بازگشت

السخاء


وثمة ظاهرة أخري من مثل الامام عليه السلام و نزعاته، و هي الجود و السخاء، فقد كان من أسخي الناس، و أنداهم كفا، و قد أقام له وكلاء في أكثر المناطق الاسلامية لقبض



[ صفحه 64]



ما يرد اليه من الحقوق الشرعية، و عهد اليهم بانفاقها علي الفقراء و المحرومين، و اصلاح ذات البين، و غير ذلك مما ينفع الناس.

و كان مما رواه المؤرخون من فيض كرمه أن محمد بن علي بن ابراهيم ابن الامام موسي بن جعفر عليه السلام، قال: «قد ضاقت امورنا، فقال أبي: امض بنا حتي نصير الي هذا الرجل - يعني أبامحمد - فانه قد وصف لنا سماحه.

فقلت له: تعرفه؟

قال: ما أعرفه، و لا رأيته قط.

قال: فقصدناه، فقال أبي في الطريق: ما أحوجنا الي أن يأمر لنا بخمسمائة درهم: مائتي درهم للكسوة، و مائتي درهم للدقيق، و مائة درهم للنفقة.

و قلت في نفسي: ليته أمر لي بثلاثمائة درهم: مائة أشتري بها حمارا، و مائة للنفقة، و مائة للكسوة، فأخرج الي الجبل.

فلما وافينا الباب خرج الينا غلامه، فقال: يدخل علي بن ابراهيم و محمد ابنه، فلما دخلنا عليه و سلمنا، قال لأبي: يا علي، ما خلفك عنا الي هذا الوقت؟

- يا سيدي، استحييت أن ألقاك علي هذه الحال.

و مكنا وقتا يسيرا ثم خرجا، فجاء غلام الامام اليهما و ناول عليا صرة فيها دراهم، و قال: هذه خمسمائة درهم: مائتا درهم للكسوة، و مائتان للدقيق، و مائة للنفقة. و أعطي ولده محمدا صرة فيها ثلاثمائة درهم و قال له: اجعل مائة في ثمن حمار، و مائة للكسوة، و مائة للنفقة، و لا تخرج الي الجبل، و صر الي سوراء، و صار محمد الي سوراء فتحسنت اموره، و صار من أثرياء العلويين [1] .

لقد أنقذ الامام عليه السلام هذه الاسرة العلوية من الفقر و البؤس، و وفر لها الحياة الاقتصادية التي تنعم بها.



[ صفحه 65]



و من كرمه وجوده ما رواه أبوهاشم الجعفري، قال: «شكوت الي أبي محمد ضيق الحبس، و كلب القيد [2] ، فكتب الي: أنت تصلي الظهر اليوم في منزلك، فأخرجت وقت الظهر و صليت في منزلي - كما قال - و كنت مضيقا علي، فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي بعثته اليه.

فلما صرت الي منزلي بعث لي مائة دينار، و كتب الي: «اذا كانت لك حاجة فلا تستح و لا تحتشم، و اطلبها فانك علي ما تحب ان شاء الله تعالي» [3] .

و ذكر المؤرخون نوادر كثيرة من كرمه تدلل علي مدي سعة جوده و حبه انعاش الفقراء، و انقاذهم من حياة البؤس و الحرمان.


پاورقي

[1] الكافي: 506 1، الحديث 3. بحارالأنوار: 50: 278 و 279، الحديث 52.

[2] الكلب: الشدة و الضيق.

[3] الأنوار البهية: 305. اعلام الوري: 2: 140. مناقب آل أبي طالب: 3: 538.