بازگشت

في رحاب القرآن الكريم


لقد اهتم أئمة أهل البيت عليهم السلام اهتماما بالغا بتفسير القرآن الكريم، فكل واحد منهم هو صاحب مدرسة في التفسير، و من المقطوع به أنهم أدري بما في القرآن الكريم، و أعلم بعمومه و خصوصه، و مطلقه و مقيده و ناسخه و منسوخه، و كان سيد العترة الطاهرة الامام أميرالمؤمنين عليه السلام أعلم من سائر الصحابة بحقائق القرآن و دقائقه، و محكمه و متشابهه، و يعلم وقت نزول آياته حسبما صرح به عليه السلام.

أما الامام أبومحمد الحسن العسكري عليه السلام فكان من أئمة المفسرين، و قد اثر عنه تفسير خاص عرف بتفسير الامام العسكري، و قبل أن نتحدث عنه نلمح الي كوكبة من الآيات الكريمة التي فسرها، و في ما يلي ذلك:

1- قال أبوهاشم: «كنت عند أبي محمد عليه السلام فسأله ابن صالح الأرمني عن قول الله تعالي: (و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا) [1] .

قال الامام أبومحمد عليه السلام: ثبتت المعرفة، و نسوا ذلك الموقف و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه.

قال أبوهاشم: فجعلت أتعجب في نفسي من عظيم ما أعطي الله وليه، و جزيل ما حمله، فأقبل أبومحمد علي، فقال: الأمر أعجب مما عجبت منه يا أباهاشم



[ صفحه 138]



و أعظم، ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله، و من أنكرهم أنكر الله، فلا مؤمن الا و هو بهم مصدق، و بمعرفتهم موقن» [2] .

2- روي سفيان بن محمد الصيفي، قال: «كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله عن الوليجة و هو قول الله عزوجل: (و لم يتخذوا من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة) [3] ، و قلت في نفسي لا في الكتاب من يري المؤمن هاهنا.

فرجع الجواب: الوليجة التي تقام دون ولي الأمر، و حدثتك نفسك عن المؤمنين من هم في هذا الموضع، فهم الأئمة الذين يؤمنون علي الله، فنحن اياهم» [4] .

3- سأل محمد بن صالح الأرمني الامام أبامحمد عن قول الله عزوجل: (يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب) [5] .

فقال الامام عليه السلام: هل يمحو الله الا ما كان، و هل يثبت الا ما لم يكن. تعالي الجبار العالم بالأشياء قبل كونها، الخالق اذ لا مخلوق، و الرب اذ لا مربوب، و القادر قبل المقدور عليه.

و انبري محمد بن صالح، فقال: أشهد أنك حجة الله و وليه، و انك علي منهاج الحق الامام أميرالمؤمنين» [6] .

4- سأل محمد بن صالح الأرمني الامام أبامحمد عليه السلام عن قول الله عزوجل:

(لله الأمر من قبل و من بعد) [7] .



[ صفحه 139]



فقال الامام أبومحمد عليه السلام: له الأمر من قبل أن يأمر به، و له الأمر من بعد أن يأمر بما يشاء.

فقلت في نفسي: هذا قول الله: (ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين) [8] .

فنظر الي الامام و تبسم، ثم قال: له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين» [9] .

5- روي الثقة الأمين أبوهاشم الجعفري، قال: «كنت عند أبي محمد عليه السلام فسألته عن قول الله عزوجل: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات باذن الله) [10] .

فقال عليه السلام: «انها وردت في آل محمد صلي الله عليه و آله، فالظالم لنفسه الذي لا يقر بالامام، و المقتصد العارف بالامام، و السابق بالخيرات باذن الله الامام عليه السلام.

قال أبوهاشم: «فدمعت عيناي و جلعت أفكر في نفسي ما أعطي الله آل محمد صلي الله عليه و آله.

فنظر الي الامام و قال: عظم ما حدثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد، فاحمد الله، فقد جعلك الله متمسكا بحبهم، تدعي يوم القيامة بهم اذا دعي كل انسان بامامه، فأبشر يا أباهاشم، فانك علي خير» [11] .

و نكتفي بهذه النماذج اليسيرة من تفسيره لبعض الآيات الكريمة.


پاورقي

[1] الأعراف 7: 172.

[2] كشف الغمة: 3: 210.

[3] التوبة 9: 16.

[4] مناقب آل أبي طالب: 3: 532. الكافي: 1: 508، و فيه: «سفيان بن محمد الضبعي».

[5] الرعد 13: 39.

[6] الثاقب في المناقب: 242. كشف الغمة: 2: 419.

[7] الروم 30: 4.

[8] الأعراف 7: 54.

[9] كشف الغمة: 3: 210.

[10] فاطر 35: 32.

[11] الثاقب في المناقب: 241 و 242.