بازگشت

العنف في جباية الخراج


أما العنف و الظلم و التنكيل فهو اللغة السائدة في جباية الخراج في أغلب العصور العباسية، و قد عاني المواطنون ضروبا مرهقة من الجباة السود الذين عدمت الرأفة و الرحمة من قلوبهم، فكانوا يفرضون الضرائب حسب رغباتهم وأطماعهم، و من يمتنع أو يتخلف عن أداء ما فرض عليه فمصيره القبور أو السجون.

يقول الجهشياري: «كان أهل الخراج يعذبون بصنوف العذاب من السباع و الزنابير، و كان محمد بن مسلم خاصا بالمهدي، فلما تقلد الخلافة و وجد أهل الخراج يعذبون شاور محمد بن مسلم فيهم، فقال له: يا أميرالمؤمنين، هذا موقف له ما بعده، و هم غرماء المسلمين، فالواجب أن يطالبوا مطالبة الغرماء، فأمر برفع العذاب عنهم» [1] .

و في عهد الرشيد طعن الناس في الفضل بن يحيي البرمكي، و كان واليا علي خراسان، و قد أكثروا من الشكوي منه، فعزله الرشيد، و ولي مكانه علي بن عيسي، فقتل وجوه أهل خراسان، و جمع أموالا خطيرة، و حمل الي الرشيد ألف بدرة معمولة من الحرير، و فيها عشرة آلاف ألف درهم [2] .

و قد عاني أهل الموصل في جباية الخراج أشد ألوان الظلم، فقد كان الوالي عليهم



[ صفحه 216]



من قبل الرشيد يحيي بن سعيد، فطالبهم بخراج سنين مضت، و جلد أكثرهم [3] .

ان شريعة الاسلام قد ألزمت الولاة بالرفق بالرعية، و اصلاح أوضاعهم الاقتصادية، و أن لا يتعرضوا لأي ضغط من الحكام في جلب الخراج و الصدقات منهم، ولكن أكثر ملوك بني العباس لم يعنوا بذلك، وساسوا الامة في جباية الخراج منها بالعنف و القهر.


پاورقي

[1] الوزراء و الكتاب: 142.

[2] الوزراء و الكتاب: 268.

[3] الكامل في التاريخ: 6: 268.