بازگشت

و مع «المعتمد»


«المعتمد» هو أحمد بن جعفر «المتوكل» الذي بويع يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست و خمسين و مائتين، و هو ابن خمس و عشرين سنة، و مات في رجب سنة تسع و سبعين و مائتين، و كانت خلافته ثلاثا و عشرين سنة [1] و لم يكن خيرا من أسلافه لا قولا و لا عملا، ولم تلد الحية الا حية!. و لكنه كان أصدق من الخليفة الذي سبقه و وعد بالعدل و مارس الظلم، لأنه ظهر علي حقيقته و كان «يزيد» العباسيين كما كان ابن معاوية «يزيد» الأمويين، اذ كان مشغوفا بالطرب و اللهو، تغلب عليه معاقرة الخمور و محبة أنواع الغناء و الملاهي، كما قال المسعودي و غيره من المؤرخين [2] .

و الحق معك يا «معتمد» الزمان، فقد عرفت آخرتك الخاسرة فلم تعمل لها، و استزدت من دنياك، ثم استغثت بالامام ليدعو لك بطول العمر، و أسلمت قيادك لأهل الفسق و البهتان، و رضيت بزينة الحياة الدنيا و غصت في ملذاتها الي أذنيك.. فما أحسن ما صنعت من معاقرة الخمور بعد أن ارتكبت الزلة الكبري حين قعدت مقعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنت غير أهل لذلك المنصب! فسواء عليك أتعبدت و تهجدت أم لهوت و فسقت و تعاطيت الآثام كبائرها و صغائرها، لأن النازي علي هذا المنبر بغير حق فليتبوأ مقعده من



[ صفحه 159]



النار!. ثم أضفت الي تلك الزلة زلة أدهي و أمر حين قتلت الامام الذي فضله الله تعالي عليك و علي سائر الأنام، و بؤت بعارها و شنارها الي يوم الخلود!.

و نحن حين نراجع سيرة هذا الخليفة المستهتر، نجد رجلا اطمأن الي الدنيا و ابتاعها بآخرته حين أمن عليها بعد تصريح الامام بطول عمره حين رجاه أن يدعو الله باطالة عمره فبشره بذلك، فتمرغ في موبقاتها و قتل و نكل، و فعل ما لا يجوز أن يفعل، و كأنه سوف لا يسأل!.

من فضائل هذا الخليفة الماجن أنه سار علي أثر أسلافه من تعمد التضييق علي أهل الحق، و قتلهم و التنكيل بهم بسبب و بلا سبب.. فقد ناصب الامام عداء أسرته الموروث، و أرجحه بين سجونه مدة معاصرته له، و كان يوكل به من يؤذيه و يجفوه و يفعل معه كل سوء. فعن علي بن محمد أنه سمع بعض أصحابنا يقول:

«سلم أبومحمد عليه السلام الي نحرير - الخادم الظالم - الذي كان راعي سباع الخليفة و كلابه؛ فكان يضيق عليه و يؤذيه.

فقالت له امرأته: ويلك، اتق الله!. لا تدري من في منزلك!.

و ذكرت له عبادته و صلاحه، و قالت: اني أخاف عليك منه!.

فقال: والله لأرمينه بين السباع!.

و استأذن في ذلك، فأذن له، فرمي به اليها و لم يشكوا في أكلها له..

فنظروا الي الموضع ليعرفوا الحال، فوجدوه عليه السلام قائما يصلي و هي حوله!. فأمر باخراجه الي داره» [3] .



[ صفحه 160]



ثم قال علي بن محمد نفسه:

«و روي أن يحيي بن قتيبة الأشعري - الذي سلم الامام الي نحرير الخادم الغاشم - أتاه بعد ثلاث مع الأستاذ... نحرير - فوجداه يصلي و الأسود حوله!. فدخل - أي يحيي - الغيل - أي قفص السباع - فمزقوه و أكلوه!.

و انصرف نرير من فوره الي «المعتمد» فدخل «المعتمد» علي العسكري عليه السلام، و تضرع اليه، و سأله أن يدعو له بالبقاء عشرين سنة في الخلافة.

