بازگشت

نظام الوكلاء في عصر الإمام الحسن العسكري


إنّ نظام الوكلاء قد أسّسه الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام) حين اتّسعت الرقعة الجغرافية للقاعدة الموالية لأهل البيت(عليهم السلام). وقد اختار الأئمة من بين أصحابهم وثقاتهم من أوكلوا إليه جملة من المهام التي لها علاقة بالإمام(عليه السلام) مثل قبض الأموال وتلقي الأسئلة والاستفتاءات وتوزيع الأموال علي مستحقّيها بأمر الإمام(عليه السلام). وبالإضافة الي مهمة الارشاد وبيان الأحكام

كان الوكيل يقوم بتخفيف العبء عن الإمام وشيعته في ظروف تشديد الرقابة علي الإمام(عليه السلام) من قبل السلطة، كما كان يتولّي مهمة بيان مواقف الإمام السياسية حين لا يكون من المصلحة أن يتولّي الإمام بنفسه بيان مواقفه بشكل صريح ومباشر.

إنّ نظام الوكلاء يعتبر حلقة الوصل والمؤسسة الوسيطة بين الإمام وأتباعه في حال حضور الإمام(عليه السلام) ولا سيّما عند صعوبة الارتباط به.

كما أنه أصبح البديل الوحيد للارتباط بالإمام(عليه السلام) في دور الغيبة الصغري. وحيث إنّ الأئمة(عليهم السلام) كانوا يعلمون ويتوقّعون الوضع المستقبلي للإمام المهدي(عليه السلام) كما أخبرت بذلك نصوص النبي(صلي الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام)، كان الخيار الوحيد للإمام المعصوم في عصر الغيبة الصغري أن يعتمد علي مثل هذه المؤسسة الواسعة الأطراف والمهامّ، ومن هنا كان الاعتماد علي الثقات من جهة وتعويد الاتباع للارتباط بالإمام(عليه السلام) من خلال وكلائه امراً لابد منه، وهذا الامر يحتاج الي سياسة تعتمد السنن الاجتماعية وتأخذها بنظر الاعتبار، ولا يمكن لمثل هذه المؤسسة البديلة أن تستحدث في أيام الغيبة الصغري بل لابد من التمهيد لذلك بانشائها وإثبات جدارتها تأريخياً من خلال مراجعة الوكلاء والتثبت من جدارتهم وتجذّر هذه المؤسسة في الوسط الشيعي ليكون هذا البديل قادراً علي تلبية الحاجات الواقعية لأبناء الطائفة، ولئلا تكون صدمة الغيبة فاعلة وقوية. ومن هنا كان يتسع نشاط هذه المؤسسة ويصبح دورها مهماً كلّما اشتدت الظروف المحيطة بالإمام المعصوم(عليه السلام) وكلّما اقترب الأئمة من عصر الغيبة.

وعلي هذا يتّضح أن عصر الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) الذي كان يشكّل نقطة الانتقال المهمّة والجوهرية من عصر الحضور الي عصر الغيبة كان يستدعي الاعتماد الكبير علي الوكلاء ويستدعي إحكام نظامهم وكثرة مهامّهم واتّساع دائرة نشاطهم وتواجدهم اتّساعاً يمهّد للانتقال بأتباع أهل البيت(عليهم السلام) الي دور الغيبة التي ينقطعون فيها عن إمامهم وقيادتهم المعصومة.

إنّ مقارنة عدد وكلاء الإمام العسكري(عليه السلام) بوكلاء الإمام الهادي(عليه السلام) ومناطق تواجد هؤلاء الوكلاء والمسؤوليات الملقاة عليهم وكيفية الارتباط فيما بينهم تشهد علي تميّز الدور الكبير للوكلاء في هذه الفترة القصيرة جدّاً وهي ستّ سنوات، كما أن استقرار الوكلاء في مناصبهم واعتماد الإمام(عليه السلام) عليهم وبيان ذلك لأتباعه قد حقق الهدف المرتقب من نظام الوكلاء في مجال تسهيل الانتقال الي عصر الغيبة بأقلّ ما يمكن من الاخطار والتبعات.

علي أن انحراف بعض الوكلاء ـ طمعاً أو حسداً ـ وكشف انحرافهم من قبل الإمام(عليه السلام) وحذفهم وإخبار الأتباع بانحرافهم في أول فرصة ممكنة دليل علي مدي حرص الإمام(عليه السلام) علي سلامة عناصر هذا الجهاز الخطير في دوره ومهامّه الرسالية، وهو دليل علي المراقبة المستمرة من الإمام(عليه السلام) لهم ومدي متابعته لأوضاعهم ونشاطاتهم.

وإليك قائمة بأسماء بعض وكلاء الإمام الحسن العسكري(عليه السلام):

1 ـ إبراهيم بن عبدة النيسابوري من أصحاب العسكريين(عليهما السلام)، كان وكيلاً له في نيسابور..

2 ـ أيوب بن نوح بن درّاج النخعي كان وكيلاً للعسكريين(عليهما السلام).

3 ـ أيوب بن الباب، أنفذه من العراق وكيلاً الي نيسابور.

4 ـ أحمد بن اسحاق الرازي.

5 ـ أحمد بن اسحاق القمي الأشعري كان وكيلاً له بقم.

6 ـ جعفر بن سهيل الصيقل.

7 ـ حفص بن عمرو العمري الجمّال.

8 ـ عثمان بن سعيد العمري السمّان (الزيّات) وهو أوّل السفراء الأربعة.

9 ـ علي بن جعفر الهمّاني من وكلاء أبي الحسن وأبي محمد(عليهما السلام).

10 ـ القاسم بن العلاء الهمداني من وكلائه ووكلاء ابنه الإمام المهدي(عليه السلام).

11 ـ محمّد بن أحمد بن جعفر (الجعفري) القمي العطّار.

12 ـ محمّد بن صالح بن محمد الهمداني.

13 ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري.

14 ـ عروة بن يحيي البغدادي النخّاس المعروف بالدهقان كان من وكلائه في بغداد ثم انحرف وضلّ وأخذ يكذب علي الإمام ويقتطع الأموال لنفسه وأحرق بيت المال الذي سُلّم إليه من بعد ابن راشد وتبرّأ منه الإمام ولعنه وأمر شيعته بلعنه ودعا عليه حتي أخذه الله أخذ عزيز مقتدر [1] .


پاورقي

[1] راجع للتفصيل حياة الإمام العسكري: 329 ـ 342.