زيادة الخراج
أما زيادة الخراج فظاهرة منتشرة بين عمال العباسيين، فقد كان العمال يطالبون الناس بأكثر مما عليهم ليقطعوا قسما من الأموال لأنفسهم، و لما ولي أبوعبيدالله بن يسار الوزارة من قبل المهدي جعل الخراج علي النخل و الشجر، و استمرت الحال من بعده علي ذلك [1] .
و عانت مصر أشق ألوان المحن و الخطوب في أمر الخراج، فقد زاد حاكمها موسي بن مصعب علي كل فدان ضعف ما تقبل به، و جعل خراجا علي أهل الأسواق، و علي الدواب، و عاد الي الرشوة في الأحكام، و قد هجاه أحد شعراء ذلك العصر بقوله:
لو يعلم المهدي ماذا الذي
لم يفعله موسي و أيوب
بأرض مصر حين حلا بها
لم يتهم في النصح يعقوب [2] .
[ صفحه 217]
و قد ثار عليه اليمانية و القيسية من جراء ظلمه [3] .
و يقول ابن تغري بردي: «انه شدد علي الناس في استخراج الخراج، و زاد علي كل فدان ضعف ما كان أولا، و لقي الناس منه شدائد، و ساءت سيرته، و ارتشي في الأحكام، فكرهه الجند، و تشغبوا عليه و نابذوه؛ لأنه كان غاشما ظالما» [4] .
ان هذه الأعمال بعيدة كل البعد عن روح الاسلام و واقعه، و هي لا تمثل الا عصابة من اللصوص و قطاع الطرق من الذين أو غلوا في الجريمة و الاثم.
يقول عمر بن عبيد للمنصور الدوانيقي: «ان من وراء بابك نيرانا تتأجج من الجور، و ما يعمل من وراء بابك بكتاب الله، و لا بسنة نبيه» [5] .
پاورقي
[1] الفخري: 164.
[2] يعقوب بن داود هو وزير المهدي، و فيه يقول الشاعر:
بني امية هبوا طال نومكم
ان الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
خليفة الله بين الناي و العود.
[3] الولاة و القضاة: 125 و 126.
[4] النجوم الزاهرة: 2: 54. خطط المقريزي: 2: 94.
[5] الأخبار الطوال: 384.