فقال عليه السلام: مد الله في عمرك.

فأجيب و توفي بعد عشرين سنة» [4] .

و قبل التعليق علي هذه التمثيلية - المهزلة، نلفت النظر الي أن الامام عليه السلام قال «للمعتمد»: مد الله في عمرك، علي سبيل الاخبار، لأنه علي علم بمقادير الأعمار، فهو يعلم سلفا كم يكون عمره اذ عنده علم البلايا و المنايا؛ و لم يقل له تلك الجملة علي سبيل الدعاء لأنه عليه السلام جل عن أن يدعو لظالم بطول العمر.

أما نحرير هذا، فكان من أشر خدم القصر و أشرسهم طباعا و أشدهم لؤما علي الامام عليه السلام، و علي أتباعه من أهل الحق. و أنت تري أن انذار زوجته له لم يجعله يرق ويلين، بل أثار حقده الدفين فنفذ أمرا خطيرا حين



[ صفحه 161]



استأذن بالقاء الامام الي السباع.. و أراد ما أراد، و لكن أراد الله تعالي غير ما أراد، فألهمه حقده أن يدخل غيل السباع آمره بذلك فدخل و كان طعمة رخيصة تحت أنيابها التي رصدها الله تعالي لتمزيق لحمه حين أراد هو تمزيق لحم امام الهدي و حجة الله علي الوري..

لقد رميت يا نحرير بالامام الي السباع عنوة، و غصبا عنه.. و رمي الله تعالي بآمرك اليها فكانت فيها نهايته الأليمة.. (و ما رميت اذ رميت و لكن الله رمي!!. ذلكم و أن الله موهن كيد الكافرين) [5] .

و أما طويل العمر، و طويل عهد الخلافة، فقد حمل اثما أثقل ظهره، و لم ينفعه طول الأمد كما ستري، لأنه جرع امامنا العسكري الغصص، ثم جعل مطلع العشرين من سني خلافته، أيام تضييق و سجن للامام و لأصحابه و جميع المتعلقين به بسبب أو بنسب.. و انتهت تلك الأيام بسم الامام!.

و من كتاب أحمد بن محمد بن العياش، قال:

كان أبوهاشم الجعفري حبس مع أبي محمد عليه السلام، و كان «المعتز» حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان و خمسين و مائتين. - و الصحيح أن «المعتمد» هو الذي حبسهم يومئذ، لأن «المعتز» كان قد قتل قبل ذلك بثلاث سنين -.

و قال: حدثنا أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن داود بن القاسم - يعني: أبي هاشم الجعفري - قال:

كنت في الحبس المعروف بحبس خشيش في الجوسق الأحمر، [6] .



[ صفحه 162]



أنا و الحسن بن محمد العقيقي، و محمد بن ابراهيم العمري، و فلان و فلان، اذ دخل علينا أبومحمد، الحسن عليه السلام، و أخوه جعفر، فخففنا به.

و كان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، و كان معنا في الحبس رجل جمحي يقول انه علوي. فالتفت أبومحمد فقال: لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متي يفرج عنكم، و أومأ الي الجمحي أن يخرج فخرج.

فقال أبومحمد: هذا الرجل ليس منكم، فاحذروه!. فان في ثيابه قصة قد كتبها الي السلطان يخبره بما تقولون فيه!.

فقام بعضهم ففتش ثيابه، فوجد فيه القصة يذكرنا فيها بكل عظيمة» [7] .

و يظهر في هذا الحديث اشتباه و تصحيف يبدوان لمن دقق النظر و لا حظ أن الآمر بالحبس سنة ثمان و خمسين و مائتين هو «المعتمد» الذي كان قد قبر «المعتز» منذ حوالي ثلاث سنين، ثم لاحظ أن رقيب الحبس الذي ذكر اسمه كان قد قتل - هو الآخر - قبل ذلك..

