اذا أردت أن تعرف ما كان عليه أئمة أهل البيت عليهم الصلاة و السلام من العبادة و الأوراد، فانظر الي ما خلفوه لنا من الأدعية و المناجاة، فقد جمع علماؤنا رحمهم الله مئات الكتب من ذلك، و لا غرو في ذلك بعد أن ورثهم الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم كل خصائصه و صفاته، و خصهم بأخلاقه و سيرته، و كان شأنه صلي الله عليه و آله و سلم معلوم في كثرة العبادة و الدأب عليها، حتي أنزل الله عليه )طه مآ أنزلنا عليك القرءان لتشقي( شفقة به و رأفة عليه.

و في هذا الفصل بعض مما ورد من عبادة الامام أبي محمد العسكري عليه السلام:

1 - في درر الأصداف: وقع للبهلول معه أن رآه و هو صبي يبكي و الصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر علي ما بأيديهم.

فقال له: أشتري لك ما تلعب به؟

فقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا.

فقال له: فلماذا خلقنا؟

قال: للعلم و العبادة.

فقال له: من أين لك ذلك؟

فقال: من قوله تعالي )أفحسبتم أنما خلقنكم عبثاً و أنكم الينا لا ترجعون(.

ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خر الحسن رضي الله عنه مغشياً عليه فلما أفاق قال له: ما نزل بك و أنت صغير و لا ذنب لك؟



[ صفحه 265]



فقال: اليك عني يا بهلول، اني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد الا بالصغار، و اني أخشي أن أكون من صغار حطب جهنم [1] .

2 - قال محمد الشاكري: كان عليه السلام يجلس في المحراب و يسجد، فأنام و أنتبه و هو ساجد [2] .

3 - قال أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري: كان الحسن يصوم في السجن، فاذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه اليه في جونة مختومة [3] .

4 - كان المعتمد يسأل عن أخباره و هو في السجن فيخبر: بأنه يصوم النهار و يصلي الليل [4] .

5 - قال محمد بن اسماعيل: أنه و هو في السجن كان يصوم النهار، و يقوم الليل كله، لا يتكلم و لا يتشاغل بغير العبادة [5] .

6 - دخل العباسيون علي صالح بن وصيف عندما حبس أبومحمد عليه السلام فقالوا له: ضيق عليه و لا توسع.

فقال صالح: ما أصنع به و قد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة و الصلاة و الصيام الي أمر عظيم.

ثم أمر باحضار الموكلين فقال لهما: و يحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا له: ما تقول في رجل يصوم النهار، و يقوم الليل كله، لا يتكلم و لا يتشاغل بغير العبادة، فاذا نظر الينا أرعدت فرايصنا و داخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.

فلما سمع العباسيون ذلك انصرفوا خائبين [6] .



[ صفحه 266]