بازگشت

بناء القصور


و أسرف العباسيون اسرافا هائلا في بناء القصور، فأنفقوا مئات الملايين من الدنانير علي بنائها و تزيينها بمختلف أنواع الزينة التي لم ير مثلها في جميع فترات التاريخ، فقد بني المتوكل - الذي يسمونه بمحيي السنة - قصره المعروف بالمرج، فجعل حيطانه من داخل القصر و خارجه ملبسة بالفسيفساء و الرخام الملون المذهب، و جعل فيه صورا عظاما من الذهب، و جعل فيه شجرة عظيمة من الذهب عليها صورة كل طائر، و هو يصوت، مكللة بالجواهر، و جعل له سريرا من ذهب،



[ صفحه 227]



يحمله صورة انسان، و صورة أسد، و صورة ثور، و صورة نسر، و كل ذلك من ذهب مرصع بالجواهر، و قد شبه سريره بكرسي سليمان بن داود، و قد بلغت نفقاته علي البناء و الذهب و الفضة ألف ألف و سبعمائة ألف دينار.

و قد أمر أن لا يدخل أحد القصر الا و هو في ثياب من الديباج و الوشي، و قد أحضر أصحاب الملاهي و المعازف و المبطلات، فلما جلس في هذه الجنة قال له يحيي بن خاقان: أرجو يا أميرالمؤمنين أن يشكر الله لك بناء هذا القصر، فيوجب لك به الجنة.

قال: و كيف ذلك؟

قال لأنك شوقت الناس بهذا القصر الي الجنة، فيدعوهم ذلك الي الأعمال الصالحة التي يرجون بها دخول الجنة. فسر بذلك المتوكل [1] .

و من القصور التي بناها المتوكل (الجعفري)، و قد أنفق علي بنائه أكثر من ألفي دينار، و أحضر أصحاب الملاهي فلعبوا، و وهب لهم ألفي درهم [2] .

و علي أي حال، فقد ذكرنا النفقات الهائلة التي أنفقها المتوكل علي بناء قصوره في كتابنا (حياة الامام علي الهادي عليه السلام)، و هي تمثل جانبا كبيرا من عدم التوازن الاقتصادي في ذلك العصر، فقد حظيت الاسرة العباسية بواردات الدولة، و أنفقتها علي شهواتها و ملاذها.


پاورقي

[1] عيون التواريخ: 6 / ورقة 170، مصور في مكتبة الامام أميرالمؤمنين عليه السلام.

[2] مرآة الزمان: 6: 158.