القائلون بكونه موضوعا أو ضعيف السند
و هناك جمع كبير من أعلام الامامية الذين قالوا بكون هذا التفسير موضوعا و مختلقا علي الامام عليه السلام و نفوا حجيته، و منهم:
1- ابن الغضائري، فقد نقل القهبائي في (مجمع الرجال) عنه في ترجمة محمد ابن القاسم المفسر الاسترابادي، قال: روي عنه أبوجعفر بن بابويه، ضعيف كذاب، روي عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين، أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، و الآخر علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه، بأحاديث من هذه المناكير [1] .
2- العلامة الحلي في (الخلاصة)، قال في ترجمة محمد بن القاسم المفسر: محمد ابن القاسم، و قيل: ابن أبي القاسم المفسر الاسترآبادي، روي عنه أبوجعفر بن
[ صفحه 217]
بابويه، ضعيف كذاب، روي عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين: أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، و الآخر علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه، بأحاديث من هذه المناكير [2] .
3- المحقق الداماد، قال في كتابه (شارع النجاة): و أما تفسير محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي - من مشايخ أبي جعفر بن بابويه، وعده رجال الحديث ضعيفا - فهو تفسير مروي عن رجلين مجهولي الحال، و أسنداه الي أبي الحسن الثالث الهادي العسكري عليه السلام، وعد القاصرون - لا المتبحرون - هذا الاسناد معتبرا، ولكن حقيقة الحال أن هذا التفسير موضوع، و يسند الي أبي محمد سهل بن أحمد الديباجي، و يحتوي علي أحاديث منكرة و أخبار كاذبة، و اسناده الي الامام المعصوم اختلاق و افتراء.
و ما يتوهمه المتوهم في عصرنا هذا من أنه يجوز أن يكون تفسير العسكري عليه السلام هو تفسير علي بن ابراهيم بن هاشم القمي، هو أيضا و هم كاذب و خيال باطل سببه ضعف الخبرة و نقصان المهارة و قلة الاطلاع علي كتب الرجال [3] .
4- الشيخ محمدجواد البلاغي صاحب تفسير (آلاء الرحمن)، قال في مقدمات تفسيره: و أما التفسير المنسوب الي الامام الحسن العسكري عليه السلام فقد أوضحنا في رسالة منفردة في شأنه أنه مكذوب موضوع، و مما يدل علي ذلك نفس ما في التفسير من التناقض و التهافت في كلام الراويين، و ما يزعمان أنه رواية،
[ صفحه 218]
و ما فيه من مخالفة الكتاب المجيد و معلوم التأريخ، كما أشار اليه العلامة في (الخلاصة) و غيره [4] .
5- العلامة التستري صاحب كتاب (الأخبار الدخيلة)، قال فيه: أخبار التفسير الذي نسبوه الي العسكري عليه السلام بهتانا، يشهد لافترائها عليه عليه السلام و بطلان نسبتها اليه:
أولا: شهادة خريت الصناعة و نقاد الآثار أحمد بن الحسين الغضائري استاد النجاشي أحد أئمة الرجال، فقال: ان محمد بن أبي القاسم الذي يروي عنه ابن بابويه ضعيف كذاب، روي عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين: أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، و الآخر بعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه، بأحاديث من هذه المناكير.
و ثانيا: بسبر أخباره، فنراها واضحة البطلان مختلقة بالعيان... ثم نقل نماذج منه مما يشهد بكذبه و وضعه ثم قال: ما نقلت من هذا الكتاب نموذج منه، و لو أردت الاستقصاء لاحتجت الي نقل جل الكتاب لولا كله، فان الصحيح فيه في غاية الندرة.
ثم قال: لو كان الكتاب من العسكري عليه السلام لنقل شيئا منه علي بن ابراهيم القمي و محمد بن مسعود العياشي اللذان كانا في عصره عليه السلام و محمد بن العباس بن مروان الذي كان مقاربا لعصره عليه السلام في تفاسيرهم، و الكل موجود ليس في شي ء منها أثر منه.
[ صفحه 219]
ثم قال: و بالجملة، هذا التفسير و ان كان مشتملا علي ذكر معجزات كثيرة لأميرالمؤمنين عليه السلام كالنبي صلي الله عليه و آله و هو بمنزلة نفس النبي صلي الله عليه و آله بشهادة القرآن، الا أنه ليس كل ما نسب اليهم عليهم السلام صحيحا، فقد وضع جمع من الغلاة أخبارا في معجزاتهم و فضائلهم و غير ذلك... كما أنه وضع جمع من النصاب و المعاندين أخبارا منكرة في فضائلهم و معجزاتهم بقصد تخريب الدين، و لأن يري الناس الباطل منه فيكفروا بالحق منه، قال الباقر عليه السلام: «ورووا عنا ما لم نقله، و لم نفعله ليبغضونا الي الناس» [5] .
6- السيد الخوئي صاحب (معجم رجال الحديث)، قال فيه: التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه السلام انما هو برواية هذا الرجل (علي بن محمد بن سيار) و زميله (يوسف بن محمد بن زياد) و كلاهما مجهولا الحال، و لا يعتد برواية أنفسهما عن الامام عليه السلام اهتمامه عليه السلام بشأنهما و طلبه من أبويهما ابقاءهما لافادتهما العلم الذي يشرفهما الله به، هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، و جل مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالامام عليه السلام! [6] .
7- الشهيد محمد الصدر، قال: و نسب اليه عليه السلام بشكل غير موثوق التفسير المشهور، بتفسير الامام العسكري، و هو يحتوي علي تفسير سورتي الحمد و البقرة باستطرادات كثيرة حول مناقشات دينية أو مذهبية أو روايات تأريخية و غير ذلك، و هو علي أي حال ليس بقلم الامام عليه السلام بل بتقرير بعض طلابه عن تدريسه اياه، فكان عليه السلام يدرس الطالب بحسب ما يراه مناسبا مع فهمه، و كان الطالب يتلقي
[ صفحه 220]
عنه و يكتب ما يفهمه منه، و من هنا جاء مستوي التفسير منخفضا عن مستوي الامام بكثير، علي أن روايته ضعيفة لا تصلح للاثبات التأريخي [7] .
هذه هي أهم الآراء التي قيلت في هذا التفسير، و قد نقلنا بعض متون التفسير فيما تقدم من هذا الفصل جنبا الي جنب مع تفسير الامام عليه السلام المنقول من غير كتاب التفسير، و بالمقارنة يمكن للمرء أن يلمس فرقا جوهريا بين النصين من حيث بلاغة العبارة و قوة المعني، لا يخفي علي ذي البصيرة اذا تمعن فيهما و مارس أقوال المعصومين عليهم السلام، علي أن في التفسير بعض الأحاديث المنقولة عن الأئمة عليهم السلام لا تخلو من الصحة، سيما اذا وجد في كتب الحديث ما يعضدها.
و الظاهر أن عدم توثيق رواة الكتاب في الكتب الرجالية كاف للحكم بضعف رواياته و ليس بوضعها، و هي تحتاج في ردها أو قبولها الي بحث و تحقيق و تحصيل للقرائن، و ذلك لأنه لا دليل قطعي علي الوضع و لا علي الصدور من المعصوم عليه السلام.
[ صفحه 221]
پاورقي
[1] مجمع الرجال 6: 25.
[2] الخلاصة: 256.
[3] شارع النجاة: 121 - 118.
[4] آلاء الرحمن 1: 49.
[5] الأخبار الدخيلة 1: 152.
[6] معجم رجال الحديث 13: 159، و راجع 17: 174 - 173 و 20: 209.
[7] الغيبة الصغري: 197.