بازگشت

رسالته الي الفقيه علي بن الحسين


و أرسل الامام أبومحمد عليه السلام رسالة الي الفقيه الجليل أبي الحسن علي بن الحسين ابن موسي بن بابويه القمي، وجه الشيعة، و العلم البارز في الحديث و الفقه، و سائر العلوم الاسلامية، و قد جاء فيها بعد البسملة:

«اعتصمت بحبل الله، بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمدلله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، و الجنة للموحدين، و النار للملحدين، و لا عدوان الا علي الظالمين، و لا اله الا الله أحسن الخالقين، و الصلاة علي خير خلقه محمد و عترته الطاهرين.

أما بعد، اوصيك - يا شيخي و معتمدي و فقيهي أباالحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي، وفقلك الله لمرضاته، و جعل من صلبك أولادا صالحين برحمته - بتقوي الله، و اقام الصلاة، و ايتاء الزكاة، فانه لا يقبل الصلاة من مانع الزكاة.

و اوصيك بمغفرة الذنب، و بكظم الغيظ، و صلة الرحم، و مواساة الاخوان، و السعي من حوائجهم في العسر و اليسر، و الحلم، و التفقه في الدين، و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن، و حسن الخلق، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر.

فان الله عزوجل قال: (لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة



[ صفحه 106]



أو معروف أو اصلاح بين الناس) [1] ، و اجتناب الفواحش كلها.

و عليك بصلاة الليل، فان النبي صلي الله عليه و آله أوصي عليا، فقال: يا علي، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، و من استخف بصلاة الليل فليس منا.

فاعمل بوصيتي، و أمر جميع شيعتي حتي يعملوا عليها.

و عليك بالصبر و انتظار الفرج، فان النبي صلي الله عليه و آله قال: أفضل أعمال امتي انتظار الفرج، و لا تزال شيعتنا في حزن حتي يظهر ولدي الذي بشر به النبي صلي الله عليه و آله، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

فاصبر يا شيخي يا أباالحسن علي، و أمر جميع شيعتي بالصبر فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين [2] .

و السلام عليك و علي جميع شيعتنا و رحمة الله و بركاته و حسبنا الله و نعم الوكيل، نعم المولي و نعم النصير» [3] .

أما محتويات هذه الرسالة فهي كما يلي:

أولا: الاشادة بمكانة الفقيه الجليل علي بن الحسين، فقد كان فذا من أفذاذ الفكر



[ صفحه 107]



الاسلامي في علمه و ورعه و تقواه، و يكفي في سمو منزلته ما أضفاه عليه الامام عليه السلام من النعوت الكريمة التي تدلل علي عظيم شأنه عنده.

و قد قال المترجمون له: انه كان من أجلاء فقهاء الأصحاب، و الأدلاء علي صراط آل محمد صلي الله عليه و آله الأنجاب الأطياب، غيورا في أمر الدين، مدمرا أساس الملحدين، معظما من مشايخ الشيعة، مفخما من أركان الشريعة [4] .

و بلغ من وثاقته و الاعتماد عليه عند الفقهاء أنهم كانوا يأخذون بفتاواه اذا أعوزتهم النصوص، و قد نص علي ذلك الشهيد في الذكري.

ثانيا: ان الامام عليه السلام دعا له بالذرية الصالحة، و قد استجاب الله دعاءه فرزقه الشيخ الصدوق أباجعفر محمد الذي هو من أثري علماء المسلمين في فضله وجودة تأليفة، و قد أحيا الشريعة، و أبرز معالمها، و سجل آثار الأئمة الطاهرين عليهم السلام، فما أعظم عائدته علي الاسلام. له من المؤلفات ما يربو علي الثلاثمائة [5] ، و في مقدمتها: «من لا يحضره الفقيه»، و هو من أجل الكتب المعتمدة عند فقهاء الامامية.

ثالثا: ان الامام أوصي علي بن الحسين القمي باقامة الفرائض الاسلامية، و حثه علي التحلي بمكارم الأخلاق، و سمو الصفات: من كظم الغيظ، و صلة الأرحام، و مواساة الاخوان، و السعي في حوائجهم، و التفقه في الدين، و التثبت في الأمور، الي غير ذلك من الصفات الرفيعة التي ترفع الشخص الي أعلي مستويات الكمال.

رابعا: انه أوصاه بانتظار الفرج الي خروج قائم آل محمد صلي الله عليه و آله الذي تزدهر الدنيا بحكمه، و ترتفع كلمة الله عالية في أيام دولته، و تسود العدالة الاجتماعية بجميع رحابها في سلطانه الذي هو امتداد لحكومة جده الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله، هذه بعض محتويات رسالة الامام عليه السلام.



[ صفحه 108]




پاورقي

[1] النساء 4: 114.

[2] اشارة الي الآية الكريمة: (ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين) الأعراف 7: 128.

[3] روضات الجنات: 4: 273 و 274.

[4] روضات الجنات: 4: 273.

[5] أمل الآمل: 2: 283، رقم 845.