبار رجال الدولة عائدين اياه، و ممن دخل عليه عائدا الشاعر الملهم أبوهاشم الجعفري.

فلما رأي الامام يجود بنفسه جزع، و غامت عيناه بالدموع، و نظم ذوب حشاه بقصيدة جاء فيها:



مادت الأرض بي و أدت فؤادي

و اعترتني موارد العرواء



حين قيل الامام نضو عليل

قلت نفسي فدته كل الفداء



مرض الدين لاعتلالك و اعتل

و غارت له نجوم السماء



عجبا أن منيت بالداء و السقم

و أنت الامام حسم الداء



[ صفحه 31]



أنت آسي الأدواء في الدين و

الدنيا و محيي الأموات و الأحياء [2] .



و حكت هذه الأبيات مدي حزن أبي هاشم و أساه علي مرض الامام الزكي، و تمني أن يكون فداء له.. فقد مرض الدين لاعتلال الامام العظيم، و غارت نجوم السماء من هول هذه الفاجعة المدمرة، و يعجب أبوهاشم أن يمني الامام بالداء و السقم و هو حسم الداء!

و دخل عليه عائدا أبودعامة، فلما هم بالانصراف قال له الامام: يا أبادعامة، قد وجب حقك، أفلا احدثك بحديث تسر به؟

و سارع أبودعامة قائلا: ما أحوجني الي ذلك يابن رسول الله.

- حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسي، قال: حدثني أبي موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: اكتب يا علي.

قال: و ما أكتب؟

قال لي: اكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الايمان ما وقرته القلوب، و صدقته الأعمال، و الاسلام ما جري به اللسان، و حلت به المناكحة.

قال أبودعامة: فقلت: يابن رسول الله، ما أدري و الله أيهما أحسن الحديث أم الاسناد.



[ صفحه 32]



فقال: انها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب باملاء رسول الله صلي الله عليه و آله نتوارثها صاغرا عن كابر» [3] .

لقد كان الامام حريصا علي نشر الفكر و الوعي و العلم، و لم يمنعه المرض من الادلاء بذلك.


پاورقي

[1] مناقب آل أبي طالب: 4: 401.

[2] اعلام الوري: 2: 126 و 127.

[3] مروج الذهب: 4: 85.