بازگشت

في ذكر طرف من أخبار أبي محمد و مناقبه و آياته و معجزاته


و نبدأ بنبذ شاهده أبوهاشم الجعفري و رواه الطبرسي من كتاب ابن عياش و غيره من غيره، فمن ذلك:

ما روي أنه قال أبوهاشم: دخلت علي أبي محمد عليه السلام و أنا اريد أن أسأله ما [1] أصوغ به خاتما أتبرك به، فجلست و نسيت ما جئت له، فلما ودعته و نهضت



[ صفحه 305]



رمي الي بخاتم، فقال: أردت فصا [2] فأعطيناك خاتما و ربحت الفص و الكرا، هنأك الله يا أباهاشم، فتعجبت من ذلك فقلت: يا سيدي انك ولي الله و امامي الذي أدين الله بفضله و طاعته، فقال: غفرالله لك يا أباهاشم [3] .

و عنه أيضا، قال: شكوت الي أبي محمد عليه السلام ضيق الحبس، و ثقل القيد، فكتب الي تصلي الظهر اليوم في منزلك، فاخرجت في وقت الظهر و صليت في منزلي كما قال عليه السلام [4] .

و قال: كنت مضيقا فأردت أن أطلب منه دنانير في كتابي، فاستحييت فلما صرت الي منزلي وجه الي مائة دينار و كتب الي اذا كانت لك حاجة فلا تستح و لا تحتشم و اطلبها فانك تري ما تحب [5] .

قال: و كان أبوهاشم حبس مع أبي محمد عليه السلام، كان المعتز [6] حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان و خمسين و مائتين [7] .

و روي عنه، قال: كنت في الحبس مع جماعة فحبس أبومحمد عليه السلام و أخوه جعفر، قال: و كان الحسن عليه السلام يصوم، فاذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه اليه في جونة مختومة، و كنت أصوم معه، فلما كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر علي كعكة و ما شعر بي والله أحد، ثم جئت فجلست معه، فقال لغلامه: أطعم أباهاشم شيئا فانه مفطر فتبسمت، فقال: ما يضحكك يا أباهاشم؟ اذا أردت القوة فكل اللحم فان الكعك لاقوة فيه، فقلت: صدق الله و رسوله و أنتم عليكم السلام، فأكلت، فقال لي: أفطر ثلاثا فان المنة لا ترجع لمن أنهكه [8] .



[ صفحه 306]



الصوم في أقل من ثلاث [9] .

و عنه قال: سأل الفهفكي أبامحمد عليه السلام ما بال المرأة المسكينة تأخذ سهما واحدا، و يأخذ الرجل سهمين؟ فقال: ان المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا معقلة [10] انما ذلك علي الرجال، قال أبوهاشم: فقلت في نفسي: قد كان قيل لي: ان ابن أبي العوجاء سأل أباعبدالله عليه السلام عن هذه المسألة، فأجابه بمثل هذا الجواب، فأقبل أبومحمد عليه السلام، فقال: نعم هذه مسألة ابن أبي العوجاء و الجواب منها [11] واحد، اذا كان معني المسألة واحد أجري لآخرنا ما جري لأولنا، و أولنا و آخرنا في العلم و الأمر سواء، و لرسول الله و أميرالمؤمنين صلوات الله عليهما و آلهما فضلهما [12] .

و عنه رضي الله عنه، قال: سمعت أبامحمد عليه السلام يقول: من الذنوب التي لايغفر، قول الرجل: ليتني لا اؤاخذ الا بهذا، فقلت في نفسي: ان هذا لهو الدقيق، و ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه كل شي ء، فأقبل علي أبومحمد عليه السلام، فقال: صدقت يا أباهاشم ألزم ما حدثتك به نفسك، فان الاشراك في الناس أخفي من دبيب الذر [13] علي الصفا في الليلة الظلماء، و من دبيب الذر علي المسح [14] الاسود [15] .

أقول: يعبر عن هذا القسم من الذنوب بالمحقرات.



[ صفحه 307]



قال أبوعبدالله عليه السلام: ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نزل بارض قرعاء فقال لأصحابه: ائتونا بحطب، فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال: فليأت كل انسان بما قدر عليه، فجاءوا به حتي رموا بين يديه بعضه علي بعض، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: اياكم و المحقرات من الذنوب، فان لكل شي ء طالبا، [ألا] [16] و ان طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم و كل شي ء أحصيناه في امام مبين [17] .

و حكي عن توبة بن الصمة أنه كان محاسبا لنفسه في أكثر أوقات ليله و نهاره، فحسب يوما ما مضي من عمره، فاذا هو ستون سنة فحسب أيامها فكانت احد و عشرين ألف يوم و خمسمائة يوم، فقال: يا ويلتي القي كذا مالك بأحد و عشرين ألف ذنب، ثم صعق صعقة كانت فيها نفسه.

