بازگشت

فيما يتعلق بالحسن العسكري و في حالاته و ذكر توقيع منه




سلام و تفسير السلام سلامة

تحية مشتاق و تحفة زائر



و أزكي تحيات و أسني هدية

الي من غدا قلبي و سمعي و ناظري



[ صفحه 343]



سلام علي نفس هي الآية الكبري

و شخص هو المجد المنيف علي الشعري



هو الدين و الدنيا تري نوره متي

تحصل لك الاولي و نحصل الاخري



قد اختلف في يوم ولادته (ع) و الا ففي شهر ولادته لا خلاف فيه فانه كان في شهر ربيع الآخر قيل في الرابع و قيل في العاشر و قيل في الثامن و هو شايع و هو الأشهر و اختلف ايضا في اسم والدته قيل اسمها سوسن و قيل تدمي حديث مصغرا و قيل سليل و يقال لها الجدة و كانت من العارفات الصالحات و كفي في فضلها انها كانت مفزع الشيعة بعد وفاة أبي محمد (ع).

و روي الشيخ الصدوق عن احمد بن ابراهيم قال دخلت علي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (ع) اخت أبي الحسن (ع) صاحب العسكر في سنة اثنتين و ستين و مأتين فكلمتها و من وراء حجاب و سألتها عن دينها فسمت لي من تأثم بهم ثم قالت و الحجة بن الحسن (ع) الي ان قال فقلت لها أين الولد يعني الحجة (ع) قالت مستور فقلت الي من تفزع الشيعة فقالت الي الجدة أم أبي محمد (ع) فقلت لها اقتدي بمن وصيته الي امرأة قالت اقتداء بالحسين بن علي و الحسين بن علي (ع) اوصي الي اخته زينب بنت علي (ع) في الطاهر و كان ما يخرج من علي ابن الحسين (ع) من علم ينسب الي زينب ستر علي علي بن الحسين (ع) و كان أبومحمد الحسن (ع) اخبر والدته الجدة عن سنة وفاته قال يا أماه تصيبني في سنة ستين و مأتين حزازة أخاف أن انكب منها نكبة فاظهرت الجزع و أخذها البكاء فقال (ع) لابد من وقوع أمر الله لا تجزعي و في رواية أمرها أبومحمد (ع) بالحج في سنة تسع و خمسين و مأتين و عرفها



[ صفحه 344]



ما يناله في سنة ستين و خرجت أم أبي محمد (ع) الي مكة و روي أنه (ع) قال في سنة مأتين و ستين تفترق شيعتي ففيها قبض أبومحمد (ع) و ثفرقت شيعته قال شيخنا المفيد (ره) و مرض أبومحمد (ع) في أول شهر ربيع الأول سنة ستين و مأتين و مات في يوم الجمعة لثمان ليال خلون من هذا الشهر في السنة المذكورة و له يوم وفاته ثمان و عشرون سنة و دفن في البيت الذي دفن فيه أبوه من دارهما بسر من رأي.

و روي انه لما مات الحسن بن علي (ع) حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه و تولي جميع أمره في تكفينه و تحنيطه و تقبيره قال القطب الراوندي و أما الحسن بن علي العسكري (ع) فقد كانت أخلاقه كأخلاق رسول الله (ص) و كان رجلا أسمر حسن القامة جميل الوجه جيد البدن حدث السن له جلالة و هيبة و هيئة حسنة يعظمه العامة و الخاصة اضطرارا يعظمونه لفضله و يقدمونه لعفافه و صيانته و زهده و عبادته و صلاحه و كان جليلا نبيلا فاضلا كريما يحمل الأثقال و لا يتضعضع للنوائب أخلاقه خارقة للعادة علي طريقة واحدة أقول و يظهر من الروايات انه (ع) كان اكثر أقاته محبوسا و ممنوعا من المعاشرة و كان مشغولا بالعبادة لله عزوجل و في بعض الأدعية أشير اليه بهذه العبارة و بحق النقي و السجاد الأصغر و ببكائه ليلة المقام بالسهر بعبد الله و هو بين السباع و السباع تلوذ به و تبصبص و الي هذه الدلالة الباهرة أشير في التوسل به عليه السلام في الساعة الحادية عشرة و بالأمام الحسن بن علي (ع) الذي طرح للسباع فخلصته من مرابضها و امتحن بالدواب الصعاب فذللت له مراكبها و قال السيد ابن طاووس اعلم ان مولانا الحسن بن علي العسكري (ع) كان قد



[ صفحه 345]



