بازگشت

بحث فقهي حول شق الثوب


عند مطالعة هاتين الحادثتين، أي موت أخي الامام و شهادة والده عليهم السلام، يمكن أن يخطر في ذهن القارئ هذا السؤال: هل يجوز شق الجيب علي الميت؟ و لعل القارئ يقول: ان المصيبة و ان كانت عظيمة فليس من الجدير أن يشق الثوب حزنا علي الميت، أو يقول: اننا لم نر و لم نسمع حتي الآن أن أحدا من الأفراد العاديين شق ثوبه حزنا علي موت أب أو أخ، فما بالك بالامام الذي لا يصدر عنه فعل مكروه، فما القول و الفعل الحرام!؟

أضف الي ذلك أنه لم يرو و لم يسمع بمثل هذا الفعل؛ صادرا عن أي امام آخر.

و لقد اعترض أحدهم علي الامام العسكري عليه السلام في مسألة شق جيبه، فما كان نصيبه من الامام بعد الرد عليه الا اللعنة و ابتلي المعترض آخر عمره بالجنون، كما ستأتي الرواية.

و الجواب، أولا: أن عدم الاتيان بفعل لا يكون أبدا دليلا علي حرمته، اذ يمكن أن الفعل لا يكون حراما مع أن أحدا لم يأت به.

و ثانيا: أن عدم رؤية أو سماع شي ء لا يدل أبدا علي عدم حصول ذلك الشي ء، و اذا راجعنا التاريخ فسوف نري أن موسي عليه السلام، و هو من أولي العزم عليه السلام، كان قد شق جيبه عند موت أخيه هارون، و عندنا ثلاث روايات عن اثنين من أئمتنا تؤكد هذا المعني.

أ- روي الشيخ الطوسي في التهذيب، عن احمد بن محمد بن داود القمي في نوادره، قال: روي محمد بن عيسي، عن أخيه جعفر بن عيسي، عن خالد بن سدير أخي



[ صفحه 74]



حنان بن سدير، قال سألت أباعبدالله عليه السلام عن رجل شق ثوبه علي أبيه و علي امه أو علي أخيه أو علي قريب له فقال: لا بأس بشق الجيوب. [1] قد شق موسي بن عمران علي أخيه هارون... و لا شي ء في اللطم علي الخدود سوي الاستغفار و التوبة و قد شققن الجيوب و لطمن الخدود الفاطميات علي الحسين بن علي عليهماالسلام، و علي مثله تلطم الخدود و تشق الجيوب [2] .

ب - روي الكشي؛ بسنده، عن محمد بن الحسن بن شمون و غيره: خرج أبومحمد عليه السلام في جنازة أبي الحسن عليه السلام و قميصه مشقوق، فكتب اليه أبوعون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة: من رأيت أو بلغك من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا؟

فكتب أبومحمد عليه السلام: يا أحمق و ما يدريك ما هذا، قد شق موسي علي هارون [3] .

ج - و روي أيضا بسنده، عن ابراهيم بن الخضيب الأنباري و قال: كتب أبوعون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة الي أبي محمد عليه السلام: أن الناس قد استوحشوا من شق ثوبك علي أبي الحسن عليه السلام.

فقال: يا أحمق و ما أنت و ذاك؟ قد شق موسي علي هارون عليه السلام. ان من الناس من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا و يموت مؤمنا، و منهم من يولد كافرا و يحيي كافرا و يموت كافرا و منهم من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا و يموت كافرا، و انك لا تموت حتي تكفر و يتغير عقلك. فما مات حتي حجبه ولده عن الناس و حبسوه في منزله في ذهاب العقل و الوسوسة و كثرة التخليط؛ و يرد علي أهل الامامة و نكث عما كان عليه [4] .

و ثالثا: هذه المسألة راجعة الي الفقه لذا يجب الرجوع فيها الي كتب الفتوي و الاستدلال الفقهي، و معرفة آراء فقهاء الاسلام في ذلك.

و نقول باختصار: المشهور بين فقهاء الشيعة جواز شق الثوب علي الأب و الأخ [5] .



[ صفحه 75]



و علي ذلك فتوي الأصحاب [6] ما عدا ابن ادريس، فانه ذهب الي عموم المنع [7] .

قال صاحب الجواهر - ره -:

«و من استدلال الصادق عليه السلام بشق موسي علي أخيه هارون (علي نبينا و آله و عليهماالسلام) و مرسلة المبسوط [8] المتقدمة المنجبرة بفتوي الأصحاب عدا النادر، بل نسبه غير واحد اليهم بدون استثناء، يستفاد حكم المستثني أي جواز الشق علي الأب و الأخ، مضافا الي ما حكي في الفقيه [9] و غيره مرسلا من شق العسكري عليه السلام قميصه من خلف و قدام عند موت أبيه عليه السلام،

و عن كشف الغمة: نقلا من كتاب الدلائل لعبدالله بن جعفر الحميري، عن أبي هاشم الجعفري قال: خرج أبومحمد في جنازة أبي الحسن عليه السلام و قميصه مشقوق... [10] .

و نحوه المحكي عن الكشي [11] في كتاب الرجال مسندا،

فما عن ابن ادريس من القول بالحرمة فيهما ضعيف،

بل لا يبعد القول حينئذ بالاستحباب للتأسي...» [12] .



[ صفحه 79]




پاورقي

[1] الثوب.

[2] التهذيب ج 8، ص 325 و عنه جامع احاديث الشيعة ج 3، ص 492.

[3] رجال الكشي ص 479، و عنه البحار ج 50، ص 191.

[4] رجال الكشي ص 479.

[5] كفاية الاحكام ص 23 المقصد الخامس.

[6] انظر مدارك الأحكام ص 74، جامع المقاصد ج 1، ص 454، و انظر منتهي المطلب ج 1، ص 467، شرايع الاسلام ج 1، ص 43، الوسيلة لابن حمزة ص 703، نهاية الاحكام ج 2، ص 289 و غير ذلك من الكتب الفقهية.

[7] انظر كفاية الأحكام ص 23 و منهاج الكرامة ج 1، ص 509، و الحدائق الناضرة ج 4، ص 151.

[8] المبسوط ج 1، ص 189.

[9] من لا يحضره الفقيه ج 1، ص 111، ح 10.

[10] كشف الغمة ج 3، ص 208.

[11] الكشي ص 480.

[12] جواهر الكلام ج 4، ص 369.