بازگشت

باب وفاته والرد علي من ينكرها


1 - ك: أبي وابن الوليد معا عن سعد بن عبدالله قال: حدثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمد العسكري ودفنه ممن لايوقف علي إحصاء عددهم، ولايجوز علي مثلهم التواطئ بالكذب.

وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام بثمانية عشر سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيدالله ابن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذ علي الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلق الله وأشد هم عداوة لهم.

فجري ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأي، ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان، فقال أحمد بن عبيدالله: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأي رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ولاسمعت به في هديه وسكونه، وعفافه، ونبله، وكرمه، عند أهل بيته، والسلطان وجميع بني هاشم، و تقديمهم إياه علي ذوي السن منهم والخطر، وكذلك القواد والوزراء والكتاب وعوام الناس.

وإني كنت قائما ذات يوم علي رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس، إذ دخل عليه حجابه فقالوا له: ابن الرضا علي الباب فقال بصوت عال: ائذنوا له فدخل.



[ صفحه 326]



رجل أسمر أعين حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، حدث السن، له جلالة وهيبة.

فلما نظر إليه أبي قام فمشي إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم، ولا بالقواد ولا بأولياء العهد، فلما دنامنه عانقه وقبل وجهه، ومنكبيه، وأخذ بيده وأجلسه علي مصلاه الذي كان عليه وجلس إلي جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويكنيه ويفديه بنفسه وأبويه، وأنا متعجب مما أري منه إذ دخل عليه الحجاب فقالوا: الموفق قد جاء [1] .

وكان الموفق إذا جاء ودخل علي أبي تقدم حجابه وخاصة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين الدار سماطين إلي أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلا عليه يحدثه حتي نظر إلي غلمان الخاصة فقال حينئذ: إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثم قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الامير يعني الموفق وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضي.

فقلت لحجاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي [2] فعل به أبي هذا الذي فعل؟ فقالوا: هذارجل من العلوية يقال له: الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتي كان الليل، وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرت وما يرفعه إلي السلطان فلما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه [3] فقال: يا أحمد ألك حاجة؟ قلت: نعم يا أبه، إن أذنت، سألتك عنها، فقال: قد أذنت لك يا بني فقل ما إحببت فقلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الا جلال والاكرام و



[ صفحه 327]



التبجيل، وفديته بنفسك وأبويك؟ فقال: يا بني ذلك ابن الرضا، ذاك إمام الرافضة، فسكت ساعة فقال: يا بني لوزالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا، فان هذا يستحقها في فضله، وعفانه وهديه وصيانة نفسه، وزهده، وعبادته، وجميل أخلاقه، وصلاحه، ولو رأيت أباه لرأيت رجلا جليلا نبيلا خيرا فاضلا.

فازددت قلقا وتفكرا وغيظا علي أبي مما سمعت منه فيه، ولم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره، والبحث عن أمره، فما سألت عنه أحدامن نبي - هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام، والمحل الرفيع، والقول الجميل، والتقديم له علي [4] أهل بيته ومشايخه وغيرهم، وكل يقول: هو إمام الرافضة، فعظم قدره عندي إذ لم أرله وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه، والثناء عليه.

فقال له بعض أهل المجلس من الاشعريين: يا بابكر فماحال أخيه جعفر؟ فقال: ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به؟ إن جعفرا معلن بالفسق، ما جن شريب للخمور، أقل من رأيت من الرجال، وأهتكهم لستره بنفسه فدم خمار [5] قليل في نفسه، خفيف.

والله لقد ورد علي السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه، وما ظننت أنه يكون.

وذلك أنه لما اعتل بعث إلي أبي أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته مبادرا إلي دار الخلافة، ثم رجع مستجعلا ومعه خمسة نفر من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته، فمنهم نحرير [6] وأمرهم بلزوم دار الحسن



[ صفحه 328]



ابن علي وتعرف خبره وحاله وبعث إلي نفر من المتطببين فأمر هم بالاختلاف إليه، وتعاهده في صباح ومساء.

فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف، فركب حتي بكر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه، وبعث إلي قاضي القضاة فأحضرء مجلسه، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأما نته وورعه فأحضرهم فبعث بهم إلي دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا.

فلم يزالوا هناك حتي توفي لايام مضت من شهر ربيع الاول من سنة ستين ومائتين فصارت سرمن رأي ضجة واحدة " مات ابن الرضا ".