أراد قتله الملوك الثلاثة الذين كانوا في زمانه حيث بلغهم ان مولانا المهدي (ع) يكون من ظهره صلوات الله عليه و حبسوه عدة دفعات و اضطربت الشيعة و أقلقهم ذلك فدعا عليهم فهلكوا في سريع من الأوقات و لما ولد الحجة (عج) قال أبومحمد العسكري (ع) زعمت الظلمة انهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل كيف رأوا قدرة القادر (يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم و الله متم نوره و لوكره الكافرون) في (الأرشاد) عن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي محمد الحسن بن علي (ع) يا ابن رسول الله جلالتك تمنعني مسألتك افتأذن لي أن أسألك فقال سل فقلت يا سيدي هل لك ولد قال نعم فقلت ان حدث حادث فاين اسأل عنه قال بالمدينة و في (البحار) عن عيسي بن صبيح قال دخل الحسن العسكري علينا الحبس و كنت به عارفا و بفضله و علمه فاخبرني عن عمري قال لك خمس و ستون سنة و أشهرا و يوما و كان معي كتاب دعاء و عليه ناريخ مولدي و انني نظرت فيه فكان كما قال (ع) ثم قال هل رزقت من ولد قلت لا قال أللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم تمثل (ع):



من كان ذا ولد يدرك ظلامته

ان الذليل الذي ليست له عضد



فقلت له سيدي ألك ولد قال اي و الله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا و عدلا فاما الآن فلاثم تمثل (ع):



لعلك يوما أن تراني كأنما

بني حوالي الأسود اللوابد



فان تميلا قبل أن يلد الحصي

أقام زمانا و هو في الناس واحد



و لما ولد الحجة (عج) أخفي مولده و ستر أمره لصعوبة الوقت و شدة طلب سلطان الزمان و اجتهاده في البحث عن أمره فلم يظهر ولده (ع)



[ صفحه 346]



في حياته و لا عرفت الجمهور بعد وفاته و تولي جعفر الكذاب أخذ تركته و ميراثه و سعي في حبس جواري أبي محمد (ع) و اعتقال حلائله و قسم ميراث أبي محمد (ع) و منعوا الحجة (عج) ارث أبيه كما أن جدته فاطمة الزهراء (ع) منعوها عن ارث رسول الله (ص) و غصبوا حقها و هتكوا حرمتها يقول الراثي:



و ما ورثوها من أبيها و أعلنوا

حديثا نفاه الله في محكم الصحف



فكما ان هؤلاء هجموا علي دار علي و فاطمة و صنوا بهما ما صنعوا فكذلك لما دفن العسكري (ع) هجموا علي داره و نهبوا أمواله و أخذوا جواريه و طلبوا الحجة (عج) ليقتلوه و لم يظفروا به و لو و جدوه لقتلوه و قال عثمان بن سعيد قدس الله روحه و قد حكم السلطان أن أبامحمد (ع) مضي و لم يخلف ولدا و قسم ميراثه و أخذه من لا حق له و صبر الحجة (عج) علي ذلك و هو يري عياله يحولون و ليس أحد يجسر ان يتعرف اليهم أو ينيلهم شيئا و هذا من أعظم المصائب و الحال أن والدته كانت حية و ابنه الحجة (ع) حي في دار الدنيا و لما اتصل الخبر الي أم أبي محمد (ع) و كانت بالمدينة يعني بلغها موت أبي محمد (ع) قدمت من المدينة و كان لها أقاصيص يطول شرحها مع جعفر الكذاب من مطالبته اياها بميراثه و سعايته بها الي السلطان و كشف ما أمر الله عزوجل بستره و ادعت عند ذلك صيقل أنها حامل فحملت الي دار المعتمد فجعلن نساء المعتمد يتعاهدن أمرها الي أن دهمهم أمر فخرجت صيقل فشغلهم عنها سيدي يا ابن الحسن غصبوا ارثك و أخذوا حقك و دخلوا دارك فمتي تقوم بحقك الخ



غصبوكم بشبا الصوارم آنفا

قام الوجود بسرها المكنون



[ صفحه 347]



كم موقف حلبوا رقابكم دما

فيه و أعينكم نجيع شئوون



لا مثل يومكم بعرصة كربلا

في سالفات الدهر يوم شجون



و لنختتم هذا المجلس بذكر توقيع من العسكري (ع) للشيخ الجليل ابن بابويه علي بن الحسين القمي رحمه الله المدفون بقم و هو توقيع شريف في الحكم و الآيات و المواعظ و الدلالات و البراهين الساطعات كتب (ع) الي الشيخ الجليل علي بن الحسين بن بابويه القمي بسم الله الرحمن الرحيم: الحمدلله رب العالمين و العاقبة للمتقين و الحنة للموحدين و النار للملحدين و لا عدوان الا علي الظالمين و لا اله الا الله أحسن الخالقين و الصلاة و السلام علي خير خلقه محمد و عترته الطاهرين أما بعد أوصيك يا شيخي و معتمدي و فقيهي أباالحسن بن علي بن الحسين القمي وفقك الله لمرضاته و جعل من صلبك اولادا صالحين برحمته بتقوي الله و أقام الصلاة و ايتاء الزكاة فانه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة و أوصيك بمغفرة الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم و مواساة الأخوان و السعي في حوائجهم في العسر و اليسر و الحلم عند الجهل و النفقة و الشفقة و التفقه في الدين و التثبت في الأمور و التعاهد للقرآن و حسن الخلق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قال الله تعالي لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس و اجتناب الفواحش كلها و عليك بصلاة الليل فان النبي (ص) أوصي عليا (ع) فقال يا علي عليك بصلاة الليل عليك بصلاة الليل عليك بصلاة الليل و من استخف بصلاة الليل فليس منا فاعمل بوصيتي و أمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتي يعملوا عليه و عليك بالصبر و انتظار الفرج فان النبي (ص) قال أفضل أعمال امتي انتظار الفرج



