بازگشت

الإمام الحسن العسكري في سطور


الإمام الحسن بن علي العسكري هو المعصوم الثالث عشر والإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله).

نشأ وتربّي في ظلّ أبيه الذي فاق أهل عصره علماً وزهداً وتقويً وجهاداً. وصحب أباه اثنين أو ثلاثاً وعشرين سنة وتلقّي خلالها ميراث الإمامة والنبوّة فكان كآبائه الكرام علماً وعملاً وقيادةً وجهاداً وإصلاحاً لاُمّة جدّه محمد (صلي الله عليه وآله).

وقد ظهر أمر إمامته في عصر أبيه الهادي (عليه السلام) وتأكّد لدي الخاصة من أصحاب الإمام الهادي والعامة من المسلمين أنه الإمام المفترض الطاعة بعد أبيه (عليه السلام).

تولّي مهامّ الإمامة بعد أبيه واستمرّت إمامته نحواً من ست سنوات، مارس فيها مسؤولياته الكبري في أحرج الظروف وأصعب الأيّام علي أهل بيت الرسالة بعد أن عرف الحكّام العباسيون ـ وهم أحرص من غيرهم علي استمرار حكمهم ـ أن المهدي من أهل بيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) ومن ولد علي ومن ولد الحسين (عليه السلام) فكانوا يترصّدون أمره وينتظرون أيّامه كغيرهم، لا ليسلّموا له مقالد الحكم بل ليقضوا علي آخر أمل للمستضعفين.

لقد كان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) استاذ العلماء وقدوة العابدين وزعيم المعارضة السياسية والعقائدية في عصره، وكان يشار إليه بالبنان وتهفو إليه النفوس بالحبّ والولاء كما كانت تهفو الي أبيه وجدّه اللذين عُرف كل منهما بابن الرضا(عليهما السلام)، كل هذا رغم معاداة السلطة لأهل البيت (عليهم السلام) وملاحقتها لهم ولشيعتهم.

وقد فرضت السلطة العباسيّة الاقامة الجبرية علي الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام) وأجبرته علي الحضور في يومين من كل اسبوع في دار الخلافة العباسية.

وقد وُصِفَ حُضور الناس يوم ركوبه الي دار الخلافة بأن الشارع كان يغصّ بالدوابّ والبغال والحمير، بحيث لا يكون لأحد موضع مشي ولا يستطيع أحد أن يدخل بينهم فاذا جاء الإمام هدأت الأصوات وتوسّد له الطريق حين دخوله وحين خروجه.

لقد كان جادّاً في العبادة طيلة حياته ولا سيّما حين كان في السجن حيث وكل به رجلان من الأشرار، فاستطاع أن يحدث تغييراً أساسياً في سلوكهما وصارا من العبادة والصلاة الي أمر عظيم، وكان اذا نظر إليهما ارتعدت فرائصهما وداخلهما ما لا يملكان.

وقد لاحقت السلطة العباسية الإمام العسكري (عليه السلام) وأحاطته بالرقابة وأحصت عليه كلّ تحرّكاته لتشلّ نشاطه العلمي والسياسي وتحول بينه وبين ممارسة دوره القيادي في أوساط الاُمة.

ومن هنا كان الإمام مهتمّاً كآبائه (عليهم السلام) بالعمل السرّي غاية الاهتمام بالاضافة الي إحكامه لجهاز الوكلاء ليكون قادراً علي أداء دوره القيادي بشكل تام وفي ظل تلك الظروف العصيبة حتي استطاع أن يقضي علي محاولات الإبادة لِنهج أهل البيت (عليهم السلام).

لقد خاض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كآبائه الكرام (عليهم السلام) ملحمة الكفاح السياسي لمواجهة الظلم والارهاب والتلاعب بالسلطة ومقدرات الاُمة ومصالحها فحافظ علي اُصول الشريعة والقيم الرسالية، ومهّد بذلك خير تمهيد لعصر الغيبة الذي أخبر النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) عن حتميّته وضرورته.

وقد زخرت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في عصر الإمام العسكري بالعلم والدعوة الي خطّ أهل البيت والدفاع عن الشريعة الإسلامية من خلال كوكبة أصحاب الإمام ورواة حديثه وطلاّب مدرسته.

وكان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ـ بالرغم من حراجة ظروفه السياسية ـ جادّاً في الدفاع عن الشريعة ومحاربة البدع وهداية المترددين والشاكّين وجذبهم الي حضيرة الدين.

وعاصر الإمام (عليه السلام) مدة إمامته القصيرة جدّاً كلاً من المعتز والمهتدي والمعتمد العباسي ولاقي منهم أشدّ العنت والتضييق والملاحقة والارهاب، كما تعرّض للاعتقال عدّة مرّات.

وازداد غيض المعتمد من إجماع الاُمة ـ سنّة وشيعة ـ علي تعظيم الإمام (عليه السلام) وتبجيله وتقديمه بالفضل علي جميع العلويين والعباسيين في الوقت الذي كان المعتمد خليفةً غير مرغوب فيه لدي الاُمّة. فأجمع رأيه علي الفتك بالإمام واغتياله فدسّ له السمّ. وقضي نحبه صابراً شهيداً محتسباً، وعمره دون الثلاثين عاماً. فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد في سبيل رسالة ربّه ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.