رد القول بامامة جعفر بن علي من قبل الفطحية
و قال: قد بينا فساد قول الذاهبين الي امامة جعفر بن علي من الفطحية الذين قالوا بامامة عبدالله بن جعفر الصادق عليه السلام، فلما مات عبدالله و لم يخلف ولدا، رجعوا الي القول بامامة موسي بن جعفر عليه السلام، و من بعده الي الحسن بن علي عليه السلام، فلما مات الحسن عليه السلام قالوا بامامة جعفر، و قول هؤلاء يبطل من وجوه أفسدناها، و لأنه لا خلاف بين الامامية أن الامامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن و الحسين، و قد رووا في ذلك أخبارا كثيرة:
منها ما رواه سعد بن عبدالله بالاسناد يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا
[ صفحه 77]
عبدالله عليه السلام يقول: أبي الله أن يجعل الامامة لأخوين بعد الحسن و الحسين عليهماالسلام.
و بالاسناد عن حماد بن عيسس الجهني، قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن و الحسين عليهماالسلام، انما هي في الأعقاب و أعقاب الأعقاب.
و عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن و الحسين عليهماالسلام أبدا، انها جرت من علي بن الحسين عليه السلام كما قال الله عزوجل: (و اولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله من المؤمنين و المهاجرين) [1] فلا تكون بعد علي بن الحسين عليه السلام الا في الأعقاب و أعقاب الأعقاب.
و منها أنه لا خلاف أنه لم يكن معصوما، و قد بينا أن من شرط الامام أن يكون معصوما، و ما ظهر من أفعاله ينافي العصمة.
و قد روي أنه لما ولد لأبي الحسن عليه السلام جعفر، هنأوه به فلم يروا به سرورا، فقيل له في ذلك فقال: هون عليك أمره، سيضل خلقا كثيرا.
و روي سعد بن عبدالله عن جماعة، منهم أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري، و القاسم بن محمد العباسي، و محمد بن عبيدالله، و محمد بن ابراهيم العمري و غيرهم ممن كان حبس بسبب قتل عبدالله بن محمد العباسي أن أبامحمد عليه السلام و أخاه جعفرا دخل عليهم ليلا، قالوا: كنا ليلة من الليالي جلوسا نتحدث، اذ سمعنا حركة باب السجن، فراعنا ذلك، و كان أبوهاشم عليلا، فقال لبعضنا: اطلع و انظر ما تري، فاطلع الي موضع الباب فاذا الباب فتح، و اذا هو برجلين قد ادخلا الي السجن و رد
[ صفحه 78]
الباب و اقفل، فدنا منهما فقال: من أنتما؟ فقال أحدهما: نحن قوم من الطالبية حبسنا، فقال: من أنتما؟ فقال: أنا الحسن بن علي و هذا جعفر بن علي، فقال لهما: جعلني الله فداكما، ان رأيتما أن تدخلا البيت.
و بادر الينا و الي أبي هاشم، فأعلمنا و دخلا، فلما نظر اليهما أبوهاشم قام عن مضربة [2] كانت تحته، فقبل وجه أبي محمد عليه السلام و أجلسه عليها، و جلس جعفر قريبا منه، فقال جعفر: واشطناه، بأعلي صوته - يعني جارية له - فزجره أبومحمد عليه السلام و قال له: اسكت، و انهم رأوا فيه آثار السكر، و ان النوم غلبه و هو جالس معهم، فنام علي تلك الحال.
و ما روي فيه و له من الأفعال و الأقوال الشنيعة أكثر من أن تحصي [3] .
و قد شهد الشيخ الطوسي رحمه الله بانقراض هذه الفرق و أصحاب هذه المقالات جميعا حيث قال: ان هذه الفرق كلها قد انقرضت بحمد الله، و لم يبق قائل يقول بقولها، و ذلك دليل علي بطلان هذه الأقاويل.
أقول: و علي الرغم من انقراضها و ذهاب مقالاتها الا أن من بين المعاصرين من يرفع عقيرته بين الحين و الآخر مدعيا اختلاف الشيعة في الامام بعد العسكري عليه السلام و يحتج بمثل هذه المقالات الميتة و الباطلة باتفاق أهل الحق و أعلام الفرقة الناجية.
[ صفحه 79]
پاورقي
[1] الأحزاب: 6.
[2] المضربة: القطعة من القطن، و لعل المراد منه ما يطرح علي الأرض و يقعد عليه.
[3] الغيبة: 137 -135.