بازگشت

في بعض آياته و شهادته وفي قصة أبي الاديان


كان مولانا الحسن العسكري عليه السلام هو فتاح الأبواب مذلل الصعاب نقي الجيب بعيد الريب بري ء من العيب أمين علي الغيب معدن الوقار بلا شيب خافض الطرف واسع الكف كثير الحياء كريم الوفاء عظيم الرجاء كثير التبسم جميل الترنم جليل التنعم سريع التحكم كنيته أبومحمد و ألقابه الصامت الهادي الرفيق الزكي السراج المضي ء الشافي المرضي و الأمام العسكري سلام الله عليه:



سلام علي نفس هي الآية الكبري

و شخص هو المجد المنيف علي الشعري



كان عليه السلام رجلا أسمر اللون جيد البدن حسن القامة جميل الوجه حدث السن له جلالة و هيبة قال (الراوي) دخلت سر من رأي و أتيت الي الحسن العسكري (ع) فرأيته جالسا علي بساط اخضر و نور جماله يغشي الابصار فأمرني بالجلوس فجلست و أنا لا استطيع النظر الي وجهه اجلالا لهيبته قال خادم العسكري اذا نام سيدي أبومحمد العسكري رأيت النور ساطعا من رأسه الي السماء و كان (ع) أزهد أهل زمانه و لبسه الخشن من الثياب و يلبس فوقه ثيابا بياضا ناعمة اذا برز للناس قال كامل ابن ابراهيم المدني دخلت علي سيدي أبي محمد العسكري (ع) فنظرت الي ثياب بياض ناعمة عليه فقلت في نفسي ولي الله و حجته يلبس



[ صفحه 337]



الناعم من الثياب و يأمرنا بمواساة الأخوان و ينهانا عن لبس مثله فعلم ما في نفسي فحسر عن ذراعيه فاذا مسح أسود خشن علي جلده فقال متبسما يا كامل هذا لله و هذا لكم و كان عليه السلام قليل الاكل قال محمد الشاكري و هو مولي لأبي محمد (ع) كان سيدي أصلح من رأيت من العلويين والهاشميين و ما رأيت قط أسدي منه بتحف اليه الفواكه من التين و العنب و الخوخ فيأكل منه الواحدة و الثنتين و يقول خذ هذا يا محمد الي صبيانك فاقول هذا كله فيقول خذه و كان يجلس في المحراب و يسجد فأقام و انتبه ثم أنام و هو ساجد قال احمد بن عبدالله بن خاقان و هو من المخالفين ما رأيت أنقع ظرفا و لا أغض طرفا و لا أعف لسانا و لا أوسع كفا من الحسن العسكري و سمعت أبي يقول لو زالت الخلافة من بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله و عفافه و صلاته و صيامه و زهده و جميع أخلاقه و لقد ظهر من المعجزات و الكرامات منه ما تتحير العقول و نحن نذكر شيئا منها وقع في زمانه قحط فخرجوا للأستسقاء ثلاثة أيام فلم يمطر عليهم فخرج يوم الرابع (الجاثليق) مع النصاري فسقوا فخرج المسلمون يوم الخامس فلم يمطر فشك الناس في دينهم و كان العسكري (ع) في حبس الخليفة فبعث اليه الخليفة و قال له أدرك دين جدك يا أبامحمد فاخرج من الحبس و أمر النصاري بالخروج للأستسقاء فلما رفع (الجاثليق) يده الي السماء قال أبومحمد لبعض غلمانه خذ من يده اليمني ما فيها فلما أخذه كان عظما أسود ثم قال استسق الآن فاستسقي فلم يمطر فسأل الخليفة عن العظم قال عظم نبي من الانبياء و لا يكشف الا و يمطر.