و كان يجوز أن نعتقد أن الآمر بحبسهم هو «المعتز» و أنه لم يكن ذلك سنة ثمان و خمسين و مائتين، لولا أن هذا الحبس الجماعي كان في عهد «المعتمد» بلا ريب. و الدليل علي صحة الاشتباه و التصحيف أيضا، أن الحبس الذي كانوا فيه يعرف بحبس صالح بن وصيف كما صرحت به رواية أخري عن أبي هاشم الجعفري الذي قال:



[ صفحه 163]



«كنت في الحبس الأحمر، المعروف بحبس صالح بن وصيف، مع جماعة منهم أبومحمد، الحسن العقيقي، و محمد بن ابراهيم العمري؛ فحبس أبومحمد عليه السلام و أخوه جعفر، فحففنا به، و قبلت وجه الحسن و أجلسته علي مضربة كانت عندي. و جلس جعفر قريبا منه، فقال جعفر: و اشيطناه!. بأعلي صوته، يعني جارية له. فضجره - أي تبرم به و غضب منه - أبومحمد و قال له: اسكت!. و انهم رأوا فيه أثر السكر... ثم ذكر قصة الجمحي و ختمها بقوله: يذكرنا فيها بكل عظيمة، و يعلمه أنا نريد أن نثقب الحبس و نهرب!. ثم زاد فيها قوله:

«كان الحسن - عليه السلام - يصوم، فاذا أفطر أكلنا معه ما كان يحمله غلامه في جونة مختومة. - أي قدر مقفلة.

فضعفت يوما عن الصوم، فأفطرت في بيت آخر علي كعكة و ما شعر بي أحد.

ثم جئت فجلست معه، فقال لغلامه: أطعم أباهاشم شيئا فانه مفطر.

فتبسمت، فقال: مم تضحك يا أباهاشم؟!. اذا أردت القوة فكل اللحم، فان الكعك لا قوة فيه.

فقلت: صدق الله و رسوله و أنتم عليكم السلام. فأكلت.

فقال: أفطر ثلاثا، فان المنة - أي القوة - لا ترجع لمن أنهكه الصوم في أقل من ثلاث.

فلما كان اليوم الذي أراد الله أن يفرج عنه، جاء الغلام فقال: يا سيدي، أحمل فطورك؟.

قال: احمل، و ما أحسبنا نأكل منه.



[ صفحه 164]



فحمل الطعام الظهر، و أطلق عنه العصر و هو صائم، فقال: كلوا هنأكم الله» [8] .

و قبل التحقيق بهذه الرواية نورد رواية ثالثة تناولت قصة حبسه عليه السلام في هذا التاريخ بالذات، قال فيها سعد بن عبدالله:

«حدثني جماعة، منهم أبوهاشم، داود بن القاسم الجعفري، و القاسم بن محمد العياشي، و محمد بن عبيدالله، و محمد بن ابراهيم العمري، و غيرهم ممن حبس بسبب قتل عبدالله بن محمد العباسي: أن أبامحمد عليه السلام، و أخاه جعفرا، أدخلا عليهم ليلا.

قالوا: كنا ليلة من الليالي جلوسا نتحدث اذ سمعنا حركة باب السجن، فراعنا ذلك.

و كان أبوهاشم عليلا، فقال لبعضنا: اطلع و انظر ما تري.

فاطلع الي موضع الباب، فاذا الباب فتح، و اذا هو برجلين قد أدخلا الي السجن، و رد الباب، و أقفل. فدنا منهما، فقال: من أنتما؟!.

فقال أحدهما: أنا الحسن بن علي، و هذا جعفر بن علي.

فقال لهما: جعلني الله فداكما، ان رأيتما أن تدخلا البيت.

و بادر الينا و الي أبي هاشم و أعلمنا، و دخلا.



[ صفحه 165]



فلما نظر اليهما أبوهاشم قام عن مضربة كانت تحته، فقبل وجه أبي محمد عليه السلام، و أجلسه عليها، فجلس جعفر قريبا منه.

فقال جعفر: و اشيطناه!. بأعلي صوته، يعني جارية له.

