حالة الامام الحسن عند وفاة اخيه محمد
اما ما ذكره التاريخ عن حال الامام الحسن العسكري عليه السلام عند وفاة أخيه
[ صفحه 60]
محمد، هو أنه عليه السلام تأثر تأثرا بالغا حتي أنه شق جيبه حزنا علي فقد أخيه، و ذكر التاريخ أنه وقف الي جنب والده عليه السلام و هو علي تلك الحال، فقد نقل الشيخ المفيد في الارشاد، عن الكليني بسند عن سعد بن عبدالله، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الأفطس: «أنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد دار أبي الحسن عليه السلام و قد بسط له في صحن داره، و الناس جلوس حوله، فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب و من بني العباس و قريش مائة و خمسون رجلا سوي مواليه و سائر الناس، اذ نظر الي الحسن بن علي عليه السلام و قد جاء مشقوق الجيب حتي قام عن يمينه و نحن لا نعرفه، فنظر اليه أبوالحسن عليه السلام بعد ساعة من قيامه، ثم قال له:
«يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا».
فبكي الحسن عليه السلام و استرجع و قال:
«الحمد لله رب العالمين، و اياه أسأل تمام نعمه علينا و انا لله و انا اليه راجعون»،
فسألنا عنه فقيل لنا: هذا الحسن بن علي ابنه و قدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة و نحوها، فيومئذ عرفناه و علمنا أنه قد أشار اليه بالامامة و أقامه مقامه» [1] .
اضافة الي اشارة الامام الهادي عليه السلام بالامامة الي الامام الحسن العسكري عليه السلام، فان هذه الرواية تكشف عن قوة و متانة العلاقة الروحية بين الامام الحسن العسكري عليه السلام و بين أخيه محمد.
هذه العلاقة التي أفصح عن متانتها حزنه الشديد علي فقد أخيه، و لقد حدثنا التاريخ أنهما عليهماالسلام كانا يدخلان علي أبيهما معا غيره مرة و مما يدل عليه ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة: عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن عيسي العلوي من ولد علي بن جعفر قال:
دخلت علي أبي الحسن بصريا [2] فسلمنا عليه فاذا نحن بأبي جعفر و أبي محمد قد
[ صفحه 61]
دخلا فقمنا الي أبي جعفر لنسلم عليه فقال أبوالحسن عليه السلام:
«ليس هذا صاحبكم، عليكم بصاحبكم».
و أشار الي أبي محمد عليه السلام» [3] ، و غيرها من الروايات.
و هذه الرفقة التي تؤكد العلاقة الوطيدة بينهما، تؤكد أيضا المستوي الايماني و العملي الرفيع الذي كان يتمتع به أخوه محمد، و لولا ذلك لما كان ذلك التجانس الذي شدهما الي بعضهما صلوات الله عليهما.
و قد وصف الكلاني هذه العلاقة الشديدة بينهما قائلا:
«صحبت أباجعفر محمد بن علي الرضا و هو حدث السن فما رأيت أوقر و لا أزكي و لا أجل منه، و كان خلفه أبوالحسن العسكري بالحجاز طفلا فقدم عليه مشيدا و كان ملازما لأخيه أبي محمد عليه السلام لا يفارقه» [4] .
پاورقي
[1] الارشاد ص 336، اعلام الوري ص 351 عن الكليني ج 1، ص 326 و عنهما البحار ج 50، ص 245.
[2] صريا - بالصاد المهملة ثم الياء المثناة التحتانية بعدها الألف قرية أسسها موسي بن جعفر عليه السلام علي ثلاثة اميال من المدينة انظر المناقب ج 4، ص 382.
[3] الغيبة ص 120.
[4] حياة الامام الحسن العسكري ص 24 نقلا عن المجدي في النسب.