بازگشت

استشهاد الإمام الحسن العسكري


وبعد أن أدّي الإمام العسكري (عليه السلام) مسؤليته بشكل كامل تجاه دينه وأمّة جده (صلي الله عليه وآله) وولده (عليه السلام) نعي نفسه قبل سنة ستين ومئتين، وأخذ يهدّئ روع والدته قائلاً لها: لا بد من وقوع أمر الله لا تجزعي..، ونزلت الكارثة كما قال، والتحق بالرفيق الأعلي بعد أن اعتلّ (عليه السلام) في أوّل يوم من شهر ربيع الأول من ذلك العام [1] ولم تزل العلة تزيد فيه والمرض يثقل عليه حتي استشهد في الثامن من ذلك الشهر، وروي أيضاً أنه قد سُم واغتيل من قبل السلطة حيث دس السم له المعتمد العباسي الذي كان قد أزعجه تعظيم الأمة للإمام العسكري وتقديمهم له علي جميع الهاشميين من علويين وعباسيين فأجمع رأيه علي الفتك به [2] .

ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد (الحجة) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وقد آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب [3] .

ودفن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلي جانب أبيه الإمام الهادي(عليه السلام) [4] في سامراء، وقد ذكر أغلب المؤرخين أنّ سنة وفاته كانت (260هـ) وأشاروا إلي مكان دفنه. دون إيضاح لسبب وفاته [5] .

وروي ابن الصباغ عن أحمد بن عبيدالله بن خاقان انه قال: لما اعتل (ابن الرضا) (عليه السلام)، بعث (جعفر بن علي) الي أبي: أن ابن الرضا (عليه السلام) قد اعتل فركب أبي من ساعته مبادراً الي دار الخلافة: ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خدم الخليفة كلهم من ثقاته ورجال دولته وفيهم نحرير، وأمرهم بلزوم دار الحسن بن علي وتعرّف خبره وحاله، وبعث الي نفر من المتطببين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده في الصباح والمساء، فلما كان بعدها بيومين جاءه من أخبره أنّه قد ضعف فركب حتي بكّر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه وبعث الي قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم وبعث بهم الي دار الحسن(عليه السلام) وأمرهم بلزوم داره ليلاً ونهاراً فلم يزالوا هناك حتي توفي لأيّام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائين [6] .

يتضح لنا من خلال متابعة تاريخ الإمام العسكري (عليه السلام) وموقف السلطة العباسية منه أنّ محاولة للتخلّص من الإمام قد دبّرت من قبل الخليفة المعتمد خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار سلسلة الاجراءات التي اتخذتها السلطة إزاء الإمام علي الهادي (عليه السلام) أوّلاً، ثم ما اتخذته من إجراءات ضد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فقد قامت بسجنه عدّة مرات فضلاً عن المراقبة المشددة علي بيته، كما حاولت نفيه إلي الكوفة، وغيرها من الاجراءات التعسّفيّة ضدّه وضد شيعته وضد العلويين، ووفقاً لذلك وبضم رواية أحمد بن عبيدالله بن خاقان والذي كان أبوه أحد أبرز رجالات الدولة، يتأكّد لنا أنّ استشهاد الإمام العسكري (عليه السلام) كانت وراءه أيدي السلطة الآثمة دون أدني شك.


پاورقي

[1] الارشاد: 2 / 336 ومهج الدعوات: 274.

[2] الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيثمي: 314 عن وفياة الأعيان لابن خلكان.

[3] الارشاد: 2 / 339.

[4] الارشاد: 2 / 336 والمنتظم، عبد الرحمن بن علي الجوزي: 7 / 126.

[5] الطبري: 7 حوادث سنة (260 هـ) وعنه في الكامل لابن الأثير.

[6] الفصول المهمة: 271، اُصول الكافي: 1 / 503 ح 1، كمال الدين: 1 / 42.