بازگشت

من وصايا الإمام العسكري وارشاداته لشيعته


وتضمّنت وصايا الإمام ورسائله، بيان الأحكام الشرعية ومسائل الحلال والحرام كما اشتملت علي خطوط للتعامل مع الآخرين وكان ذلك بمثابة منهاج سلوكي ليسير عليه شيعته ويقيموا علائقهم وفقاً له فيما بينهم وبين أبناء المجتمع الذي يعيشون فيه وإن اختلفوا معهم في المذهب والمعتقد، ومن هذه الوصايا:

1 ـ قوله (عليه السلام): «اُوصيكم بتقوي الله والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث وأداء الأمانة الي من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلي الله عليه وآله)، صَلّوا في عشائركم، واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم اذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّي الأمانة، وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتّقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جُرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح فإنّه ما قيل فينا من حُسْن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حقٌّ في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهيرٌ من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب. أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة علي النبي (صلي الله عليه وآله)، فإنّ الصلاة علي رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصّيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام». [1] .

2 ـ وقال (عليه السلام): «أمرناكم بالتختّم في اليمين ونحن بين ظهرانيكم والآن نأمركم بالتختم في الشمال لغيبتنا عنكم إلي أن يظهر الله أمرنا وأمركم فإنه أول دليل عليكم في ولايتنا أهل البيت».

وقال (عليه السلام) لهم: «حدثوا بهذا شيعتنا» [2] .

3 ـ وكتب الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) وصيّته الي أحد أعلام أصحابه، هو علي بن الحسين بن بابويه القمي جاء فيها:

«أوصيك... بتقوي الله وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة فإنّه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة، واُوصيك بمغفرة الذنب وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر والحلم عند الجهل، والتفقّه في الدين، والتثبت في الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالي: (لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس)واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل فإنّ النبي (صلي الله عليه وآله) أوصي علياً(عليه السلام) فقال: ياعلي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، ومن استخفّ بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتي يعملوا به، وعليك بالصبر وانتظار الفرج فإنّ النبي (صلي الله عليه وآله) قال: أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج...» [3] .

وبذلك رسم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) منهجاً واضحاً لشيعته للسير عليه وهو يتضمن مبادئ وأحكام الشريعة الاسلامية وما تدعو إليه من خلق رفيع، وحسن تعامل مع الناس سواءاً كانوا موافقين لشيعته في المبدأ أو مخالفين لهم، وتلك هي أخلاق الإسلام التي دعي إليها رسول الانسانية محمد بن عبدالله(صلي الله عليه وآله).

4 ـ وصوّر الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) الواقع الذي كان يعيشه وما كان يحتويه من اختلاف الناس ومواليه بتوقيع خرج عنه(عليه السلام) إلي بعض مواليه حيث طلب من الإمام(عليه السلام) إظهار الدليل، فكتب أبو محمد (عليه السلام):

«وإنما خاطب الله عزوجل العاقل وليس أحد يأتي بآية ويظهر دليلاً أكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، فقالوا: ساحر وكاهن وكذّاب، وهدي الله من اهتدي، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس وذلك ان الله عزوجل يأذن لنا فنتكلم، ويضع ويمنع فنصمت، ولو أحب أن لا يظهر حقاً ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه.

الناس في طبقات شتي، والمستبصر علي سبيل نجاة متمسك بالحق، متعلق بفرع أصيل غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عنه ملجأ، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه، وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد علي أهل الحق، ودفع الحق بالباطل، حسداً من عند أنفسهم فدع من ذهب يذهب يميناً وشمالاً فالراعي اذا أراد أن يجمع غنمه جَمعها في أهون السعي، ذكرت ما اختلف فيه موالي فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب ومن جلس مجالس الحكم فهو أولي بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت وإياك والاذاعة وطلب الرياسة فانهما يدعوان الي الهلكة [4] .


پاورقي

[1] تحف العقول: 487 ـ 488.

[2] تحف العقول: 487 ـ 488.

[3] شعب الايمان: 2 / 43 ح 1124 وعنه في الأنوار البهية، القمي: 319.

[4] الخرائج والجرائح: 449 ح35 وعن الدلائل في كشف الغمّة: 3 / 206، 207.