العبادة
ان من أبرز مظاهر الاخلاص لله تعالي و التعلق به دون سواه، هو العبادة و التسليم لأمر الله سبحانه، و التوجه اليه في كل الأحوال و الظروف، و كان أئمة أهل البيت عليهم السلام قدوة الامة في العلم و العمل و الزهد و العبادة و الاخلاص لله الواحد الأحد، و من يدرس حياتهم و سيرتهم يجدهم المثل الأعلي في التقوي و استقامة السلوك و الشخصية.
و لعل أبرز الروايات التي تحدثت عن عبادة الامام هي تلك التي تحكي لنا عن عبادته عليه السلام في السجن و تعلقه بالله سبحانه في أحلك الظروف و أشدها.
[ صفحه 81]
و حالة الامام العسكري عليه السلام و هو في سجون الظالمين تعيد الي أذهاننا صورة جده الامام الكاظم موسي بن جعفر عليه السلام و هو في سجن هارون الرشيد، حيث قضي عدة سنين بالعبادة و التوجه الي الله سبحانه كاظما للغيظ مجتهدا في العبادة و التقوي.
و لقد كان خصوم الامام العسكري عليه السلام يسعون للتضييق عليه و تشديد ظروف السجن و المعاناة من حوله، و مع كل ذلك فهو صابر لا يتزحزح و مطمئن النفس لا يضطرب و لا يتراجع عن دوره الرسالي في قيادة الامة، و قد حفلت الروايات و كتب التأريخ بالأخبار و الروايات التي تحكي لنا كونه أعبد أهل زمانه و أكثرهم زهدا و طاعة لله، و أنه يحيي الليل بالصلاة و تلاوة الكتاب و السجود لله.
و قد وصف عبادته بعض سجانيه في سجن صالح بن وصيف بقوله: انه يصوم النهار و يقوم الليل كله، لا يتكلم و لا يتشاغل بغير العبادة [1] .
و حبس في زمان المعتمد في حبس علي بن جرين، و كان المعتمد يسأل عليا عن أخباره في كل مكان و وقت، فيخبره أنه يصوم النهار و يصلي الليل [2] .
و عندما حبس الامام عليه السلام مع أبي هاشم الجعفري و جمع من أصحابه، كان عليه السلام يقضي ساعات السجن بالصيام نهارا و القيام ليلا [3] .
قال أبوهاشم الجعفري: كان الحسن عليه السلام يصوم، فاذا أفطر أكلنا معه ما كان يحمله اليه غلامه في جونة [4] مختومة.
[ صفحه 82]
و قال محمد الشاكري: كان عليه السلام صالحا من بين العلويين، لم أرقط مثله... [5] .
و في موضع آخر، قال: كان أصلح من رأيت من العلويين و الهاشميين... كان يجلس في المحراب و يسجد فأنام و أنتبه و أنام و هو ساجد [6] .
و سيأتي في الأحكام و السنن من هذا الكتاب نماذج من عبادته كأدعيته و صلاته و قنوته.
پاورقي
[1] الكافي 1: 429 / 23، الارشاد 334: 2، بحارالأنوار 50: 308 / 6.
[2] الكافي 1: 430 / 26، اعلام الوري: 360، بحارالأنوار 50: 309 / 7.
[3] بحارالأنوار 50: 256.
[4] الجونة: الخابية مطلية بالقار.
[5] بحارالأنوار 50: 251.
[6] بحارالأنوار 50: 253.