وبعث السلطان إلي داره من يفتشها ويفتش حجرها، وختم علي جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده، وجاؤا بنساء يعرفن الحبل، فدخلن علي جواريه فنظر إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل، فأمربها فجعلت في حجرة ووكل بها نحريرالخادم وأصحابه، ونسوة معهم [7] ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته، وعطلت الاسواق، وركب أبي وبنوهاشم، والقواد والكتاب وسائر الناس إلي جنازته فكانت سر من رأي يومئذ شبيها بالقيامة.

فلما فرغوا من تهيئته، بعث السلطان إلي أبي عيسي ابن المتوكل، فأمره بالصلاه عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة، دنا أبوعيسي منها فكشف عن وجهه فعرضه علي بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين، وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه علي فراشه حضره من خدم أميرالمؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان.

ثم غطي وجهه، وقام فصلي عليه وكبر عليه خمسا وأمر بحمله، وحمل من وسط داره، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه.



[ صفحه 329]



فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل، والدور، وتوقفوا عن قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليه الحبل ملازمين لها سنتين، وأكثر حتي تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين امه وأخيه جعفر، وادعت امه وصيته وثبت ذلك عند القاضي، والسلطان علي ذلك يطلب أثر ولده.

فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلي أبي وقال له: اجعل لي مرتبة أبي وأخي واوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار، فزبره أبي وأسمعه وقال له: يا أحمق إن السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليرد هم عن ذلك، فلم يقدر عليه، ولم يتهيأله صرفهم عن هذا القول فيهما، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة، فلم يتهيأله ذلك، فان كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلي سلطان يرتبك مراتبهم، ولا غير سلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها.

واستقله عند ذلك، واستضعفه، وأمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له بالدخول عليه حتي مات أبي، وخرجنا والامر علي تلك الحال، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي حتي اليوم [8] .

2 - عم [9] شا: ابن قولويه، عن الكليني [10] ، عن الحسن بن محمد الاشعري ومحمد بن يحيي وغيرهما قالوا: كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان علي الضياع والخراج



[ صفحه 330]



بقم، وذكر مثله [11] .

بيان: " سماط القوم " بالكسر صفهم، والفدم العيي عن الكلام في ثقل ورخاوة وقلة فهم - والغليظ الاحمق الجا في [12] و " الزبر " المنع و " أسمعه " أي شتمه.

واقول: ذكر الشيخ في فهر سته في ترجمة أحمد بن عبيد الله بن يحيي بن خاقان " له مجلس يصف فيه أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد، عن عبدالله بن جعفر الحميري قال: حضرت وحضر جماعة من آل سعد بن مالك، وآل طلحة، وجماعة من التجار في شعبان لاحدي عشرة ليلة مضت من سنة ثمان وسبعين ومائتين مجلس أحمد بن عبيدالله بكورة قم فجري ذكر من كان بسر من رأي من العلوية وآل أبي طالب، فقال: أحمد بن عبيد الله: ما كان بسر من رأي رجل من العلوية مثل رجل رأيته يوما عند أبي عبيد الله بن يحيي يقال له الحسن بن علي عليهما السلام ثم وصفه وساق الحديث " انتهي وقال النجاشي في فهرسته: أحمد بن عبيد الله بن يحيي بن خاقان ذكره أصحابا في المصنفين وأن له كتابا يصف فيه سيدنا أبا محمد لم أر هذا الكتاب [13] .

2 - ير: الحسن بن علي الزيتوني، عن إبراهيم بن مهزيار وسهل بن الهرمزان، عن محمد بن أبي الزعفران، عن ام أبي محمد عليه السلام قالت: قال لي أبومحمد يوما من الايام تصيبني في سنة ستين حزازة أخاف أن أنكب فيها نكبة، فان سلمت منها فالي سنة سبعين، قالت: فأظهرت الجزع، وبكيت فقال: لابد لي من وقوع أمر الله، فلا تجزعي.



[ صفحه 331]



فلما أن كان أيام صفر أخذها المقيم المقعد، وجعلت تقوم وتقعد، وتخرج في الاحايين إلي الجبل، وتجسس الاخبار حتي ورد عليها، الخبر [14] .

بيان: أخذها المقيم المقعده " أي الحزن الذي يقيمها ويقعدها.

