بازگشت

فضل بقعته


و من كرامات الامام عليه السلام بعد شهادته ما ذكره القاضي الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني المتوفي سنة 1350 ه في (جامع كرامات الأولياء)، قال: الحسن العسكري، أحد ائمة ساداتنا آل البيت العظام و ساداتهم الكرام (رضي الله عنهم أجمعين)، ذكره الشبراوي في (الاتحاف بحب الأشراف) ولكنه اختصر ترجمته و لم يذكر له كرامات، و قد رأيت له كرامة بنفسي، و هي أني في سنة 1296 ه سافرت الي بغداد من بلدة كوي سنجق احدي قواعد بلاد الأكراد، و كنت قاضيا فيها، ففارقتها قبل أن اكمل المدة المعينة لشدة ما وقع فيها من الغلاء و القحط الذي عم بلاد العراق في تلك السنة، فسافرت في الكلك، و هو عبارة عن ظروف كبش منفوخة بالهواء يشدون بعضها الي بعض، و يربطون فوقها الأخشاب و يجلسون عليها و يسافرون.

فلما وصل الكلك الي قبالة مدينة سامراء، و كانت مقر الخلفاء العباسيين، فأحببنا أن نزور الامام العسكري المذكور، و هو مدفون فيها، فوقف الكلك هناك، و خرجنا لزيارته رضي الله عنه، فحينما دخلت علي قبره الشريف حصلت لي حالة روحانية لم يحصل لي مثلها قط الا حينما زرت نبي الله يونس في الموصل، فقد حصلت لي تلك



[ صفحه 507]



الحالة أيضا، و هذه كرامة له رضي الله عنه.

ثم قرأت ما تيسر من القرآن و دعوت بما تيسر من الدعوات و خرجت [1] .

و نقل الشيخ عباس القمي رحمه الله عن علي بن عيسي الاربلي أنه قال: حكي لي بعض الأصحاب أن الخليفة المستنصر مشي مرة الي سر من رأي، و زار العسكريين عليهماالسلام، و خرج فزار التربة التي دفن فيها الخلفاء من آبائه و أهل بيته، و هم في قبة خربة يصيبها المطر و عليها ذرق الطيور، و أنا رأيتها علي هذه الحال، فقيل له: أنتم خلفاء الأرض و ملوك الدنيا و لكم الأمر في العالم و هذه قبور آبائكم بهذه الحال؟ لا يزورها زائر و لا يخطر بها خاطر، و ليس فيها أحد يميط [2] عنها الأذي، و قبور هؤلاء العلويين كما ترونها بالستور و القناديل و الفروش و الزلالي و الفراشين و الشمع و البخور و غير ذلك؟

فقال: هذا أمر سماوي، لا يحصل باجتهادنا، و لو حملنا الناس علي ذلك ما قبلوه و لا فعلوا. و صدق، فان الاعتقادات لا تحصل بالقهر و لا يتمكن أحد من الاكراه عليها [3] .

(قد مكر الذين من قبلهم فأتي الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) [4] .

و ها هي قبور أهل البيت عليهم السلام مهوي أفئدة عشاق الحق، و روضة محبي المثل



[ صفحه 508]



العليا و المبادي ء السامية، يتزود منها المحب لهم معني خلود مبادي ء الحق و العدل و القسط و الاخلاص لله تعالي و الانقطاع اليه سبحانه، و موت اسس الباطل و مؤسسات الجور و الفساد، و تداعي أركان الضلال و دعاته:

(أفمن أسس بنيانه علي تقوي من الله و رضوان خير أم من أسس بنيانه علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم و الله لا يهدي القوم الظالمين) [5] .



[ صفحه 509]




پاورقي

[1] جامع كرامات الأولياء 2: 18، دار الكتب العلمية.

[2] أي: يزيل.

[3] الأنوار البهية: 274.

[4] النحل: 26.

[5] التوبة: 109.