و عنه قال: سمعت أبامحمد عليه السلام، يقول: ان في الجنة لبابا يقال له: المعروف، لا يدخله الا أهل المعروف، فحمدت الله في نفسي، و فرحت مما [18] أتكلفه من حوائج الناس، فنظر الي أبومحمد عليه السلام، و قال: نعم، فدم علي [19] ما أنت عليه، و ان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، جعلك الله منهم يا أباهاشم و رحمك [20] .

و عن أبي هاشم أيضا أنه ركب أبومحمد عليه السلام يوما الي الصحراء فركبت معه، فبينما يسير قدامي و أنا خلفه، اذ عرض لي فكر في دين - كان علي - قد حان أجله، فجعلت افكر في أي وجه قضاؤه، فالتفت الي و قال: يا أباهاشم! الله يقضيه،



[ صفحه 308]



ثم انحني علي قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الأرض، فقال: يا أباهاشم انزل فخذ واكتم.

فنزلت فاذا سبيكة ذهب، قال: فوضعتها في خفي و سرنا، فعرض لي الفكر، فقلت: ان كان فيها تمام الدين، و الا فاني ارضي صاحبه بها، و نحب [21] أن ننظر [الآن] [22] في وجه نفقة الشتاء، و ما تحتاج اليه فيه من كسوة و غيرها، فالتفت الي، ثم انحني ثانية، فخط بسوطه مثل الاولي، ثم قال: انزل وخذ واكتم.

قال: فنزلت، فاذا بسبيكة [فضة] [23] فجعلتها في الخف الآخر و سرنا يسيرا، ثم انصرف الي منزله، و انصرفت الي منزلي، فجلست و حسبت ذلك الدين، و عرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب، فخرج بقسط ذلك الدين ما زادت و لا نقصت، ثم نظرت ما نحتاج اليه لشتوتي من كل وجه، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه، علي الاقتصاد بلا تقتير و لا اسراف، ثم وزنت سبيكة الفضة، فخرجت علي ما قدرته ما زادت و لا نقصت [24] .

و عنه رضي الله عنه، قال: دخلت علي أبي محمد عليه السلام، و كان يكتب كتابا فحان وقت الصلاة الاولي، فوضع الكتاب من يده و قام الي الصلاة، فرأيت القلم يمر علي باقي القرطاس من الكتاب و يكتب حتي انتهي الي آخره، فخررت ساجدا، فلما انصرف من الصلاة أخذ القلم بيده و أذن للناس [25] .

أقول: هذا قليل من كثير ما شاهده أبوهاشم من آياته و دلائله، فقد روي عنه، رحمه الله، قال: ما دخلت علي أبي الحسن و أبي محمد عليهماالسلام [يوما] [26] قط الا رأيت منهما دلالة و برهانا [27] .



[ صفحه 309]




پاورقي

[1] في المصدر: «فصا» بدل «ما».

[2] في الخطية: «فضة» و ما أثبتناه هو الصحيح.

[3] اعلام الوري: ص 356، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 437.

[4] اعلام الوري: ص 354، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 432.

[5] اعلام الوري: ص 354، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 439.

[6] و الصحيح: «المعتمد» لأن المعتز خلع نفسه في سنة خمس و خمسين و مائتين، و خلافة المهتدي دامت أحد عشر شهرا.

[7] اعلام الوري: ص 354.

[8] في المصدر: «اذا نهكه» بدل «لمن انهكه».

[9] اعلام الوري: ص 355، و عنه البحار: ج 50 ص 255 ح 10.

[10] المعقلة - بضم الميم -: الغرم، يقال: صار دمه معقلة علي قومه أي يؤدونه من أموالهم.

[11] في المصدر: «منا».

[12] اعلام الوري: ص 355، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 437 و عنهما البحار: ج 50 ص 255 ح 11.

[13] الذر: النمل الأحمر الصغير (انظر حياة الحيوان للدميري: ج 1 ص 507).

[14] المسح: كساء من الشعر، و يعبر عنه بالبلاس (انظر مجمع البحرين: مادة «مسح» ج 2 ص 414، و لسان العرب: مادة «مسح» ج 13 ص 101).

[15] اعلام الوري: ص 355، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 439.

[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[17] الكافي: ج 2 باب استصغار الذنب ص 288 ح 3، و عنه البحار: ج 73 ص 346 ح 31.

[18] في خ ل و البحار: «بما».

[19] في المصدر و البحار: «قد علمت» بدل «فدم علي».

[20] اعلام الوري: ص 356، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 432، و عنهما البحار: ج 50 ص 258 ح 16.

[21] في المصدر: «و يجب» بدل «و نحب».

[22] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[23] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[24] الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 421، و عنه البحار: ج 50 ص 259 ح 20.

[25] بحارالأنوار: ج 50 ص 304 ح 80، نقلا عن عيون المعجزات.

[26] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[27] اعلام الوري: ص 356.