بازگشت

من كتاب له الي اسحاق بن اسماعيل النيسابوري


»سترنا الله و اياك بستره، و تولاك في جميع أمورك بصنعه، فهمت كتابك يرحمك الله، و نحن بحمد الله و نعمته أهل بيت نرق علي أوليائنا، و نسر بتتابع احسان الله اليهم، و فضله لديهم، و نعتد بكل نعمة ينعمها الله تبارك و تعالي عليهم، فأتم الله عليك يا اسحاق و علي من كان مثلك - ممن قد رحمه الله و بصره بصيرتك - نعمته



[ صفحه 287]



و قدر تمام نعمته دخول الجنة، و ليس من نعمة و ان جل أمرها، و عظم خطرها، الا و الحمد لله تقدست أسماؤه عليها مؤد شكرها، فأنا أقول: الحمد لله أفضل ما حمده حامد الي أبد الأبد، بما من الله عليك من رحمته، و نجاك من الهلكة، و سهل سبيلك علي العقبة، و أيم الله انها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها، قديم في الزبر الأولي ذكرها، و لقد كانت منكم في أيام الماضي الي أن مضي لسبيله و في أيامي هذه أمور كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي، و لا مسددي التوفيق، فاعلم يقيناً يا اسحاق أنه من خرج من هذه الدنيا أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلاً. يا ابن اسماعيل: ليس تعمي الأبصار و لكن تعمي القلوب التي في الصدور، و ذلك قول الله في محكم كتابه حكاية عن الظالم اذ يقول )رب لم حشرتني أعمي و قد كنت بصيراً قال كذلك أتتك ءايتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسي( و أي آية أعظم من حجة الله علي خلقه، و أمينه في بلاده، و شهيده علي عباده، من بعد ما سلف من آبائه الأولين النبيين، و آبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام و رحمة الله و بركاته، فأين يتاه بكم، و أين تذهبون كالأنعام علي وجوهكم، عن الحق تصدفون، و بالباطل تؤمنون و بنعمة الله تكفرون أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب و يكفر ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم، و من غيركم الا خزي في الحياة الدنيا، و طول عذاب في الآخرة الباقية و ذلك و الله الخزي العظيم.

ان الله بمنه و رحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه اليكم، بل رحمة منه - لا اله الا هو - عليكم ليميز الخبيث من الطيب و ليبتلي ما في صدوركم، و ليمحص ما في قلوبكم، لتسابقوا الي رحمة الله، و لتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج و العمرة، و اقام الصلاة، و ايتاء الزكاة، و الصوم و الولاية، و جعل لكم بابا تستفتحون به أبواب الفرائض و مفتاحاً الي سبيله، لولا محمد و الأوصياء من ولده لكنتم حياري كالبهائم، لا تعرفون فرضاً من الفرائض، و هل يدخل مدينة الا من بابها، فلما من عليكم باقامة الأولياء بعد نبيكم قال الله في كتابه )اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا( ففرض عليكم لأوليائه حقوقاً أمركم بأدائها ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم و أموالكم



[ صفحه 288]



و مآكلكم و مشاربكم. قال الله: )قل لآ أسئلكم عليه أجراً الا المودة في القربي( و اعلموا أن من يبخل فانما يبخل عن نفسه و الله الغني و أنتم الفقراء لا اله الا هو. و لقد طالت المخاطبة فيما هو لكم و عليكم، ولولا ما يحب الله من تمام النعمة من الله عليكم لما رأيتم لي خطا، و لا سمعتم مني حرفاً، من بعد مضي الماضي و أنتم في غفلة مما اليه معادكم، و من بعد اقامتي لكم ابراهيم بن عبدة، و كتابي الذي حمله اليكم محمد بن موسي النيسابوري، والله المستعان علي كل حال، و اياكم أن تفرطوا في جنب الله فتكونوا من الخاسرين، فبعداً و سحقاً لمن رغب عن طاعة الله، و لم يقبل مواعظ أوليائه، فقد أمركم الله بطاعته و طاعة رسوله و طاعة أولي الأمر.

رحم الله ضعفكم و غفلتكم، و صبركم علي أمركم، فما أغر الانسان بربه الكريم، ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما هو في هذا الكتاب لتصدعت قلقاً، و خوفاً من خشية الله، و رجوعاً الي طاعة الله، اعملوا ما شئتم فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون، ثم تردون الي عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون و الحمد لله رب العالمين، و صلي الله علي محمد و آله أجمعين« [1] .


پاورقي

[1] بحارالانوار 17 / 208. تحف العقول 360.