بازگشت

ابوالشمقمق


و من شعراء ذلك العصر أبوالشمقمق، فقد كان مملقا، و قد قصد بعض ملوك ذلك العصر، فأنشدهم قصيدته التي جاء فيه:



يا أيها الملك الذي

جمع الجلالة و الوقاره



اني رأيتك في المنام

وعدتني منك الزياره



فغدوت نحوك قاصدا

و عليك تصديق العباره





[ صفحه 235]





ان العيال تركتهم

بالمصر خبزهم العصاره



و شرابهم بول الحمار

مزاجه بول الحماره



ضجوا فقلت تصبروا

فالنجح يقرن بالصباره



حتي أزور الهاشمي

أخا الغضارة و النضاره [1] .



و من الطريف أن هذا الشاعر دخل بغداد فرأي بعض الناس لابسا أفخر الثياب، الا أنه عار من النبل، و رأي بعض القرشيين يرومون المدح و الثناء، ولكن ذلك مجانا، فقال في هجائهم:



ليس فيها [2] مروءة لشريف

غير هذا القناع بالطيلسان



و بقينا في عصبة من قريش

يشتهون المديح بالمجان [3] .



ان هؤلاء الشعراء كانوا يمثلون حياة شعوبهم، و ما يعانونه من جوع و ضياع و ألم، لأن الحياة الاقتصادية لم تكن سليمة و لا مستقيمة، و انما كانت مشلولة و مضطربة، فلم تحقق الحكومات العباسية الرخاء بين الناس، و لم توفر لهم الحياة الكريمة، فقد كانت واردات الدولة تنفق علي أبناء الاسرة العباسية، و علي الوزراء، و كبار رجال الدولة، في حين أن الأكثرية الساحقة كانت تعيش في فقر و بؤس و شقاء، و لم تظفر بالضروريات المعاشية، فضلا عن الكماليات.


پاورقي

[1] طبقات الشعراء: 127.

[2] الضمير في «فيها» يرجع الي بغداد.

[3] تاريخ بغداد: 13: 146.