بازگشت

في الطب و الفصد و غيره


93- عن أحمد بن اسحاق، قال: دخلت علي أبي محمد عليه السلام و قلت: اني مغتم بشي ء يصيبني في نفسي، و اني أردت أن أسأل أباك فلم يتفق لي. قال: «و ما هو يا أحمد؟» فقلت: يا سيدي، روي عن آبائك أن نوم الأنبياء علي أقفيتهم، و نوم المؤمنين علي أيمانهم، و نوم المنافقين علي شمائلهم، و نوم الشياطين علي وجوههم. فقال عليه السلام: «كذلك هو».

فقلت: يا سيدي، فاني أجهد أن أنام علي يميني و لا يأخذني النوم عليها؟ فسكت ساعة ثم قال: «ادن مني يا أحمد» فدنوت منه فقال: «أدخل يدك تحت ثيابك»، فأدخلتها، فأخرج يده من تحت ثيابه، و أدخلها تحت ثيابي، و مسح بيده اليمني علي جانبي الأيسر، و بيده علي جانبي الأيمن ثلاث مرات.

قال أحمد: فما قدرت أن أنام علي يساري منذ فعل ذلك بي، و ما أخذني عليها نوم أصلا [1] .

94- و عن محمد بن الحسن المكفوف، قال: حدثني بعض أصحابنا عن بعض



[ صفحه 145]



فصادي العسكر من النصاري أن أبامحمد عليه السلام بعث اليه يوما في وقت صلاة فقال له: افصد هذا العرق، قال: و ناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد، فقلت في نفسي: ما رأيت أمرا أعجب من هذا، يأمرني أن أفصد في وقت الظهر و ليس بوقت فصد، و الثانية عرق لا أفهمه.

ثم قال لي: انتظر و كن في الدار، فلما أمسي دعاني، و قال لي: سرح الدم، فسرحت. ثم قال لي: أمسك، فأمسكت. ثم قال لي: كن في الدار. فلما كان في نصف الليل أرسل الي و قال لي: سرح الدم. قال: فتعجبت أكثر من عجبي الأول. و كرهت أن أسأله.

قال: فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح. ثم قال لي: احبس. قال: فحبست. ثم قال: كن في الدار. فلما أصبحت أمر قهرمانه [2] أن يعطيني ثلاثة دنانير فأخذتها.

و خرجت حتي أتيت ابن بختيشوع النصراني، فقصصت عليه القصة. قال: فقال لي: و الله و الله ما أفهم ما تقول، و لا أعرفه في شي ء من الطب، و لا قرأته في كتاب، و لا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي، فاخرج اليه.

قال: فاكتريت زورقا الي البصرة، و أتيت الأهواز، ثم صرت الي فارس الي صاحبي فأخبرته الخبر، قال: فقال لي: انظرني أياما، فأنظرته ثم أتيته متقاضيا، قال: فقال لي: ان هذا الذي تحكيه عن هذا الرجل فعله المسيح في دهره مرة [3] .



[ صفحه 146]



95- و حدث بطريق - و هو متطبب بالري قد أتي عليه مائة سنة و نيف - قال: كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل، و كان يصطفيني، فبعث اليه الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام أن يبعث اليه بأخص أصحابه عنده ليفصده، فاختارني و قال: قد طلب مني ابن الرضا من يفصده، فصر اليه و هو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء، فاحذر أن تعترض عليه فيما يأمرك به.

فمضيت اليه فأمرني الي حجرة، و قال: كن الي أن أطلبك، قال: و كان الوقت الذي دخلت اليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد، فدعاني في وقت غير محمود له، و أحضر طستا عظيما، ففصدت الأكحل، فلم يزل الدم يخرج حتي امتلأ الطست.

