بازگشت

في علمه بحمولة محمد بن يحيي البزاز و ما معه من متاع


(الحضيني في هدايته قال): حدثني «أبوالحسن محمد بن يحيي الخرقي» ببغداد فيي الجانب الشرقي قال:

كان أبي بزاز من الكرخ، و كان يحمل المتاع الي سر من رأي، و يبيع بها و يعود، فلما شبيت و صرت رجلا جهز لي متاعا و أمرني بحمله الي سر من رأي، و ضم الي غلمانا كانوا لنا، و كتب لي كتبا الي أصحاب أصدقاء له بزازين الي سر من رأي، أنظر الي صاحب هذا الكتاب من هو فأطعه طاعتك لي، وقف عند أمره، و لا تخالفه، و اعمل بما يرسمه لك، و أكد علي في ذلك. و خرجت الي



[ صفحه 145]



سر من رأي، فلما وصلت اليها صرت الي البزازين، فأوصلت كتب أبي اليهم، فدفعوا الي حانوتا و أمرني الرجل الذي أمرني أبي بطاعته أن أحمل المتاع من السفينة الي الحانوت، ففعلت ذلك و لم أكن دخلت سر من رأي قبل ذلك، فأنا و غلماني أميز المتاع من السفينة الي الحانوت و نعينه حتي جاءني خادم فقال لي: يا أباالحسن محمد بن يحيي الخرقي أجب مولاي. فرأيته خادما جليلا، فقلت له: و ما علمك بكنيتي و اسمي و نسبي و ما دخلت هذه المدينة الا في يومي هذا، و ما يريد مولاك؟

قال: قم عافاك الله معي و لا تخالف، فما هاهنا شي ء تخافه، و لا تحذره.

فذكرت قول أبي، و ما أمرني به من مشاورة ذلك الرجل و العمل بما يرسمه، و كان جاري بجانب حانوتي، فقمت اليه و قلت له: يا سيدي جاءني خادم جليل و سماني و كناني و قال: أجب مولاي.

فوثب الرجل من حانوته اليه، فلما رآه قبل يده و قال: يا بني أسرع معه و لا تخالف ما تؤمر به، و اقبل كلما يقال لك.

فقلت من نفسي: هذا من خدم السلطان أو وزير أو أمير، فقلت للرجل:

أنا شعث الشعر، و متاعي مختلط، و لا أدري ما يراد مني.

فقال: أسكت يا بني، و امض مع الخادم، و كلما يقول لك فقل نعم.

فمضيت مع الخادم و أنا خائف و جل، حتي انتهي بي الي باب عظيم و دخل بي من دهليز الي دهليز و من دار الي دار تخيل أن يمر بي أنها الجنة، حتي انتهيت الي شخص جالس علي بساط أخضر.

فلما رأيته انتفضت و أدخلني رهبة و هيبة، و الخادم يقول لي:



[ صفحه 146]



أدن، حتي قربت منه عليه السلام فأشار الي بالجلوس، فجلست و ما أملك عقلي، فأمهلني حتي سكنت بعض السكون، ثم قال عليه السلام احمل الينا رحمك الله حبرتين في متاعك.

و لم أكن والله علمت أن معي حبرا، و لا وقفت عليها، فكرهت أن أقول ليس معي حبر، فأخالف ما أوصاني به الرجل، و خفت أن أقول نعم فأكذب فتحيرت و أنا ساكت.

فقال لي عليه السلام: قم يا محمد الي حانوتك، فعد ستة أسفاط من متاعك، و خذ السفط السبع فافتحه، و اعزل الثوب الأول الذي يلقاك من أوله، و خذ الثوب الثاني الذي في طيه، و فيها رقعة بشري الحبرة رسم ذلك الربح، و هو في العشر اثنان، و الثمن اثنان و عشرون دينارا وأحد عشر قيراطا و حبة، و انشر الرزمة العظمي في متاعك فعد منها ثلاثة أبواب، و خذ الرابع فافتحه فانك تجد حبرة في طيها رقعة تسعة عشر دينارا و عشر قيراط و حبتان، و الربح في العشرة اثنان.

فقلت: نعم و لا علم لي بذلك، فوقعت عند قيامي بين يديه عليه السلام، فمشيت القهقري لم أول ظهري اجلالا له و اعظاما، و أنا لا أعرفه.

فقال لي الخادم و نحن في الطريق: طوبا لك لقد أسعدك الله بقدومك.

فلم أجبه غير قولي نعم، و صرت الي حانوتي، و دعوت بالرجل، فقصصت عليه قصتي و ما قال لي عليه السلام، فبكي و وضع خده علي الأرض و قال:

قولك يا مولاي حق، و علمك من علم الله، و قفز الي السفط والرزمة فاستخرج الحبرتين فأخرج المرقعتين، فوجدنا رأس المال و الربح و موضعهما في طي الثوبين كما قال عليه السلام.



[ صفحه 147]



فقلت: أي شي ء يا عم هذا الانسان، كاهن أو حاسب أو مخدوم؟

فبكي و قال: يا بني لم تخاطب بما خوطبت به الا لأن لك عند الله منزلة، و ستعلم من هو.

فقلت: يا عم مالي قلب أرجع به اليه، فسكن من قلبي و قوي نفسي و مشي معي الي أن قربت من الدار، فقال لي: انا ننتظرك الي أن تخرج.

فقلت يا عم اعتذر اليه و أقول اني لا علم لا بالحبرتين.

فقال لي: بل تفعل كما قال لك.

فدخلت فوضعت الحبرتين بين يديه عليه السلام، فقال لي عليه السلام: أجلس، فجلست و أنا لا أطيق النظر اليه اعظاما و اجلالا.

فقال عليه السلام للخادم: خذ الحبرتين، فأخذهما و دخل و ضرب بيده الي البساط، فلم أر عليه شيئا، فقبض قبضة و قال: هذا ثمن حبريتك و ربحهما، امض راشدا فاذا جاءك رسولنا فلا تنحر عنا.

فأخذتها في طرون ملائي فاذا هي دنانير، فخرجت فاذا الرجل واقفا، فقال:

هيه حدثني، فأخذت بيده و قلت له يا عم، الله الله فما أطيق ما رأيت.

فقال لي: قل، فقلت له: ضرب بيده عليه السلام الي البساط و ليس عليه شي ء، فقبض قبضة من دنانير فأعطانيها و قال لي: هذه ثمن حبريتك و ربحهما، فوزناها و حسبنا الربح، فكان رأس المال الذي ذكره، و الربح لا يزيد حبة و لا ينقص حبة.

فقال: يا بني تعرفه؟ فقلت: لا يا عم، فقال لي: هذا مولانا



[ صفحه 148]



أبومحمد الحسن بن علي عليه السلام حجة الله علي جميع الخلق [1] .


پاورقي

[1] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 582.