بازگشت

رعاية الإمام الهادي لشيعته وقضاء حوائجهم


كتب الإمام الهادي (عليه السلام) كتاباً حذّر فيه محمد بن الفرج الرُخجي جاء فيه:

«يامحمد! اجمع أمرك وخذ حذرك»، فلم يفهم ما أراده الإمام بكلامه هذا حيث قال محمد: فانا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد ـ أي الإمام ـ بما كتب حتي ورد رسول حملني من وطني مصفّداً بالحديد، وضرب علي كل ما أملك وكنت في السجن ثماني سنين.

ونجد أن رعاية الإمام (عليه السلام) لم تنقطع عن محمد هذا حتي كتب إليه وهو في السجن مبشّراً له بالخروج من السجن ثم أوصاه: يامحمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي.

وقال محمد: فقرأت الكتاب وقلت في نفسي: يكتب إلي أبو الحسن بهذا وأنا في السجن إنّ هذا لعجب، فما لبثت إلاّ أيّاماً يسيرة حتي فرّج عني وحلّت قيودي وخلي سبيلي [1] .

ومن ذلك أيضاً ما حدث بأحد أصحابه المتضررين من الحكم العباسي، حيث يقول قصدتُ الإمام يوماً فقلت: ان المتوكل قطع رزقي، وما أتّهم في ذلك إلاّ علمه بملازمتي لك، فينبغي أن تتفضّل عليّ بمساءلته..

فقال الإمام (عليه السلام) له: تُكفي إن شاء الله.

قال: فلما كان الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولاً، فجئت فوجدته في فراشه.

فقال: يا أبا موسي يشتغل شغلي عنك وتنسينا نفسك. أيّ شيء لك عندي به؟ فقلت: الصلة الفلانيّة، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها، فقلت للفتح: وافي علي بن محمد الي هاهنا؟ وكتب رقعة؟ قال: لا. قال فدخلت علي الإمام فقال لي: ياأبا موسي هذا وجه الرضا. فقلت ببركتك ياسيدي، ولكن قالوا: انك ما مضيت إليه ولا سألت ـ أي المتوكل ـ فأجابه الإمام (عليه السلام) مصححاً له رؤيته وتفكيره محاولاً أن يرتفع به الي الانشداد بالله الواحد القادر سبحانه، بقوله:

إن الله تعالي علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمات إلاّ إليه، ولا نتوكل في الملمات إلاّ عليه وعوّدنا ـ إذا سألناه ـ الاجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا [2] .

فكان الإمام (عليه السلام) علي اطلاع دائم علي الوضع والظروف التي كان يعيشها أصحابه وشيعته وهو يعمل جادّاً من أجل تخفيف وطأة ذلك عنهم لما يعلمه من سوء ظروفهم الاقتصادية والسياسية، وما تقوم به السلطة العباسية من التضييق وخلق ظروف يصعب عليهم التحرك أو العمل فيها فضلاً عن محاربتهم اقتصادياً وسياسياً وربّما كان يتوخي الإمام (عليه السلام) من ذلك أموراً مثل:

1 ـ تقوية صلتهم وتوجههم للارتباط بالله سبحانه وحده.

2 ـ قضاء حوائجهم الخاصة.

3 ـ إعادة الثقة بأنفسهم لمداومة نصرة الحق وخذلان الباطل.

4 ـ تقوية صلتهم به والأخذ عنه وعن الثقات الذين يشير الإمام إليهم للتعامل معهم.


پاورقي

[1] اُصول الكافي: 1 / 500 ح 5 وعنه في الارشاد: 2 / 306 واعلام الوري: 2 / 115 وعن الارشاد في كشف الغمة: 170.

[2] أمالي الطوسي: 285 ح 555 وعنه في مناقب آل أبي طالب: 4 / 422.