بازگشت

وقفة للتامل


قد يتبادر الي ذهن القارئ السؤال عن معني هذه العبارة، «أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا».

و هل أن الامامة كانت مقررة في علم الله لمحمد بن علي من بعد الامان الهادي عليه السلام لكن بداء حصل فجعلها في الامام العسكري عليه السلام؟

و هل أن هذا النوع من البداء جائز علي الله سبحانه؟

فنقول: البداء في اللغة هو ظهور الشي ء يقال بدا الشي ء يبدو اذا ظهر [1] و منه بدا له في الأمر اذا ظهر له استصواب شي ء غير الأول [2] .

و هذا المعني لا يجوز اطلاقه علي الله سبحانه لاستلزامه حدوث علمه تعالي بشي ء بعد جهله به، و هذا محال.

و لا نظن أن مسلما يعتقد بهذا، و من اعتقد به فعلي الآخرين البرائة منه و من اعتقاده، لأنه قيل «من زعم أن الله عزوجل يبدو له في شي ء لم يعلمه أمس فأبرؤوا منه» [3] .

فلابد أن نطلق البداء علي الله بنحو لا يستلزم المحال، و لذلك نقول: «البداء منه تعالي بمعني أنه يظهر لمن يشاء من خلقه، ما كان قد أخفاه عنهم» [4] .

و عليه لابد أن نفسر قول الامام الهادي عليه السلام: «بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له كما بدا له في موسي بعد مضي اسماعيل»، أي ظهر من الله و أمره في أخيه الحسن مازال الريب و الشك في امامته، فان جماعة من الشيعة كانوا يظنون أن الأمر في محمد (بن علي) حيث كان الأكبر، كما كان يظن جماعة أن الأمر في



[ صفحه 54]



اسماعيل بن جعفر دون موسي عليه السلام، فلما مات محمد ظهر من أمر الله فيه، و انه لم ينصبه اماما كما ظهر في اسماعيل مثل ذلك، لا أنه كان نص عليه، ثم بدا له في النص علي غيره، فان ذلك لا يجوز علي الله تعالي؛ العالم بالعواقب [5] .

و بهذا يتبين معني قول الامام الهادي للحسن العسكري عليهماالسلام: أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا، فيكون معناه: أحدث لله شكرا لأنه عزوجل رفع كل الأوهام و الشكوك حول امامتك بموت أخيك محمد.

أضف الي ذلك أن التفسير لا يصح بغير هذا المعني، لأن امامة الحسن العسكري عليه السلام ثابتة و منصوص عليها من قبل النبي الأكرم صلي الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام كما أشرنا اليه.



[ صفحه 57]




پاورقي

[1] معجم مقاييس اللغة ج 1، ص 212.

[2] مجمع البحرين ص 9.

[3] البحار ج 4، ص 111.

[4] راجع البداء، في ضوء الكتاب و السنة ص 12.

[5] غيبة الطوسي ص 121.