3 - ك: وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ ولم أسمعه عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال: مات أبومحمد عليه السلام يوم الجمعة مع صلاة الغداة وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كتبا كثيرة إلي المدينة وذلك في شهر ربيع الاول لثمان خلون سنة ستين ومائتين للهجرة، ولم يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية، وعقيد الخادم، ومن علم الله غيرهما.

قال عقيد: فدعا بماء قد اغلي بالمصطكي فجئنا به إليه، فقال: أبدأ بالصلاة جيئوني فجئنا به، وبسطنا في حجره المنديل وأخذ من صقيل الماء، فغسل به وجهه وذراعيه مرة مرة ومسح علي رأسه وقدميه مسحا وصلي صلاة الصبح علي فراشه وأخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه، ويده ترعد، فأخذت صقيل القدح من يده، ومضي من ساعته صلي الله عليه ودفن في داره بسرمن رأي إلي جانب أبيه عليه السلام وصار إلي كرامة الله جل جلاله، وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة.

قال: وقال لي ابن عباد: في هذا الحديث: قدمت ام أبي محمد عليه السلام من المدينة واسمها حديث حين اتصل بها الخبر إلي سر من رأي، فكانت لها أقا صيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بميراثه، وسعايته بها إلي السلطان، وكشف ما أمر الله عزوجل بستره.

وادعت عند ذلك صقيل أنها حامل فحملت إلي دار المعتمد فجعلن نساء المعتمد وخدمه ونساء الموفق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت، ويراعونه إلي أن دهمهم أمر الصفار [15] وموت عبيد الله ابن يحيي بن خاقان بغتة، وخروجهم عن سر من رأي، وأمر صاحب الزنج



[ صفحه 332]



بالبصرة وغير ذلك فشغلهم عنها [16] .

4 - ك: قال أبوالحسن علي بن محمد بن حباب [17] : حدثنا أبوالاديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأحمل كتبه إلي الامصار، فدخلت إليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا وقال: تمضي بها إلي المدائن فانك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلي سر من رأي يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري، وتجدني علي المغتسل.

قال أبوالاديان: فقلت: يا سيدي فاذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابك كتبي، فهو القائم بعدي؟ فقلت: زدني، فقال من يصلي علي فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهوالقائم بعدي.

ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان؟ وخرجت بالكتب إلي المدائن وأخذت جواباتها، ودخلت سر من رأي يوم الخامس عشر كما قال لي عليه السلام فاذا أنابالواعية في داره وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار، والشيعة حوله يعزونه ويهنؤنه.

فقلت في نفسي: إن يكن هذا الامام فقد حالت الامامة، لاني كنت أعرفه بشرب النبيذ، ويقامر في الجوسق، ويلعب بالطنبور، فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شئ ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة.

فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليه السلام علي نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي علي أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط بأسنانه تفليج، فجبذ رداء جعفر بن علي وقال: تأخر ياعم فأنا أحق بالصلاة



[ صفحه 333]



علي أبي فتأخر جعفر، وقد اربد وجهه، فتقدم الصبي فصلي عليه، ودفن إلي جانب قبرأبيه.

ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك، فدفعتها إليه، وقلت في نفسي: هذه اثنتان بقي الهميان، ثم خرجت إلي جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي؟ ليقيم عليه الحجة فقال: والله ما رأيت قط ولاعرفته.

فنحن جلوس إذ قدم نفرمن قم، فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا: فمن؟ فأشار الناس إلي جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنؤوه، وقالوا معنا كتب ومال، فتقول: ممن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: يريدون منا أن نعلم الغيب.

قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار، عشرة دنانير منها مطلية [18] فدفعوا الكتب والمال، وقالوا: الذي وجه بك لاجل ذلك هو الامام.

فدخل جعفر بن علي علي المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا علي صقيل الجارية، وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت حملا بها لتغطي علي حال الصبي فسلمت إلي ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيي بن خاقان، فجاءة وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم والحمدلله رب العالمين لاشريك له [19] .

بيان: " الجوسق " القصر، " وجبذ " أي جذب وفي النهاية اربد وجهه أي تغير إلي الغبرة، وقيل الربدة لون بين السواد والغبرة.

اقول: أوردنا بعض الاخبار في ذلك في باب من رأي القائم عليه السلام [20] .



