المنتصر
و تسلم المنتصر قيادة الحكم بعد الانقلاب الذي قام به ضد أبيه، و قد عم الفرح و السرور جميع الأوساط الشيعية، فقد زال عنهم كابوس الظلم و الجور، و قد قام بما يلي:
1- رد فدك الي العلويين.
2- رفع الحجر عن أوقاف العلويين و ارجاعها اليهم.
3- عزل والي المدينة صالح بن علي الذي كان يسي ء الي العلويين.
و جعل مكانه علي بن الحسين بن اسماعيل، و قال له: انما وليتك لتخلفني في بر آل أبي طالب، و قضاء حوائجهم، فقد نالتهم جفوة، و خذ هذا المال ففرقه فيهم، و في أهلك علي أقدارهم.
فقال: سأبلغ بعون الله رضاء أميرالمؤمنين.
فقال: اذن تسعد بذلك عندالله تعالي.
و كانت هذه السياسة المشرقة تجاه العلويين قد نال بها رضاء العامة و الخاصة، و انبري الشعراء الي مدحه و الثناء عليه.
يقول البحتري:
تبسم عن واضح ذي أشر
و تنظر من فاتر ذي حور
و آل أبي طالب بعد ما
اذيع بسريهم فابذعر
و نالت أدانيهم جفوة
تكاد السماء لها تنفطر
وصلت شوابك أرحامهم
و قد أوشك الحبل أن ينبتر
[ صفحه 284]
فقربت من حظهم ما نأي
وصفيت من شربهم ما كدر
و قال البحتري:
و أن عليا لأولي بكم
و أزكي يدا عندكم من عمر
و كل له فضله و الحجول
يوم التفاضل دون الغرر [1] .
و أجزل المنتصر العطاء للبحتري علي مدحه له ببره و احسانه الي السادة العلويين، و انبري يزيد بن محمد المهلبي، و كان من الشيعة، فمدح المنتصر بهذه الأبيات:
و لقد بررت الطالبية بعدما
ذموا زمانا بعده و زمانا
و رددت الفة هاشم فرأيتهم
بعد العداوة بينهم اخوانا
آنست ليلهم وجدت عليهم
حتي نسوا الأحقاد و الأضغانا
لو يعلم الأسلاف كيف بررتهم
لرأوك أثقل من بها ميزانا [2] .
لقد قوبلت هذه المكرمة بمزيد من الاعجاب و الاكبار من مختلف الأوساط الشعبية، فقد أسدي الي آل النبي صلي الله عليه و آله يدا بيضاء تذكر بالخير علي امتداد التاريخ.
و لم يقتصر المنتصر علي هذا اللطف الذي خص به العلويين، و انما شمل المسلمين بلطف آخر، فقد أصدر اعلانا يقضي بالسماح بزيارة قبر الامام أميرالمؤمنين عليه السلام، و مرقد الامام الحسين سيد شباب أهل الجنة، و ذلك بعد أن منع المتوكل رسميا زيارة هذين المرقدين [3] و تهدد بأقصي العقوبة من يزورهما، و قد
[ صفحه 285]
سجل له بذلك صفحات بيضاء ناصعة في تاريخ حياته.
پاورقي
[1] ديوان البحتري: 2: 848، القصيدة 340.
[2] أخبار البحتري: 100 و 101. مروج الذهب: 4: 82.
[3] حياة الامام الهادي عليه السلام: 339.