بازگشت

بقعته المباركة


وجي ء بالجثمان الطاهر تحت هالة من التكبير و التعظيم الي مقره الأخير، فدفن في داره الي جانب أبيه الامام علي الهادي عليه السلام، و قد واروا معه صفحة مشرقة من صفحات الرسالة الاسلامية، و واروا فلذة من كبد رسول الله صلي الله عليه و آله.

لقد حظيت سامراء ببدرين من أئمة المسلمين و قادتهم و صارت في طليعة الأماكن المقدسة في دنيا الاسلام، و هي حافلة في كل وقت بالزائرين من جميع الأقاليم و الأقطار، و قد زار المرقدين العظيمين الخليفة العباسي الناصر لدين الله متبركا و متقربا الي الله تعالي، و قد أشار عليه بعض وزرائه بزيارة قبور آبائه من ملوك بني العباس فأجابهم الي ذلك، و لما انتهي اليها وجدها مظلمة قد عششت فيها الغربان و عادت مزبلة لما فيها من أوساخ و قمامة و هي ببؤسها تحكي جور اولئك الملوك و ظلمهم، فطلب منه الوزير العناية بها و بذل الأموال لاصلاحها و لمن يزورها، فأجابه الناصر بالجواب الحاسم المركز علي الواقع قائلا:

- «هيهات لا ينفع ذلك و لا يجدي شيئا».

- «لماذا يا أميرالمؤمنين؟».



[ صفحه 493]



- «نظرت الي ازدهار قبور الأئمة الطاهرين؟».

- «نعم».

- «أتعرف السر في ذلك؟».

- «لا».

- «ان آبائي اتصلوا بالشيطان، و هؤلاء السادة اتصلوا بالله، و ما كان لله يبقي، و ما كان للشيطان يفني و يزول» [1] .

انها حقيقة لا ريب فيها و لا شك، و ستبقي قبور الأئمة الطاهرين عليهم السلام علي امتداد التأريخ تحمل شارات العظمة و الخلود.

و علي أي حال فقد وقف السادة العلويون و بنوالعباس و جعفر أخو الامام علي حافة القبر، و أقبلت الجماهير تعزيهم و تواسيهم بمصابهم الأليم و هم يشكرونهم علي ذلك، و انصرف المشيعون و قد نخر الحزن قلوبهم لفقدهم الامام عليه السلام.


پاورقي

[1] كشف الغمة.