بازگشت

كلمة حول روايات النص علي الامام العسكري


في النصوص المتقدمة عن الامام أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام و التي نص فيها علي ولده الامام الحسن العسكري عليه السلام بالامامة، يوجد من بينها ما يصرح بأن الامام الهادي عليه السلام قد عزي ولده الزكي أبامحمد عليه السلام بأخيه أبي جعفر عليه السلام و أنه قال له: «أحدث لله شكرا يا بني، فقد أحدث فيك أمرا» [1] .

و قد ادعي البعض أن هذه الروايات تثير نسبة البداء الي الله تعالي، و هو من الامور المستحيلة، و ذلك لاستلزامه نسبة الجهل اليه سبحانه (تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا) و نحن لانقول بالبداء علي هذا النحو الذي يستلزم العلم بعد الجهل، بل ان علمه تعالي محيط بكل شي ء، و كل ما يحدث من نسخ أو تبديل في حكم انما هو في



[ صفحه 52]



مقتضي علمه تعالي في اللوح المحفوظ، و التغيير انما يكون في لوح المحو و الاثبات (يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده علم الكتاب) [2] لا في علمه المحيط بملكوت السماوات و الأرض، و في هذه المسألة تفصيل موكول الي كتب الاعتقاد.

علي أن من بين تلك النصوص المتقدمة ما يدل علي النص علي الامام الحسن العسكري عليه السلام في حياة أخيه أبي جعفر، و منه ما رواه أحمد بن عيسي العلوي، قال: دخلنا علي أبي الحسن عليه السلام بصريا، فسلمنا عليه، فاذا نحن بأبي جعفر و أبي محمد قد دخلا، فقمنا الي أبي جعفر لنسلم عليه، فقال أبوالحسن عليه السلام: ليس هذا صاحبكم، عليكم بصاحبكم، و أشار الي أبي محمد عليه السلام [3] .

أما ما تعلق به البعض في الدلالة علي النص علي أبي جعفر بعد أبيه الامام الهادي عليه السلام كالحديث رقم (11) المتقدم عن شاهويه بن عبدالله، قال: كتب الي أبوالحسن عليه السلام في كتاب: «أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر و قلقت لذلك...» فليس فيه دلالة في النص علي أبي جعفر، بل لعله مبني علي اعتقاد الشيعة فيه كونه الأكبر من أولاد الامام الهادي عليه السلام و لاجتماع خصال الخير فيه، فالبداء ان نسب الي شي ء انما ينسب الي هؤلاء الشيعة الذين كانوا يعتقدون بامامة أبي جعفر دون أي نص أو دليل، حتي بدا لهم الحق بعد تظافر النصوص و اطباق الرواة علي امامة أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام بعد أبيه، فتبين لهم الجهل بما كانوا يعتقدونه عند وفاة أبي جعفر في حياة أبيه الامام الهادي عليه السلام و هو من أقوي الأدلة علي نفي الامامة عنه كما تقدم عن الشيخ المفيد رحمه الله في أول هذا الفصل.



[ صفحه 53]



أما اعتقاد كون أبي جعفر الأكبر فهناك بعض النصوص التي تنفي هذا الاعتقاد، منها النص السابع المتقدم عن علي بن عمرو العطار قال: كتبت اليه عليه السلام في من يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب الي: «في الأكبر من ولدي»، قال: و كان أبومحمد عليه السلام أكبر من أبي جعفر.

و قال القرشي معلقا علي الروايات التي توهم نسبة البداء الي الله تعالي في هذا المقام: عند التأمل لا علاقة لهذه الروايات بالبداء، و انما تدل علي أن الله تعالي أظهر امامة وليه الحسن العسكري عليه السلام الي الشيعة الذين كانوا يعتقدون بامامة أبي جعفر لهديه و صلاحه...

الي أن قال: و علي أي حال، فان الروايات لا علاقة لها بالبداء، و انما تدل علي أن الله تعالي أظهر امامة الحسن العسكري التي كانت مخفية علي الشيعة، و أما احداث الشكر الذي أمر به الامام الهادي عليه السلام وحده فانما هو لأجل هذه الجهة لا لأجل منحه الامامة بعد أن كانت لأبي جعفر عليه السلام حتي يستلزم التبدل في علم الله الذي هو من الامور المستحيلة [4] .

و روي الشيخ الطوسي حديث أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام وقت وفاة ابنه أبي جعفر، فاني لافكر في نفسي و أقول: هذه قضية أبي ابراهيم و قضية اسماعيل [5] ، فأقبل علي أبوالحسن عليه السلام فقال: نعم يا أباهاشم، بدا لله تعالي في أبي جعفر و صير مكانه أبامحمد، كما بدا لله في اسماعيل بعد ما دل عليه أبو عبدالله و نصبه، و هو كما حدثت به نفسك و ان كره المبطلون، أبومحمد ابني الخلف



[ صفحه 54]



من بعدي، عنده ما تحتاجون اليه و معه آلة الامامة و الحمدلله.

ثم عقب عليه الشيخ الطوسي بقوله: ما تضمن الخبر المتقدم من قوله: «بدا لله في محمد كما بدا له في اسماعيل» معناه ظهر من الله و أمره في أخيه الحسن ما أزال الريب و الشك في امامته، فان جماعته من الشيعة كانوا يظنون أن الأمر في محمد من حيث كان الأكبر، كما كان يظن جماعة أن الأمر في اسماعيل بن جعفر دون موسي عليه السلام، فلما مات محمد ظهر من أمر الله فيه، و انه لم ينصبه اماما كما ظهر في اسماعيل مثل ذلك، لا أنه كان نص عليه ثم بدا له في النص علي غيره، فان ذلك لايجوز علي الله تعالي العالم بالعواقب. [6] .


پاورقي

[1] راجع الرواية رقم (4) و (5) و (8) من النصوص المتقدمة.

[2] الرعد: 39.

[3] راجع الحديث رقم (17) المتقدم.

[4] حياة الامام العسكري عليه السلام: 28 -27.

[5] أي الامام الكاظم عليه السلام و أخوه اسماعيل.

[6] الغيبة: 121 -120.