ثم قال لي: اقطع فقطعت، و غسل يده و شدها، و ردني الي الحجرة، و قدم من الطعام الحار و البارد شي ء كثير، و بقيت الي العصر، ثم دعاني فقال: سرح، و دعا بذلك الطست، فسرحت و خرج الدم الي ان امتلأ الطست، فقال: اقطع فقطعت، وشد يده و ردني الي الحجرة، فبت فيها.

فلما أصبحت و ظهرت الشمس، دعاني و أحضر ذلك الطست، و قال: سرح فسرحت، فخرج مثل اللبن الحليب الي أن امتلأ الطست، فقال: اقطع فقطعت، فشد يده، و قدم لي تخت ثياب و خمسين دينارا، و قال: خذ هذا و اعذرنا، فأخذت و قلت: يأمرني السيد بخدمة؟ قال: نعم، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول.

قال: فصرت الي بختيشوع، و قلت له القصة فقال: اجتمعت الحكماء علي أن أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمناء [4] من الدم، و هذا الذي حكيت



[ صفحه 147]



لو خرج من عين ماء لكان عجبا، و أعجب ما فيه اللبن، ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرأ الكتب علي أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم، فلم نجد.

ثم قال: لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول، فكتب اليه كتابا يذكر فيه ما جري.

قال: فخرجت و ناديته فأشرف علي، و قال: من أنت؟ قلت: صاحب بختيشوع. قال: معك كتابه؟ قلت: نعم. فأرخي لي زنبيلا، فجعلت الكتاب فيه فرفعه، فقرأ الكتاب و نزل من ساعته، فقال: أنت فصدت الرجل؟ قلت: نعم، قال: طوبي لامك.

و ركب بغلا و مر، فوافينا سر من رأي، و قد بقي من الليل ثلثه، قلت: أين تحب؟ دار استاذنا أو دار الرجل؟ فصرنا الي بابه قبل الأذان، ففتح الباب و خرج الينا غلام أسود. و قال: أيكما راهب دير العاقول؟ فقال: أنا جعلت فداك. فقال: انزل. و قال لي الخادم، احتفظ بالبغلتين، و أخذ بيده و دخلا.

قال: فأقمت الي أن أصحابنا و ارتفع النهار ثم خرج الراهب، و قد رمي بثياب الرهبانية، و لبس ثيابا بيضا و قد أسلم، فقال: خذ بي الآن الي دار استاذك، فصرنا الي دار بختيشوع، فلما رآه بادر يعدو اليه ثم قال: ما الذي أزالك عن دينك؟ قال: وجدت المسيح فأسلمت علي يده. قال: وجدت المسيح؟! قال: أو نظيره، فان هذه الفصدة لم يفعلها في العالم الا المسيح، و هذا نظيره في آياته و براهينه، ثم انصرف اليه و لزم خدمته الي أن مات [5] .



[ صفحه 148]



96- و عن محمد بن الحسن بن شمون، قال: لقيت من علة عيني شدة، فكتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله أن يدعولي، فلما نفذ الكتاب قلت في نفسي: ليتني كنت أسأله أن يصف لي كحلا أكحلها.

فوقع بخطه يدعولي بسلامتها، اذ كانت احداهما ذاهبة، و كتب بعده: أردت أن أصف لك كحلا، عليك بصبر مع الأثمد - كافور أو توتيا - فانه يجلو ما فيها من الغشاء و ييبس الرطوبة، قال: فاستعملت ما أمرني به عليه السلام فصحت و الحمد لله [6] .


پاورقي

[1] الثاقب في المناقب: 581 / 531، الكافي 1: 430 / 27.

[2] القهرمان: الوكيل أو أمين الخرج و الدخل.

[3] حلية الأبرار 5: 109 / 2 عن الكافي 1: 512 / 24، بحارالأنوار 62: 131 / 101.

[4] الأمناء: جمع المناء، و هو كيل يكال به السمن و غيره.

[5] بحارالأنوار 50: 260 / 21.

[6] بحارالأنوار 50: 299 / 73 عن رجال الكشي: 448.