بازگشت

الإمام الهادي و فتنة خلق القرآن


وفي فترة حكم المأمون العباسي، اُثيرت من قبل السلطان العباسي قضية خلق القرآن من أجل إبعاد الاُمة عن همومها وأهدافها بالاضافة إلي توسيع وتعميق شُقّة الخلاف بين أبناء الاُمة، ليكون هذا الخلاف حاجزاً بينهم وبين السلطان المنحرف والبعيد في سلوكه ونشاطه عن الشريعة الإسلامية.

وهناك جهة ثالثة هي ان السلطة قد استغلت هذه القضية إذ جعلتها مصيدة لمعارضيها فكانت تتعرّف عليهم من خلالها ثم تقوم بتحجيم دورهم في أوساط الاُمّة.

وكتب الإمام الهادي (عليه السلام) إلي شيعته في بغداد لإبعادهم عن الخوض في مسألة خلق القرآن مع من يخوض فيها تجنّباً لهم من الآثار السلبيّة التي يمكن أن تلحق بهم وربما يكونون عرضة للوقوع تحت اجراءات قمعية ومطاردة من قبل السلطة، وقد روي عنه (عليه السلام) الكتاب الآتي:

عن محمد بن عيسي بن عبيد بن اليقطين قال كتب علي بن محمد بن علي ابن موسي الرضا (عليه السلام) إلي بعض شيعته ببغداد: «بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله وإياك من الفتنة فإن يفعل فاعظم بها نعمة وإلاّ يفعل فهي الهلكة نحن نري إن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطي السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه وليس الخالق إلاّ الله، وما سواه مخلوق والقرآن كلام الله لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون» [1] .

وقد شغلت هذه المسألة الذهنيّة الإسلامية فترة حكم المأمون والمعتصم والواثق، وكان جواب الإمام (عليه السلام) محدّداً وبليغاً ; إبعاداً للشيعة عن الوقوع في حبائل السلطان والخروج من هذه الفتنة بسلامة في الدين، فكان الإمام الهادي (عليه السلام) يترصّد الأحداث والظواهر التي تكتنف الحياة الاسلامية عامة وما تتطلب من مواقف خاصّة فيما يتعلق بشيعته لتجنيبهم مزالق الانحراف من الخوض في كثير من المسائل التي لا طائل منها سوي الكشف عن هويّتهم، وبالتالي التعرض لحبائل السلطة من القمع والاضطهاد والسجن.


پاورقي

[1] أمالي الشيخ الصدوق: 489.