[ صفحه 338]



و من معجزاته قال (محمد بن عياش) تذاكرنا آيات العسكري و معجزاته و كان فينا ناصبي فقال ان أجاب عن كتاب بلا مداد علمت انه حق فكتبنا و كتب الرجل بلا مداد علي ورق و جعل في الكتب و بعثنا اليه فأجاب عن مسائلنا و كتب علي ورق الرجل اسمه و اسم أبيه فدهش الرجل فلما أفاق اعتقد الحق منها شكا اسماعيل بن محمد العباسي الي العسكري الفقر و حلف انه ليس عندي درهم فما فوقها فقال أتحلف بالله كاذبا و قد دفنت مئتي دينار و ليس قولي هذا دفعا عن العطية أعطه يا غلام ما معك فأعطاه مئة دينار و قال له انك تحرم الدنانير التي دفنتها في أحوج ما تكون اليها قال اسماعيل بن محمد هو كما قال (ع) و ذلك انني اضطررت وقتا و مضيت الي محل دفنت فيه الدنانير ففتشت عنها فلم أجدها و اذا ابن عم لي عرف موضعها فاخذها و هرب قال أبوهاشم الجعفري شكوت الي أبي محمد الحاجة فحك بسوطه الارض و أخرج سبيكة فيها نحو الخمسمائة دينار فقال خذها يا أباهاشم و اعذرنا قال أبوهاشم كنا نفطر مع أبي محمد فضعفت يوما عن الصوم و أفطرت في بيت آخر علي كعكة فريدا ثم جئت أبامحمد فجلست معه فقال لغلامه أطعم أباهاشم شيئا فانه مفطر فتبسمت فقال ما يضحك يا أباهاشم اذا أردت القوة فكل اللحم فان الكعك لا قوة فيه.

و من معجزاته عليه السلام ما روي عنه أبوالأديان من أخباره بيوم وفاته و ما يظهر بعد وفاته و سنذكر قريبا و كان مولده بالمدينة يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الآخر و قيل ولد (ع) بسر من رأي و قبض (ع) يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين



[ صفحه 339]



و مأتين و له يومئذ ثمان و عشرون سنة و مرض (ع) في أول يوم من شهر ربيع الاول و دفن بسر من رأي الي جانب أبيه من زاره كان كمن زار رسول الله (ص) قال الرضا (ع) ان لكل امام عهدا في عنق أوليائهم و شيعتهم و ان من تمام الوفاء و العهد و حسن الأداء زيارة قبورهم من زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة:



أتقتل يا ابن الشفيع المطاع

و يابن المصابيح و ابن الغرر



و يا ابن الشريعة و ابن الكتاب

و يابن الرواية و ابن الأثر



و في (البحار) قال أبواسماعيل بن علي النوبختي دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي في المرضة التي مات فيها و أنا عنده اذ قال لخادمه عقيد و كان الخادم أسود نوبيا قد خدم من قبله علي بن محمد و هو ربي الحسن (ع) فقال له يا عقيد أغل لي ماء بمصطكي فاغلي له ثم جاءت به صيقل الجارية أم الخلف فلما صار القدح في يديه و هم بشربه جعلت يده ترتعد حتي ضرب القدح ثنايا الحسن فتركه من يده و قال لعقيد ادخل البيت فانك تري صبيا ساجدا فأتني به قال أبوسهيل قال عقيد فدخلت أتجري فاذا أنا بصبي ساجد رافع سبابته نحو السماء فسلمت عليه فاوجز في صلاته فقلت ان سيدي يأمرك بالخروج اليه اذ جاءت أمه صيقل فاخذت بيده و أخرجته الي أبيه الحسن (ع) قال أبوسهيل فلما مثل الصبي بين يديه سلم و اذا هو دري اللون و في شعر رأسه قطط مفلج الاسنان فلما رآه الحسن بكي و قال يا سيد أهل بيته اسقني الماء فاني ذاهب الي ربي و أخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيد و حرك شفتيه بيده الأخري ثم سقاه فلما شربه



[ صفحه 340]



قال هيؤني للصلاة فطرح في حجره منديل فوضأه الصبي واحدة واحدة و مسح علي رأسه و قدميه فقال له أبومحمد ابشر يا بني فأنت صاحب الزمان و أنت المهدي و أنت حجة الله علي أرضه و أنت ولدي و وصي و أنا ولدتك و أنت م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ولدك رسول الله و أنت خاتم الأئمة الطاهرين و بشربك رسول الله و سماك و كناك بذلك عهد الي أبي عن آبائك الطاهرين صلي الله علي أهل البيت ربنا انه حميد مجيد و مات الحسن بن علي من وقته صلوات الله عليهم أجمعين و سمع من بعض الأسانيد ان نرجس زوجة الحسن (ع) أم الحجة (عج) ماتت قبل وفاة الحسن (ع) و ذلك ان الأمام (ع) أخبرها بما يجري علي داره و علي نسائه و جواريه فاضطربت و قالت سيدي اني أسرت مرة و لا طاقة لي مرة اخري ادع الله أن يقبضني نعم مثل زينب ينبغي أن تتحمل الأسر من كربلا الي الكوفة و من الكوفة الي الشام الخ.

