بازگشت

كيفية وفاة العسكري


فيما جاء في كيفية وفاة الحسن العسكري عليه السلام (روي) المفيد في الارشاد بسنده عن الكليني عن جماعة (و روي) هذا الخبر ايضا الصدوق في اكمال الدين و بين الروايتين تفاوت في الزيادة و النقصان و نحن نجمع بينهما (قالوا) حضرنا في شعبان سنة ثمان و سبعين و مائتين بعد وفاة الحسن العسكري عليه السلام بثمان عشرة سنة أو اكثر مجلس احمد بن عبيدالله بن خاقان و هو عامل السلطان يومئذ علي الخراج و الضياع بكورة قم و كان شديد النصب و الانحراف عن اهل البيت فجري في مجلسه يوما ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأي و مذاهبه و صلاحهم و أقدارهم عند السلطان فقال ما رأيت و لا اعرف بسر من رأي رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا في هديه و سكونه و عفافه و نبله و كرمه عند اهل بيته و السلطان و بني هاشم كافة و تقديمهم اياه علي ذوي السن منهم و الخطر و كذلك حاله عند القواد و الوزراء والكتاب و عامة الناس كنت يوما قائما علي رأس ابي و هو يوم مجلسه الناس اذ دخل حجابه فقالوا ابومحمد بن الرضا بالباب فقال بصوت عال ائذنوا له فتعجبت منه و منهم من جسارتهم ان يكنوا رجلا بحضرة أبي و لم يكن يكني عنده الا خليفة أو ولي عهد او من امر السلطان ان يكني فدخل رجل اسمر اعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن



[ صفحه 667]



حديث السن له جلالة و هيئة حسنة فلما نظر اليه ابي قام فمشي اليه خطوات و لا اعلمه فعل هذا باحد من بني هاشم و القواد و اولياء العهد فلما دنا منه عانقه و قبل وجهه و صدره (و منكبيه خ ل) و أخذ بيده و أجلسه علي مصلاه الذي كان عليه و جلس الي جنبه مقبلا عليه بوجهه و جعل يكلمه و يفديه بنفسه و ابويه و انا متعجب مما اري منه اذ دخل الحاجب فقال جاء الموفق (و هو اخو المعتمد الخليفة العباسي) و كان الموافق اذا دخل علي ابي تقدمه حجابه و خاصة قوادة فقاموا بين مجلس ابي و بين باب الدار سماطين الي ان يدخل و يخرج فلم يزل ابي مقبلا علي ابي محمد يحدثه حتي نظر الي غلمان الموفق فقال له حينئذ اذا شئت [1] جعلني الله فداك ابامحمد ثم قال لحجابه خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا يعني الموفق فقام و قام ابي فعانقه و مضي فقلت لحجاب ابي و غلمانه و يحكم من هذا الذي كنيتموه بحضرة أبي و فعل به ابي هذا الفعل فقالوا هذا علوي يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا و لم ازل يومي ذلك قلقا متفكرا في امره و أمر ابي و مارأيته منه حتي كان الليل و كانت عادته ان يصلي العتمة ثم يجلس فينظر



[ صفحه 668]



فيما يحتاج اليه من المؤامرات و ما يرفعه الي السلطان فلما صلي و جلس جئت فجلست بين يديه فقال الك حاجة قلت نعم قال أذنت سألتك عنها قال قد أذنت قلت من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال و الكرامة و فديته نفسك و أبويك فقال يا بني ذاك امام الرافضة الحسن بن علي المعروف بابن الرضا و سكت ساعة ثم قال لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله و عفافه و صيانته و زهده و عبادته و جميل أخلاقه و صلاحه و لو رأيت أباه رأيت رجلا جزيلا نبيلا فاضلا فازددت قلقا و تفكرا و غيظا علي أبي و ما سمعت منه فيه و ما رأيته من فعله به فلم تكن لي همة بعد ذلك الا السؤال عن خبره و البحث عن أمره فما سألت أحدا من بني هاشم و القواد و الكتاب و القضاة و الفقهاء و سائر الناس الا وجدته عندهم في غاية الاجلال و الاعظام و المحل الرفيع و القول الجميل و التقديم له علي جميع أهل بيته و مشايخه فعظم قدره عندي اذ لم أر له وليا و لا عدوا الا و هو يحسن القول فيه و الثناء عليه فقال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين فما حال أخيه جعفر؟ فقال و من جعفر فيسأل خبره أو يقرن به؟ ان جعفرا معلن بالفسق ما جن شريب للخمور أقل من رأيت من الرجال و أهتكهم لنفسه خفيف قليل في نفسه. و لقد ورد علي السلطان و أصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه و ما ظننت



[ صفحه 669]



أنه يكون و ذلك أنه لما اعتل الحسن بعث الي أبي أن ابن الرضا [2] قد اعتل فركب من ساعته الي دار الخلافة ثم رجع مستعجلا و معه خمسة من خدم أميرالمؤمنين كلهم من ثقاته و خاصته فيهم تحرير و امرهم بلزوم دار الحسن و تعرف حاله و بعث الي نفر من المتطببين فامرهم بالاختلاف اليه و تعهده صباحا و مساء فلما كان بعد ذلك بيومين او ثلاثة أخبر انه قد ضعف فركب حتي بكر اليه و امر المتطببين بلزوم داره و بعث الي قاضي القضاة و أمره ان يختار عشرة ممن يوثق به في دينه و ورعه و امانته فبعث بهم الي دار الحسن و امرهم بلزومه ليلا و نهارا فلم يزالوا هناك حتي توفي فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأي ضجة واحدة مات ابن الرضا و بعث السلطان الي داره من يفتشها و ختم علي جميع ما فيها و طلبوا اثر ولده و جاءوا بنساء لهن معروفة بالحبل فدخلن علي جواريه فنظرن اليهن فذكر بعضهن ان هناك جارية بها حمل فامر بها فجعلت في حجرة و وكل بها نحرير الخادم و أصحابه و نسوة معهم ثم اخذوا في تجهيزه و عطلت الاسواق و ركب بنوهاشم و القواد و الكتاب و القضاة و المعدلون و سائر الناس الي جنازته فكانت سر من رأي يومئذ شبيها بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان الي ابي عيسي بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه فلما وضعت