فزجره - أي انتهره - أبومحمد عليه السلام و قال له: اسكت!. و انهم رأوا فيه آثار السكر، و أن النوم غلبه و هو جالس معهم، فنام علي تلك الحال» [9] .

«فالمعتمد» هو الذي حشد هذا الجمع الغفير من الطالبيين في دهاليز سجنه المظلم يقينا، و ليس «المعتز».

و أنت تري الأسلوب الساقط الذي استعمله الخليفة في التجسس، اذ وضع عليهم رقيبا جمحيا سافلا منافقا ادعي أنه علوي ليحملهم بطرق نفاقه الخاصة علي ذكر السلطان بالسوء فيسجل عليهم الأقوال بشكل مضخم يجعل فيه الحبة قبة و يزيد من عنده ما شاء له نفاقه، كتهمتهم بثقب الحبس ليهربوا و هم من علية القوم و من أشراف الناس و أجلائهم و أفاضل علمائهم!.

فما أقبح سلطانا تقوم دعائمه علي مثل هذه الوسائل الرخيصة!.

و أقبح منه «المعتمد» علي تلك الأساليب و اتخاذ أولئك الأعوان الذين هم من جنود الشيطان..

و أرجو أن لا أكون قد تركت لقارئي الكريم مجالا للشك بأن «المعتمد» كان بطل هذه التمثيلية المخزية.

ضع «المعتمد» علي مبتدعات فكره و أبالسة قصره - لا علي الله عز



[ صفحه 166]



و جل - في لائحة (ان الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم و لا ليهديهم سبيلا) [10] لأنه لم يشبع نهمه من خضم مال المسلمين في حكم ظالم امتد أمده عشرين سنة، و لا شفي غليله من تعذيب المؤمنين، و تشريدهم، و تقتيلهم!. فقد كرر حبس الامام و أصحابه مرات و مرات، و أذن بالقائه الي السباع و رأي صنع ربه في راعي كلابه و أسوده و تاب من ذلك و من غيره مرارا و تكرارا، و عاد الي أقبح مما كان عليه الفينة بعد الفينة.. ثم انتهي بأن اغتال الامام و لم يرع فيه ذمة القرابة، و لا بنوة النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و لا حرمة الدين في قتل سيد المسلمين، رغم أنه تلقب بأميرالمؤمنين، و ارتضي لنفسه مثل هذه الجريمة النكراء التي تهتز لها الأرض و السماء!.

.. لقد مر عليك قريبا أنه اعتذر للامام عن حبسه و ظلمه، و خلي سبيله و طلب دعاءه و رضاه و سأله أن يدعو الله ليطيل عمره في الخلافة.. و الآن نطلعك علي ما قاله علم الهدي، السيد المرتضي، في (عيون المعجزات) اذ قال:

«روي أنه لما حبسه «المعتمد» و حبس أخاه جعفرا معه، كان قد سلمهما في يد علي نحرير [11] ، و كان يسأل عن أخباره في كل وقت، فيخبره أنه يصوم النهار و يقوم - يصلي - الليل.

فسأله يوما من الأيام عن خبره، فأخبره بمثل ذلك.

فقال «المعتمد»: امض يا علي الساعة اليه، و أقرئه مني السلام و قل: انصرف الي منزلك مصاحبا.



[ صفحه 167]



فقال علي نحرير: فجئت الي باب الحسن - في السجن - فوجدت حمارا مسرجا!. و دخلت عليه عليه السلام، فوجدته جالسا قد لبس طيلسانه و خفه و شاسيته - و الأصح: شاشيته: أي عمامته -. فلما رآني نهض، فأديت الرسالة.

فجاء و ركب. فلما استوي علي الحمار وقف.

فقلت له: ما وقوفك يا سيدي؟!.

فقال: حتي يخرج جعفر.

فقلت له: انما أمرني باطلاقك دونه.

فقال لي: ارجع اليه، و قل له: يقول لك: خرجنا من دار واحدة جميعا، و اذا رجعت و هو ليس معي كان في ذلك ما لاخفاء به عنك.

