بازگشت

ظهرت للوالي حين قبض سارقا ادعي التشيع و تبيينه معني الشيعي و خصوصياته


(الامام أبومحمد العسكري عليه السلام) في تفسيره رواه «أبويعقوب يوسف بن زياد»، و «علي بن زياد» (رض) قالا: حضرنا ليلة علي غرفة الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام و قد كان ملك الزمان له معظما، و حاشيته له مبجلين، اذ مر علينا، و الي البلد و الي الجسرين، و معه



[ صفحه 141]



رجل مكفوف، و الحسن بن علي عليه السلام مشرف من روزنته فلما رآه الوالي ترجل عن دابته اجلالا له.

فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: عد الي موضعك، فعاد و هو معظم له.

و قال: يابن رسول الله أخذت هذا في هذه الليلة علي باب حانوت صيرفي فاتهمته بأنه يريد نقبه و السرقة منه، فغضبت عليه، فلما هممت بأن أضربه خمسمائة، و هذا سبيلي فيمن اتهمه ممن آخذه ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني من لا أطيق مدافعته، فقال لي: اتق الله و لا تتعرض لسخط الله فاني من شيعة أميرالمؤمنين، و شيعة هذا الامام أبي القائم بأمر الله فكففت و قلت: أنا ما ربك عليه، فان عرفك بالتشيع أطلقت عنك و الا قطعت يدك و رجلك بعد أن أجلدك ألف سوط، و جئتك يابن رسول الله، فهل هو من شيعة علي عليه السلام، كما ادعي.

فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: معاذ الله ما هذا من شيعة علي عليه السلام، و انما ابتلاه في يدك لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي عليه السلام كفيتني مؤنته، الآن أضربه خمسمائة ضربة لا حرج علي فيها، فلما نحاه بعيدا، قال: أبطحوه، فبطحوه و أقام عليه جلادين، واحد عن يمينه و آخر عن شماله، و قال: أوجعاه، فأهويا اليه بعصيهما، فكان لا يصيبان استه شيئا، انما يصيب الأرض، فضجر من ذلك و قال ويلكم تضربون الأرض، اضربوا استه فذهبوا يضربون استه فعدلت أيديهم، فجعل يضرب بعضهم بعضا، و يصيح و يتأوه، فقال لهم: و يحكم أمجانين أنتم يضرب بعضكم بعضا، اضربوا الرجل.

فقالوا ما نضرب الا الرجل و ما نقصد سواه، و لكن تعد لنا أيدينا حتي يضرب بعضنا بعضا.



[ صفحه 142]



قال: فقال: يا فلان و يان فلان و يا فلان، حتي دعا أربعة و صاروا مع الأولين ستة و قال: أحيطوا به، فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم و ترفع عصيهم الي و كانت لا تقع الا بالوالي، فسقط عن دابته و قال: قتلتموني قتلكم الله، ما هذا؟ قالوا: ما ضربنا الا اياه.

ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا، فجاؤوا يضربونه بعد، فقال: يا ويلكم اياي تضربون، قالوا: لا والله لا نضرب الا الرجل.

قال الوالي: فمن لي هذه الشجات برأسي و وجهي و بدني ان لم تكونوا تضربوني.

قالوا: شلت أيادينا ان كنا قصدناك بضرب.

فقال الرجل: يا عبدالله الوالي، أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب، ويلك ردني الي الامام عليه السلام و امتثل في أمره.

قال: فرده الوالي بعد بين يدي الحسن بن علي عليه السلام، فقال: يابن رسول الله عجبا لهذا، أنكرت أن يكون من شيعتكم، فهو من شيعة ابليس و هي في النار، و قد رأيت له من المعجزات ما لا يكون الا للأنبياء.

فقال الحسن بن علي عليه السلام للوالي: يا عبدالله انه كذب في دعواه، انه من شيعتنا، كذبة لو عرفها ثم تعمدها لابتلي بجميع عذابك له، و لبقي في المطبق ثلاثين سنة، و لكن الله تعالي رحمه لاطلاق كلمة علي ما عني، لا علي من يديك خل عنه فانه من موالينا و محبينا، و ليس من شيعتنا.

فقال الوالي: ما كان هذا كله عندنا الا سواء، فما الفرق؟

قال الامام عليه السلام: الفرق أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا و يطيعونا في جميع أوامرنا و نواهينا، فأولئك شيعتنا.



[ صفحه 143]



فأما من خالفنا في كثير ما فرضنا مما فرض الله عليه فليسوا من شيعتنا.

قال الامام عليه السلام: للوالي: فأنت فقد كذبت كذبة لو تعمدتها و كذبتها لابتلاك الله عزوجل بضرب ألف سوط، و سجن ثلاثين سنة المطبق.

فقال: و ما هي يا بن رسول الله؟

قال عليه السلام: بزعمك أنك رأيت له معجزات، لأن المعجزات ليست له، انما هي لنا، أظهرها الله تعالي فيه آياته لحججنا، و ايضاحا لجلالتنا و شرفنا، ولو قلت شاهدت فيه معجزات لم أنكره عليك، أليس أحيي عيسي الميت معجزة؟ أفهي للميت أم لعيسي؟ أوليس خلق من الطين كهيئة الطير فصار طيرا باذن الله، أهي للطير أو لعيسي؟ أوليس الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة؟ أفهي من معجزة القردة، أو لنبي ذلك الزمان؟

فقال الوالي: أستغفر الله و أتوب اليه.

قال الحسن بن علي عليه السلام للرجل الذي قال له: أنا من شيعة علي: يا عبدالله لست من شيعة علي عليه السلام، انما أنت من محبيه، ان شيعة علي عليه السلام الذين قال الله تعالي فيهم: (و الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) [1] و هم الذين آمنوا بالله و صفوه بصفاته، و نزهوه عن خلاف صفاته، و صدقوا محمدا في أقواله، و صوبوه في كل أفعاله و قالوا: ان عليا بعده سيد امام و قوام همام، و لا يعدله من أمة محمد أحد، و لا كلهم اذا أجمعوا في كفة يوزنون بوزنه، بل يرجح عليهم كما ترجح السماء و الأرض علي الذرة.



[ صفحه 144]



و شيعة علي عليه السلام هم الذين لا يبالون في سبيل الله وقع الموت عليهم، أو وقعوا عليه.

و شيعة علي عليه السلام هم الذين يؤثرون اخوانهم علي أنفسهم، و لو كان بهم خصاصة.

و هم الذين لا يراهم الله حيث نهاهم، و لا يفقدهم من حيث أمرهم.

و شيعة علي عليه السلام هم الذين يقتدون بعلي عليه السلام في اكرام اخوانهم المؤمنين.

ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فذلك قوله، و عملوا الصالحات، قضوا الفرائض كلها بعد التوحيد، و اعتقاد النبوة و الامامة، و أعظمها فرضان: قضاء حقوق الاخوان في الله، و استعمال التقية من أعداء الله [2] .


پاورقي

[1] سورة البقرة؛ الآية: 82.

[2] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 569.