[ صفحه 348]



و لا تزال شيعتنا في حزن حتي يظهر ولدي الذي بشر به النبي (ص) انه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا فاصبر يا شيخي و معتمدي أباالحسن و أمر جميع شيعتي بالصبر فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين و السلام عليك و علي جميع شيعتنا و رحمة الله و بركاته و حسبنا الله و نعم الوكيل نعم المولي و نعم النصير قد أكد (ع) التوصية بالصبر لما في الصبر من الفوائد و العوائد قال الصادق (ع) الجنة محفوفة بالمكاره و الصبر و قال (ع) اذا ادخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره و البر مطل عليه و يتنحي الصبر ناحية فاذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مسائلته قال الصبر للصلاة و الزكاة و البر دونكم صاحبكم فان عجزتم عنه فأنا دونه و نسب الي أميرالمؤمنين (ع) هذان البيتان:



اني وجدت في الأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر



وفل من جد في أمر يطالبه

فاستصحب الصبر الا فاز بالظفر



نعم فاز من صبر و ربح من تحلم الصبر مفتاح الفرج و نعم الخلق التبصر و ناهيك في ذلك أن أئمتنا (ع) لما صبروا علي الشدائد و المكاره و استبشروا و فرحوا عند نزول المصائب و النوائب بلغوا ما بلغوا من المقامات الكريمة و الدرجات الرفيعة في الدنيا و الآخرة كما قال عزوجل (و جعلناهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا و هم الصابرون و في البأساء) ولكن أشدهم صبرا في المصائب و أقولهم حلما في النوائب هو الحسين عليه السلام الذي عجبت من صبره ملائكة السموات بأبي و أمي صبر علي أشد المصائب و هو ذبح ولده في حجره و هو ينظر اليه يقول الراثي:



[ صفحه 349]



و لو تراه حاملا طفله

رأيت بدرا يحمل الفرقدا



مخضبا من فيض أوداجه

ألبسه سهم الردي محتدا



تحسب أن السهم في نحره

طوق يحلي جيده عسجدا



قال في (مروج الذهب) في سنة ستين و مأتين قيض أبومحمد الحسن ابن علي (ع) في خلافة المعتمد و هو ابن تسع و عشرين سنة و دفن في داره الي جانب والده أبي الحسن الهادي (ع) و هو أبوالمهدي المنتظر و الأمام الثاني عشر و في (الدروس) قال الحسن العسكري (ع) قبري بسر من رأي أمان لأهل الجانبين نظم:



قبورهم شتي فمنهم بيثرب

بدور سعود و الغري حوي قبرا



و غابت بارض الطف منهم كواكب

هم بهجة الهادي و هم مهج الزهرا



و قبران في بغداد و الطاهر الرضا

بطوس و نجما العلم في أرض سامرا



و لم يبق الا مدرك ثار من قضوا

بسم و بيض الهندو اعتنقوا السمرا



فعجل الينا يا بنت محمد

فأنت ولي الثأر فلتدرك الوترا



قال علي بن عيسي الأربلي رحمه الله حكي لي بعض الأصحاب ان الخليفة المستنصر مشي مرة الي سر من رأي و زار العسكريين (ع) و خرج فزار التربة التي دفن فيها الخلفاء من آبائه و أهل بيته و هم في قبة خربة يصيبها المطر و عليها زرق الطيور و أنا رأيتها علي هذه الحال فقيل له أنتم خلفاء الأرض و ملوك الدنيا و لكم الأمر في العالم و هذه قبور آبائكم بهذه الحال لا يزورها زائر و لا يخطر بها خاطر و ليس فيها أحد يميط عنها الأذي و قبور هؤلاء العلويين كما ترونها بالستور و القناديل و الفروش و الزلالي و الفراشين و الشمع و البخور و غير ذلك فقال هذا أمر سماوي لا يحصل



[ صفحه 350]



باجتهادنا و لو حملنا الناس علي ذلك ما قبلوه و لا فعلوا و قد صدق فان الأعتقادات لا تحصل بالقهر و لا يتمكن أحد من الأكراه علهيا انتهي.