المؤاخذات
و تواجه هذا التفسير عدة من المؤاخذات، و هي:
أولا: انه مني بضعف السند، فقد جاء في طريقه محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي، و هو ضعيف.
قال ابن الغضائري: «محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي روي عنه أبوجعفر ابن بابويه: ضعيف، كذاب. روي عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين، أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، و الآخر علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه» [1] .
و ما ذكره ابن الغضائري مردود من جهات:
الاولي: انه ذكر أن هذا التفسير رواه يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، و هذا سهو لأنهما لم يروياه عن أبويهما، و انما روياه بلا واسطة عن الامام أبي محمد عليه السلام.
الثانية: ان ابن الغضائري نسب هذا التفسير الي أبي الحسن الثالث عليه السلام، مع أنه منسوب الي الامام أبي محمد عليه السلام.
الثالثة: انه ذكر أن هذا التفسير وضعه سهل الديباجي عن أبيه، و هذا غريب؛ لأن سهلا لم يقع في سند هذا التفسير.
و علي كل حال، فما ذكره ابن الغضائري في تضعيف الرجل لا يمكن التعويل عليه.
و قال الاستاذ الخوئي: «ان محمد بن القاسم لم ينص علي توثيقه أحد من المتقدمين، حتي الصدوق قدس سره الذي أكثر الرواية عنه بلا واسطة، كذلك لم ينص علي
[ صفحه 145]
تضعيفه... و الصحيح أن الرجل مجهول الحال، لم يثبت وثاقته، و لا ضعفه» [2] .
و علي هذا فلا يمكن الاعتماد علي روايته.
و مضافا الي ذلك، فان المفسر الاسترابادي يروي هذا التفسير عن يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، وكلاهما مجهول، و لا يعتد بروايتهما عن الامام أبي محمد عليه السلام، كما يقول الاستاذ الخوئي [3] .
ثانيا: ان هذا التفسير قد مني بكثير من التفكك و الفجوات في أثنائه، مما يدل علي عدم صحة نسبته الي الامام أبي محمد عليه السلام، و الناظر فيه لا يشك في أنه موضوع علي الامام، كما يقول الاستاذ الخوئي.
ثالثا: ان الامام أبامحمد عليه السلام كان محاطا بقوي مكثفة من الأمن من قبل الحكومة العباسية، و قد منعت وصول الشيعة اليه، فكيف يتردد هذان الشخصان اليه طيلة بع سنين دون أن يمنعا من الوصول اليه؟
رابعا: ان اهتمام الامام عليه السلام بشأن الرجلين و طلبه من أبويهما ابقاءهما عنده لافادتهما العلم الذي يشرفهما الله به - كما جاء في مقدمة الكتاب - و هما مجهولان لم يعلم حالهما، فهلا خص بهذا الشرف كبار العلماء و الفقهاء من شيعته؟
و علي أي حال، فان من المؤكد أن هذا التفسير ليس للامام أبي محمد عليه السلام، و انما هو من الموضوعات و المختلفات.
و بالاضافة الي ما يواجهه من المؤاخذات التي ذكرناها، فانه قد مني بعدم الفصاحة في كثير من فصوله، و من الطبيعي أن ذلك يتنافي مع مركز الامام الذي اوتي الحكمة و فصل الخطاب، و هو أبلغ انسان في عصره، فكيف ينسب اليه هذا التفسير
[ صفحه 146]
الذي لا يحمل أي سمة من سمات البلاغة؟
و مضافا الي ذلك، فان فيه بعض الأحاديث التي لا تخلو من غلو حسب ما أعتقد، و هو بعيد كل البعد عن الامام عليه السلام.
[ صفحه 149]
پاورقي
[1] معجم رجال الحديث: 17: 173.
[2] معجم رجال الحديث: 17: 174.
[3] معجم رجال الحديث: 2: 159.