[ صفحه 670]



الجنازة للصلاة دنا ابوعيسي منه فكشف عن وجهه فعرضه علي بني هاشم من العلوية و العباسية و القواد و الكتاب و القضاة و المعدلين و قال هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف انفه علي فراشه و حضره من خدم اميرالمؤمنين فلان و فلان و من المتطببين فلان و فلان ثم غطي وجهه و صلي عليه و كبر خمسا و امر بحمله فحمل من وسط داره و دفن في البيت الذي دفن فيه ابوه عليهماالسلام فلما دفن و تفرق الناس اضطرب السلطان و اصحابه في طلب ولده و كثر التفتيش في المنازل و الدور و توقفوا عن قسمة ميراثه و لم يزل الذين وكلواو بحفظ الجارية التي توهموا فيها الحبل ملازمين لها سنتين و اكثر حتي تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين أمه و أخيه جعفر و ادعت امه وصيته و ثبت ذلك عند القاضي و السلطان علي ذلك يطلب اثر ولده (قال) احمد بن عبيدالله و لما دفن جاء جعفر اخوه الي ابي و قال له اجعل لي مرتبة ابي و اخي و اوصل اليك في كل سنة عشرين الف دينار فزبره ابي و أسمه ما كره و قال له يا أحمق ان السلطان أعزه الله جرد سيفه و سوطه في الذين زعموا ان اباك و خاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه و جهد أن يزيل أباك و اخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك فان كنت عند شيعة ابيك و اخيك اماما فلا حاجة بك الي سلطان يرتبك مراتبهما و لا غير سلطان و ان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا و استقله ابي عند ذلك و استضعفه و أمر ان يحجب عنه فلم يؤذن له بالدخول عليه حتي مات ابي و خرجنا و هو



[ صفحه 671]



علي تلك الحال و السلطان و يطلب اثر ولد الحسن بن علي الي اليوم و هو لا يجد الي ذلك سبيلا و شيعته مقيمون علي انه مات و خلف ولدا يقوم مقامه في الامامة (و قال المفيد في الارشاد) مرض ابومحمد عليه السلام في اول شهر ربيع الاول و توفي في الثامن منه و خلف ابنه المنتظر لدولة الحق و كان قد اخفي مولده و سترامره لصعوبة الوقت و شدة طلب سلطان الزمان له و اجتهاده في البحث عن امره و لما شاع من مذهب الشيعة الامامية فيه و عرف من انتظارهم له فلم يظهر ولده عليه السلام في حياته و لا عرفه الجمهور بعد وفاته و تولي جعفر بن علي اخو ابي محمد «ع» اخذ تركته و سعي في حبس جواري ابي محمد و اعتقال حلائله و شنع علي اصحابه بانتظارهم ولده و قطعهم بوجوده و القول بامامته و أغري بالقوم حتي أخافهم و شردهم و جري علي مخلفي ابي محمد بسبب ذلك كل عظيمة اعتقال و حبس و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل و لم يظفر السلطان منهم بطائل و حاز جعفر ظاهرا تركة ابي محمد و اجتهد في القيام عند الشيعة مقامه و لم يقبل أحد منهم ذلك و لا اعتقده فيه (و روي) الصدوق في اكمال الدين عن بعض كتب التواريخ ان ام ابي محمد «ع» قدمت من المدينة الي سر من رأي حين اتصل بها الخبر فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع اخيه جعفر من مطالبته اياها بميراثه و سعايته بها الي السلطان و كشف ما أمر الله عزوجل بستره (و قال) الصدوق في اكمال الدين وجدت في بعض كتب التواريخ انه لما توفي ابومحمد الحسن العسكري «ع» كان في



[ صفحه 672]



ليلة وفاته قد كتب بيده كتبا كثيرة الي المدينة و لم يحضره في ذلك الوقت الا صيقل الجارية و عقيد الخادم و من علم الله غيرهما قال عقيد فدعا بماء قد اغطي بالمصطكي فجئنا به اليه فقال ابدأ بالصلاة و بسطنا في حجره المنديل و اخذ من صيقل الماء فغسل به وجهه و ذراعيه مرة مرة و مسح علي رأسه و قدميه مسحا و صلي الصبح علي فراشه و اخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه و يده ترتعد فأخذت صقيل القدح من يده و مضي من ساعته صلي الله عليه و صار الي كرامة الله جل جلاله (و روي) انه «ع» مضي مسموما سمه المعتمد (و في الفصول المهمة) ذهب كثير من الشيعة الي ان ابامحمد الحسن بن علي العسكري مات مسموما و كذلك ابوه وجده.



سلام علي من سر من رامحله

سلام علي المرجو في محكم الزبر



سلام علي اولاد زمزم و الصفا

و خيف مني و البيت و الركن و الحجر



علي خمسة مني السلام و سبعة

لعلهم ان يشفعوا ساعة الحشر



[ صفحه 673]




پاورقي

[1] اي اذا شئت فقم كانوا اذا انتهي المجلس و ارادوا ان يقوم الجليس يقولون له اذا شئت بحذف جواب الشرط اما تأدبا او لكثرة الاستعمال. - المؤلف -.

[2] مر أن العسكري و الهادي و الجواد كان يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا. - المؤلف -.