فمضي، و عاد فقال له: يقول لك: قد أطلقت جعفرا لك، لأني حبسته بجنايته علي نفسه و عليك، و ما يتكلم به.

فخلي سبيله، و مضي معه الي داره» [12] .

و هذه هي المرة الأخيرة التي حبس فيه امامنا عليه السلام بحسب الظاهر، لأن رقيب السجن علي نحرير خلف أباه في هذه المهمة القبيحة بعد أن نهشت السباع لحم أبيه و عرقت عظامه؛ فان «المعتمد» في تصرفاته علي غير ربه قد أخرج الامام عليه السلام من سجنه مصاحبا بالسلامة، بعد أن عرف أن جميع نشاطاته في الدنيا تنحصر في الصوم و الصلاة و العبادة.. ثم أطلق أخاه جعفرا كرمي لعينيه.. و لكنه لاحقه الي البيت بجنود السم الذين حملوا اليه هدية الخليفة الغادرة مكافأة له علي تقواه!!!.



[ صفحه 168]



و ان قصة هذه النوبة في الحبس روتها أم الامام عليه السلام، و نقلها عنها الصيمري، عن الحميري، عن الحسن بن علي بن ابراهيم بن مهزيار، عن محمد بن أبي الزعفران، عن أم أبي محمد عليه السلام، التي قالت:

«قال لي يوما من الأيام: تصيبني في سنة ستين و مائتين حزازة - أي غيظ و ضيق - أخاف أن أنكب فيها نكبة.

قالت: و أظهرت الجزع، و أخذني البكاء!.

فقال: لا بد من وقوع أمر الله، لا تجزعي.

فلما كان في صفر سنة ستين، أخذها المقيم المقعد - أي الحزن الشديد و الخوف علي ابنها - و جعلت تخرج في الأحايين الي خارج المدينة، و تجسس الأخبار، حتي ورد عليها الخبر حين حبسه «المعتمد» في يدي علي بن جرين - و الصحيح: علي بن نحرير - و حبس جعفرا أخاه معه.

و كان «المعتمد» يسأل عليا عن أخباره.. الي آخر الرواية التي ذكرناها سابقا» [13] .

فهذه الروايات الثلاث تتحدث عن حبسه صلوات الله عليه في تاريخ واحد معين - هو حبسه للمرة الأخيرة - حيث قال «المعتمد» أثناءها لابن نحرير: امض اليه الساعة، و أقرئه عني السلام، و قل له: انصرف الي منزلك مصاحبا!.

فأي سلام هذا الذي أقرأته اياه يا خليفة زمانه؟!.

و أية سلامة صاحبته بها الي منزله؟!.



[ صفحه 169]



أهما أنك أتبعته بحملة السم تكافي ء به صومه و صلاته و عبادته؟!.

ما أجرأك علي انتهاك حرمة الله و حرمة رسوله أيها المعتمد علي الشيطان!.. و ما أوقحك في المجاهرة بحرب أوليائه و عباده المؤمنين!.

يقول المثل: طلق الحياء، و افعل ما شئت.

و أنت لا حياء عندك أصلا.. و لا خوف من رب عزيز مقتدر!.

و ان فعلت بالامام ما شئت.. فسيفعل الله تعالي بك ما يشاء. و لن يفوتك عقابه و الخلود في عذابه..

و نقل الصيمري عن المحمودي قوله:

«رأيت خط أبي محمد عليه السلام لما خرج من حبس «المعتمد»: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نورهو لو كره الكافرون) [14] .

و هنا قد أشار الامام عليه السلام بقوله الكريم الذي قاله لأمه سابقا، الي أمرين:

أولهما: أنه علم بنية الخليفة التي عقدها علي قتله بالسم.. و هذا يدل عليه الشطر الأول من الآية الكريمة.

و ثانيهما: أنه تم تولد القائم المنتظر عجل الله تعالي فرجه قبل ذلك بست سنين، و غاب ذلك عن علم الخليفة - بقدرة الله - لأنه كان يتربص ولادته ليقتله ساعتئذ.. و يدل علي ذلك الشطر الثاني من الآية الشريفة.