و في (البحار) قال أبوالحسن علي بن محمد بن هباب حدثنا أبو الأديان قال كنت أخدم الحسن بن علي العسكري و أحمل كتبه الي الأمصار فدخلت عليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا و قال تمضي بها الي المدائن فانك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل الي سر من رأي يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني علي المغتسل قال أبو الأديان فقلت يا سيدي فاذا كان ذلك فمن الأمام و الحجة قال من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي فقلت زدني فقال من يصلي علي فهو القائم بعدي فقلت زدني فقال من أخبر بما في الهميان فهو القائم



[ صفحه 341]



بعدي ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان و خرجت بالكتب الي المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سر من رأي يوم الخامس عشر كما قال لي (ع) فاذا أنا بالواعية في داره و اذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة حوله يعزونه و يهنونه فقلت في نفسي ان يكن هذا الأمام فقد مالت الامامة لأني كنت أعرفه بشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور فتقدمت فعزيت و هنيت فلم يسألني عن شي ء ثم خرج عقيد فقال يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله فلما صرنا بالدار اذا أنا بالحسن بن علي (ع) علي نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي علي أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط و باسنانه تفيلج فجذب رداء جعفر و قال تأخر يا عم أنا أحق يا لصلاة علي أبي فتأخر جعفر و قد أربد وجهه فتقدم الصبي فصلي عليه و دفن الي جانب قبر أبيه ثم قال يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها اليه و قلت في نفسي هذه اثنتان و بقي الهميان ثم خرجت الي جعفر و هو يزفر فقال له حاجز الوشا يا سيدي من الصبي ليقيم عليه الحجة فقال و الله ما رأيته قط و لا عرفته فنحن جلوس اذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا فمن الأمام و الحجة بعده فأشاروا الي جعفر بن علي فسلموا عليه و عزوه و هنوه و قالوا ان معنا كتبا و مالا فتقول ممن الكتب و كم المال فقام ينفض أثوابه و يقول يريدون منا أن نعلم الغيب قال فخرج الخادم و قال معكم كتب فلان و فلان و هميان فيه الف دينار عشرة دنانير منها مطلية فدفعوا الكتب و المال و قالوا الذي وجه بك لأجل ذلك هو الأمام فدخل جعفر بن علي علي المعتمد و كشف



[ صفحه 342]



له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا علي صيقل الجارية و طالبوها بالصبي فانكرته و ادعت حملا بها لتغطي علي حال الصبي فسلمت الي ابن أبي الشوارب القاضي و بغتهم موت عبيد الله بن يحيي بن خاقان فجأة و خروج صاحب الزبح بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم و الحمدلله العالمين لا شريك له و يظهر من هذا الخبر ان الحجة (عج) غسل أباه و حنطه و كفنه و صلي عليه و الحال انه طفل صغير و كان مخفيا لم تره العيون نعم الأمام لا يغسله الا الأمام الصديق لا يغسله الا الصديق و ما من امام و لا من صديق قضي نحبه الا و غسله امام مثله و ان كان غائبا فيلزم أن يحضر كما حضر أبوالحسن الهادي في بغداد و أبوجعفر الجواد في خراسان و أبوالحسن الرضا (ع) لتجهيز والده في بغداد و الحسين (ع) و ان كان لم يغسل و لم يحنط و لم يكفن دفن بلا غسل و لا حنوط و لا كفن لكن حضره ولده السجاد لمواراته و لما أراد أن يحمل ذلك الجسد الطيب الطاهر رآه مقطعا بالسيوف و الرماح و لا يمكن حمله قال لبني أسد ائتوني ببارية جديدة لأحمل عليها جسد الحسين قالت بنوأسد فأتيناه ببارية جديدة و حمل عليها بدن الحسين و أتيناه لنعينه و اذا هو يقول لنا بخضوع و خشوع أنا أكفيكم أمره فقلنا له يا أخا العرب فكيف تكفينا أمره و قد اجتهدنا علي أن نحرك عضوا من أعضائه الشريفة فلم نقدر فبكي و قال ان معي من يعينني عليه نعم كان معه رسول الله (ص) الخ المصيبة.