بعض اصحاب الامام
صحيح ان الاصحاب المقربين للامام العسكري (عليه السلام) لم يكونوا كثيرين بسبب ما كان يعيشه الامام من محدوديات و ما كان يعيشه المجتمع من اضطهاد، الا ان هؤلاء الافراد القليلين الذين فازوا بمرافقة الامام و الانتفاع به يعتبرون من جملة كبار رجال الله
[ صفحه 31]
و من ابرز العلماء المتقين، و نذكرهنا باختصار بعضا من هؤلاء:
1- احمد بن اسحاق الأشعري القمي: و هو من الأصحاب المقربين و عمال الامام العسكري عليه السلام، و يعد كبير القميين، و كان يحمل مسائل اهل قم الي الامام و يستلم منه الجواب عليها، و قد ادرك ايضا زمان الامام الجواد و الامام الهادي عليهماالسلام و روي عنها كذلك [1] .
و كتب احمد بن اسحاق رسالة الي الحسين بن روح القمي - النائب الثالث للامام في عصر الغيبة الصغري - يستأذنه في الحج، فأذن له و بعث اليه بثوب، فقال احمد بن اسحاق: نعي الي نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان [2] .
يقول سعد بن عبدالله فيما يتعلق بوفاة احمد بن اسحاق:
اصابته الحمي في مكان يبعد ثلاثة فراسخ عن حلوان (پل ذهاب) و مرض مرضا شديدا بحيث يئسنا منه، و لما وصلنا الي حلوان أقمنا في خان فقال احمد: اتر كوني الليلة وحدي و اذهبوا الي أماكنكم، فذهب كل واحد منا الي مكانه الخاص، و قريب الصباح فكرت فيه و قلقت عليه، و بمجرد ان فتحت عيني شاهدت امامي كافورا خادم مولاي الامام العسكري عليه السلام و هو يقول:
«احسن الله بالخير عزاءكم و جبر بالمحبوب رزيتكم».
[ صفحه 32]
ثم اضاف: لقدتم تغسيل و تكفين مرافقكم احمد، فانهضوا لدفنه، انه بسبب قربه الي الله تعالي كان اكرم منكم جميعا عند مولاكم. ثم غاب عن أنظارنا [3] .
2- ابوهاشم داوود بن القاسم الجعفري: -
و هو من أحفاد جعفر الطيار عليه السلام [4] و من اعظم رجال اهل بيته و اهل بغداد، و كانت له منزلة رفيعة و مقام محمود عند الأئمة عليهم السلام، و قد ادرك الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري عليهم السلام، و كان من جملة الوكلاء و العمال للامام صاحب العصر و الزمان عليه السلام في أوائل الغيبة الصغري.
و كان ابوهاشم مقربا جدا عند الأئمة عليهم السلام و يعد من محبيهم الواقعيين و أصحابهم الخاصين، و قد نقل عددا كبيرا من الروايات عنهم عليهم السلام و ألف كتابا أيضا، و هناك طائفة كبيرة من أبرز رجال الشيعة تروي عن كتابه هذا [5] .
و كان ابوهاشم رجلا متحررا شجاعا غير مبال، فعندما جاءوا برأس يحيي بن عمر الزيدي [6] الي محمد بن عبدالله بن طاهر والي
[ صفحه 33]
بغداد بارك له البعض هذا النصر و هنأوه عليه، فذهب ابوهاشم الي هذا الوالي و خاطبه من دون تحفظ، ايها الأمير جئتك لأبارك لك شيئا لو كان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) حيا لأقام العزاء عليه!
و سكت الوالي و لم يقل شيئا في جواب ابي هاشم [7] .
3- عبدالله بن جعفر الحميري:
و هو من ابرز رجال قم و من جملة الأصحاب المقربين للامام العسكري عليه السلام، و قد ألف كتبا كثيرة، منها كتاب «قرب الاسناد» الذي كان و لا يزال مورد اهتمام كبار علماء الشيعة و فقهائها.
و بعد عام (290) بقليل رحل الي الكوفة و اقتبس منه اهل الكوفة الحديث [8] .
4- ابوعمرو عثمان بن سعيد العمري: -
و هو النائب الأول للامام القائم عجل الله تعالي فرجه الشريف أثناء الغيبة الصغري، و كان رجلا شريفا و موثقا و من كبار أصحاب و وكلاء الامام الهادي و الامام العسكري و الامام المهدي عليهم السلام، و قد نشأ وشب منذ سن الحادية عشرة في خدمة الامام الهادي عليه السلام و كان الرابط و الواسطة بين الناس و الامام الهادي
[ صفحه 34]
و الامام العسكري و الامام الغائب عليهم السلام، و كانت تظهر علي يديه أحيانا بعض الكرامات.
و كما اشرنا من قبل فقد كان أول نائب من النواب الخاصين لامام العصر (عج)، و قبل ذلك كان الامام الهادي و الامام العسكري عليهماالسلام يرجعان الناس اليه ليتعلموا منه المسائل و الأحكام. و كل واحد من الامام الهادي و الامام العسكري (عليهاالسلام) كان يقول في حقه: ابوعمرو (عثمان بن سعيد) ثقتي و أميني، و ما ينقله فهو ينقل عني، و مايوصله اليكم فهو يوصله من قبلي [9] .
پاورقي
[1] تنقيح المقال، ج 1، ص 50.
[2] اختيار معرفة الرجال، ص 557.
[3] منتهي الآمال، ص 279.
[4] جامع الرواة، ج 1، ص 307: «داوود بن القاسم بن اسحاق بن عبدلله بن جعفر بن ابي طالب...».
[5] تنقيح المقال، ج 1، ص 413 - 412 - و ليرجع من شاء الي الأجزاء التي تتناول حياد الامام التاسع و الامام العاشر و الامام الحادي عشر من بحارالأنوار.
[6] يحيي هو احد العلويين الاتقياء الشجعان و قد ثار علي حكومة المستعين العباسي و قتل.
[7] قاموس الرجال، ج 4، ص 59.
[8] تنقيح المقال، ج 2، ص 174.
[9] تنقيح المقال، ج 2، ص 245 - قاموس الرجال، ج 6، ص 245.