في مقره الأخير
وجي ء بالجثمان الطاهر تحت هالة من التكبير و التعظيم الي مقره الأخير، فدفن في داره الي جانب أبيه الامام علي الهادي عليه السلام، و قد واروا معه صفحة مشرقة من صفحات الرسالة الاسلامية، و واروا فلذة من كبد رسول الله صلي الله عليه و آله.
لقد حظيت سامراء ببدرين من أئمة المسلمين و قادتهم، و صارت في طليعة الأماكن المقدسة في دنيا الاسلام و هي حافلة في كل وقت بالزائرين من جميع الأقاليم و الأقطار، و قد زار المرقدين العظيمين الخليفة العباسي الناصر لدين الله متبركا و متقربا الي الله تعالي.
و قد أشار عليه بعض وزرائه بزيارة قبور آبائه من ملوك بني العباس، فأجابه الي ذلك، و لما انتهي اليها وجدها مظلمة قد عششت فيها الغربان، و عادت مزبلة لما فيها من أوساخ و قمامة، و هي ببؤسها تحكي جور اولئك الملوك و ظلمهم، فطلب منه الوزير العناية بها، و بذل الأموال لاصلاحها و لمن يزورها، فأجابه الناصر بالجواب الحاسم المركز علي الواقع قائلا: هيهات لا ينفع ذلك و لا يجدي شيئا.
- لماذا يا أميرالمؤمنين؟
- نظرت الي ازدهار قبور الأئمة الطاهرين.
- نعم.
- أتعرف السر في ذلك؟
- لا.
- ان آبائي اتصلوا بالشيطان و هؤلاء السادة اتصلوا بالله، و ما كان لله يبقي و ما كان
[ صفحه 310]
للشيطان يفني و يزول [1] .
انها حقيقة لا ريب و لا شك فيها، و ستبقي قبور الأئمة الطاهرين عليهم السلام علي امتداد التاريخ تحمل شارات العظمة و الخلود.
و علي أي حال، فقد وقف السادة العلويون و بنوالعباس و جعفر أخو الامام علي حافة القبر، و أقبلت الجماهير تعزيهم و تواسيهم بمصابهم الأليم، و هم يشكرونهم علي ذلك، و انصرف المشيعون و قد نخر الحزن قلوبهم لفقدهم الامام عليه السلام.
پاورقي
[1] الخصائص الفاطمية: 1: 417 و 418.