و مجمل الآية يحتوي مراد الامام عليه السلام بأن الله تعالي بالغ أمره..



[ صفحه 170]



و أنه هو المنتصر و لو تراءي للناس أنه المغلوب علي أمره، اذ ظهر أمر الله علي كل حال..

و يا أعداء الله، هل أطفأ أحد منكم نور الشمس؟.

و هل انتصرتم علي عباده لما كنتم ضحايا لهاثكم وراء حكام الدنيا؟!.

و قد وجد ضحاياكم ما وعدهم ربهم حقا.. فماذا وجدتم أنتم و قد حملتم دماءهم التي ألحقت بكم لعنة التاريخ و خزي الله!.

و يا قتلة أبناء الأنبياء.. أنتم و قابيل في الاجرام العظيم سواء..

بؤتم بالحسرة و الخسران في الدارين.. و غضب عليكم الرحمان في الحالين.

فماذا أعددتم للجواب بين يدي الله تعالي، و بين أيدي أنبيائه يوم تسألون؟!.



[ صفحه 171]




پاورقي

[1] مروج الذهب ج 4 ص 101 و بقية مصادر التاريخ.

[2] مروج الذهب ج 4 ص 131 و بقية مصادر التاريخ.

[3] الارشاد ص 325 - 324 و الكافي ج 1 ص 513 و كشف الغمة ج 3 ص 205 - 204 و اعلام الوري ص 360 و اثبات الوصية ص 215 و حلية الأبرار ج 2 ص 485 و بحارالأنوار ج 50 ص 268 و ص 309 مكررا، و هو في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 430 و المحجة البيضاء ج 4 ص 328 و وفاة العسكري ص 31 و الأنوار البهية ص 261 و مدينة المعاجز ص 565 و ص 579 و اثبات الهداة ج 6 ص 295 - 294.

[4] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 430 و بحارالأنوار ج 50 ص 309 و مدينة المعاجز ص 579.

[5] سورة الأنفال: 17 و 18.

[6] الجوسق الأحمر: هو القصر الذي بني للمقتدر في دارالخلافة، و في وسطه بركة من الرصاص ثلاثون ذراعا في عشرين.

[7] اعلام الوري ص 354 و بحارالأنوار ج 50 ص 312 و الفصول المهمة ص 287 و المحجة البيضاء ج 4 ص 334 - 333 و وفاة العسكري ص 18 - 17 و اثبات الهداة ج 4 ص 314 - 313 و مدينة المعاجز ص 579.

[8] اعلام الوري ص 355 - 354 و بحارالأنوار ج 50 ص 255 - 254 نقلا عن مختار الخرائج و الجرائح ص 239 - 238 و هو في كشف الغمة ج 3 ص 223 - 222 و الأنوارالبهية ص 252 و في ص 261 أشار الي مضمونه، و هو في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 433 نصفه الأول و ص 439 نصفه الثاني، و هو في اثبات الوصية ص 215 و الفصول المهمة ص 287 و هو في المحجة البيضاء ج 4 ص 334 - 333 و مدينة المعاجز ص 577 و وفاة العسكري ص 18 - 17.

[9] بحارالأنوار ج 50 ص 307 - 306 عن الغيبة للطوسي ص 147.

[10] سورة النساء: 137.

[11] في بحارالأنوار ذكر أن اسمه: علي جرين، و هو خطأ.

[12] حلية الأبرار ج 2 ص 486 - 485 و مدينة المعاجز ص 572.

[13] بحارالأنوار ج 50 ص 314 - 313 و هو في ص 331 - 330 الي قوله: ورد عليها الخبر، نقلا عن مهج الدعوات ص 343 و هو كذلك في بصائر الدرجات ص 484.

[14] سورة الصف: 8 و التوبة: 33 و الخبر في بحارالأنوار ج 50 ص 314 نقلا عن مهج الدعوات ص 344 و هو في اثبات الوصية ص 217.