بازگشت

مدرسة الفقهاء والتمهيد لعصر الغيبة


أكمل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الخط الذي أسّسه آباؤه الطاهرون وهو انشاء جماعة صالحة تمثل خط أهل البيت الفكري والعقائدي والأخلاقي والسلوكي وقد اهتمّ الإمامان محمّد الباقر وجعفر الصادق(عليهما السلام) بشكل خاص بإعداد وتربية مجموعة من الرواة والفقهاء فتمثّلت فيهم مدرسة علمية استوفت في عهد الإمام العسكري (عليه السلام) كل متطلبات المدرسة العلمية من حيث المنهج والمصدر والمادة ممهدة به لعصر الغيبة الصغري [1] .

وقد أيّد الإمام العسكري (عليه السلام) جملة من الكتب الفقهية والاصول الروائية التي جمعت في عصره أو قبل عصره وأيّد اصحابها وشكر لهم مساعيهم وبذلك يكون قد أعطي للمدرسة الفقهية تركيزاً واهتماماً يشير إلي أنّ الخط الفقهائي هو الخط المستقبلي الذي يجب علي القاعدة الشيعية أن تسير عليه [2] .

وكان من منتسبي هذه المدرسة أساتذة وطلاباً في عهد أبناء الرضا (عليه السلام) مجموعة قد أورد الشيخ المجلسي (رضي الله عنه) في موسوعته أسماءهم [3] .

وقد اُحصيت أسماء أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ورواة حديثه فبلغت 213 محدثاً وراوياً [4] .

وإليك بعض ثقاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأصحابه:

ـ علي بن جعفر الهماني.

ـ أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري.

ـ داود بن أبي يزيد النيسابوري.

ـ محمد بن علي بن بلال.

ـ عبد بن جعفر الحميري القمي.

ـ أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الزيّات والسمّان.

ـ اسحاق بن الربيع الكوفي.

ـ أبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي.

ـ إبراهيم بن عبيد الله بن ابراهيم النيسابوري.

ـ محمد بن الحسن الصفار.

ـ عبدوس العطار.

ـ سري بن سلامة النيسابوري.

ـ أبو طالب الحسن بن جعفر.

ـ أبو البختري.

ـ الحسين بن روح النوبختي.

ومع ملاحظة حراجة الظروف المحيطة بالإمام العسكري وقصر الفترة التي عاشها إماماً ومرجعاً للاُمة والشيعة فانَّ هذه النسبة من الرواة تشكل رقماً قياسيّاً طبعاً.

وكان لمحمد بن الحسن بن فروّخ الصفّار المتوفي سنة (290هـ) مجموعة من المؤلفات تقارب الأربعين مؤلفاً، وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) وقال: «له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره، وله مسائل كتب بها إلي أبي محمد الحسن بن علي العسكري» [5] .

وقد تضمنت كتبه مختلف أبواب الأحكام كالصلاة والوضوء والعتق والدعاء والزهد والخمس والزكاة والشهادات، والتجارات، والجهاد وكتاب حول فضل القرآن الكريم وبلغت كتبه ـ علي ما أحصاه الاستاذ الفضلي ـ خمسة وثلاثين كتاباً [6] .

وقد اتّسم عهد الأئمة من أبناء الرضا (عليه السلام) وهم ـ الجواد والهادي والعسكري(عليهم السلام) ـ باتّساع رقعة انتشار التشيّع، وكثرة العلماء والدعاة الي مذهب أهل البيت، واكتمال معالم وأبعاد مدرستهم الفقهية في المنهج والمادة معاً.

ويتلخّص المنهج الذي سارت عليه مدرسة الفقهاء الرواة عن أهل البيت(عليهم السلام) في نقاط جوهرية وأساسية تميّزها عمّا سواها من المدارس الفقهية وهي:

1 ـ اعتماد الكتاب والسنّة فقط مصدراً أساسياً للتشريع الاسلامي.

2 ـ ضرورة الرجوع في تعلّم العلوم الشرعية وأخذ الفتوي إلي الإمام المعصوم إن أمكن.

3 ـ لزوم الرجوع إلي الفقهاء الثقاة حيث يتعسّر الرجوع الي الإمام المعصوم.

4 ـ الإفتاء بنصّ الرواية أو بتطبيق القاعدة المستخلصة من الرواية [7] .

وبهذا وفّرت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ـ خلال قرنين ونصف قرن علي الرغم من قساوة الظروف وبالرغم من افتتاح عدة جبهات للمعارضة مع الحكم القائم ـ كل متطلبات إحياء الشريعة الاسلامية وديمومتها واستمرارها حتي في عصر الغيبة. وهيّأت للمسلمين عامة ولشيعة أهل البيت خاصّة كل مقدّمات الاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي وأعطتهم الزخم اللازم لاستمرار المواجهة مع الباطل الذي يترصّد الحق في كل زمان ومكان.


پاورقي

[1] تاريخ التشريع الاسلامي، د. عبد الهادي الفضلي: 194 ـ 202.

[2] حياة الإمام العسكري للشيخ محمد جواد الطبسي: 325.

[3] بحار الأنوار: ج50، المشتمل علي حياة الأئمة الجواد: 106 والهادي: 216 والعسكري(عليهم السلام): 310.

[4] حياة الإمام العسكري (عليه السلام): محمد جواد الطبسي: الفصل العاشر.

[5] الفهرست، الشيخ الطوسي: 174.

[6] تاريخ التشريع الاسلامي، عبد الهادي الفضلي: 200 ـ 202.

[7] تاريخ التشريخ الاسلامي، عبد الهادي الفضلي: 202 ـ 211.