[ صفحه 334]



5 - شا: مرض أبومحمد الحسن في أول شهر ربيع الاول سنة ستين ومات في يوم الجمعة لثمان خلون من هذا الشهر في السنة المذكورة، وله يوم وفاته ثمان وعشرون سنة فدفن في البيت الذي دفن أبوه من دارهما بسر من رأي، وخلف ابنه المنتظر لدولة الحق.

وكان قد أخفي مولده وستر أمره لصعوبة الوقت، وشدة طلب سلطان الزمان له، واجتهاده في البحث عن أمره، لماشاع من مذهب الشيعة الامامية فيه، وعرف من انتظارهم له، فلم يظهر ولده عليه السلام في حياته، ولاعرفه الجمهور بعد وفاته.

وتولي جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه السلام أخذ تركته، وسعي في حبس جواري أبي محمد عليه السلام واعتقال حلائله، وشنع علي أصحابه بانتظارهم ولده، وقطعهم بوجوده والقول بامامته، وأغري بالقوم حتي أخافهم وشددهم، وجري علي مخلفي أبي الحسن عليه السلام بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أبي محمد عليه السلام واجتهد في القيام علي الشيعة مقامه فلم يقبل أحد منهم ذلك، ولا اعتقدوه فيه، فصار إلي سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، وبذل مالا جليلا وتقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به، فلم ينتفع بشئ من ذلك.

ولجعفرأخبار كثيرة في هذا المعني رأيت الاعراض عن ذكرها، لاسباب لايحتمل الكتاب شرحها، وهي مشهورة عند الامامية ومن عرف أخبار الناس من العامة وبالله أستعين.

[21] .

6 - نص: علي بن محمد الدقان عن العطار، عن أبيه، عن الفزاري، عن محمد بن أحمد المدائني، عن أبي غانم قال: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: في سنة مائتين وستين تفترق شيعتي وفيها قبض أبومحمد عليه السلام، وتفرقت شيعته وأنصاره، فمنهم.

من انتهي إلي جعفر، ومنهم من أتاه وشك، ومنهم من وقف علي الحيرة، ومنهم



[ صفحه 335]



من ثبت علي دينه بتوفيق الله عزوجل.

[22] .

7 - مصبا: في أول يوم من ربيع الاول كانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام ومصير الامر إلي القائم بالحق عليه السلام.

8 - قل: ذكر الشيخ الثقة محمد بن جرير الطبري الامامي في كتاب التعريف ومحمد بن هارون التلعكبري وحسين بن حمدان الخطيب والمفيد في كتاب مولد النبي والاوصياء والشيخ في التهذيب وحسين بن خزيمة، ونصربن علي الجهضمي في كتاب المواليد وكذلك الخشاب في كتاب المواليد وابن شهر آشوب في كتاب المواليد أن وفاة مولانا الحسن العسكري عليه السلام كانت لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول.

9 - الدروس: قبض عليه السلام بسر من رأي يوم الاحد، وقال المفيد يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين.

10 - كا: قبض عليه السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين وهو ابن ثمان وعشرين سنة، ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما السلام بسر من رأي [23] .

11 - ضه: مثله، وقال وكانت مدة خلافته ست سنين، ومرض في أول شهر ربيع الاول وتوفي يوم الجمعة.

12 - كف: توفي عليه السلام في أول يوم من ربيع الاول وقال في موضع آخر في يوم الجمعة ثامنه، سمه المعتمد.

13 - عيون المعجزات: عن أحمد بن إسحاق بن مصقلة قال: دخلت علي أبي محمد عليه السلام فقال لي: يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك.



[ صفحه 336]



والارتياب؟ قلت: لما ورد الكتاب بخبر مولد سيدنا عليه السلام، لم يبق منا رجل ولا امرءة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق قال عليه السلام: أما علمتم أن الارض لاتخلو من حجة الله تعالي.

ثم أمر أبومحمد عليه السلام والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومائتين وعرفها ما يناله في سنة ستين، ثم سلم الاسم الا عظم والمواريث والسلاح إلي القائم الصاحب عليه السلام، وخرجت ام أبي محمد إلي مكة وقبض عليه السلام في شهر ربيع الاخر سنة ستين ومائتين ودفن بسرمن رأي إلي جانب أبيه صلوات الله عليهما، وكان من مولده إلي وقت مضيه تسع وعشرون سنة.

14 - مروج الذهب: في سنة ستين ومائتين قبض أبومحمد الحسن بن علي عليهما السلام في خلافة المعتمد، وهو ابن تسع وعشرين سنة، وهو أبوالمهدي المنتظر، والامام الثاني عشر، عند القطعية من الامامية، وهم جمهور الشيعة، وقد تنازع هؤلاء في المنتظر من آل محمد بعد وفاة الحسن بن علي عليهما السلام وافترقوا علي عشرين فرقة [24] .



[ صفحه 337]




پاورقي

[1] الموفق هو أخو الخليفة المعتمد علي الله: أحمد بن المتوكل، وكان صاحب حيشه.

[2] في الكافي: ويلكم من هذا الذي كنيتموه علي أبي.

[3] زاد في اعلام الوري: وليس عنده أحد.

[4] في اعلام الوري: علي جميع أهل بيته.

[5] سيجئ في بيان المؤلف قدس سره بيان ذلك، وفي المصدر المطبوع هكذا: فدم حمار " يعني كنك وأحمق "!.

[6] في نسخة اعلام الوري والارشاد: فيهم نحرير، وقد مر أنه كان رائضا للسباع.

[7] دخل جعفر بن علي علي المعتمد وكشف له عن حال ابن أخيه الحجة عليه السلام فوجه المتعمد خدمه فقبضوا علي صقيل الجارية، وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت بها حملابها لتفظي علي حال الصبي، فسلمت إلي ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبدالله بن يحيي ابن خاقان فجاءة وخرو ج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم.

[8] كمال الدين ج 1 ص 120 - 125.

[9] اعلام الوري ص 357 - 359.

[10] الكافي ج 1 ص 503 - 506.

[11] الارشاد ص 318 - 320 وبعده: وهو لايجد إلي ذلك سبيلا، وشيعته مقيمون علي أنه مات وخلف ولدا يقوم مقامه في الامامة وقدرواه ملخصا في المناقب ج 4 ص 423 وهكذا سائر الكتب.

[12] كل ذلك تفسير للفدم.

[13] رجال النجاشي ص 68.

[14] بصائرالدرجات ص 482.

[15] يعني يعقوب بن ليث الصفار الذي خرج علي العباسية.

[16] كمال الدين ج 2 ص 149 - 150.

[17] في المصدر المطبوع: خشاب.

[18] مطلسة ظ، والدينار المطلس الذي انمحي أثر نقشه.

[19] كمال الدين ج 1 ص 150 - 152.

[20] راجع ج 52 ص 16 و 42 و... من طبعتنا هذه.

[21] ارشاد المفيد ص 325.

[22] كفاية الاثرص 326.

[23] الكافي ج 1 ص 503.

[24] افترق الناس بعد وفاة أبي محمد العسكري عليه السلام إلي فرق.

فرقة أنكرت وفاته، ووقفت عليه، وادعت انه القائم المنتظر، وقد عقد المؤلف قدس سره هذا الباب لاجلهم أيضا حيث قال: والرد علي من ينكرها.

فرقة اعترفت بموته، وزعمت أنه عاش من جديد، فهو الامام المنتظر.

فرقة قالت بانقطاع الامامة من آل محمد " ص " بعده عليه السلام والمرجع للامة: الاخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام.

فرقة ساقت الامامة إلي أخيه جعفربوصية من قبل ابيهما علي الهادي عليهما السلام فرقة قالت بامامة جعفر لكنه بوصية من قبل أخيه أبي محمد العسكري عليه السلام فرقة قالت بامامة ولده علي بن الحسن العسكري وأنه القائم المنتظر، والاختلاف بينهم وبين القطعية من الامامية بامامة المهدي المنتظرم ح م د لفظي.

فرقة أنكرت امامة الحسن عليه السلام - لاجل أن الامام لا يكون الا عن عقب، وهو عليه السلام لم يظهر له ولد حتي يكون اماما صامتا في حياة أبيه - وادعت أن أخاه محمد

بن علي أوصي إلي غلام لابيه اسمه نفيس أن يدفع الكتب والسلاح إلي جعفر بن علي بعد موت أبيه علي عليه السلام وأن هذا الامر عن تفاهم مع أبيه علي عليه السلام فجعفر هو الامام بعد أبيه.

فرقة ارتبك الامر عليهم فلم يدروا ان الامامة بعد أبي محمد عليه السلام في صلبه أم ترجع إلي أخيه جعفر وأولاده فتوقفت إلي غير ذلك من الفرق، وقد فصل المؤلف قدس سره القول في ذلك نقلا عن الفصول المختارة في ج 37 من تاريخ أميرالمؤمنين ص 20 - 28، فراجع.