بازگشت

الامام العسكري و مدعي التشيع


و فيه: عن تفسير الامام العسكري، عن أبي يعقوب يوسف بن زياد، و علي بن زياد (رضي الله عنهما): حضرنا ليلة علي غرفة الحسن بن علي بن محمد عليه السلام و قد كان ملك الزمان له معظما و حاشيته له مبجلين اذ مر علينا والي البلد، - والي الجسرين - و معه رجل مكفوف، و الحسن بن علي مشرف من روزنته، فلما رآه الوالي ترجل عن دابته اجلالا، فقال الحسن بن علي عليه السلام: عد الي موضعك.

فعاد و هو معظم له.

و قال: يابن رسول أخذت هذا في هذه الليلة علي باب حانوت صيرفي فاتهمته بأنه يريد نقبه و السرقة منه فغضبت عليه، فلما هممت بأن أضربه خمسمائة - و هذا سبيلي فيمن اتهمه ممن آخذه ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني من لا أطيق مدافعته -



[ صفحه 134]



فقال لي اتق الله و لا تتعرض لسخط الله، فاني من شيعة أميرالمؤمنين و شيعة هذا الامام، أبي القائم بأمر الله، فكففت و قلت: أنا ما ربك عليه فان عرفك بالتشيع أطلقت عنك، و الا قطعت يدك و رجلك، بعد أن أجلدك ألف سوط و جئتك يابن رسول الله، فهل هو من شيعة علي كما ادعي؟

فقال الحسن بن علي عليه السلام: معاذ الله ما هذا من شيعة علي و انما ابتلاه في يدك لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي عليه السلام.

فقال: كفيتني مؤنته، الآن أضربه خمسمائة لا حرج علي فيها! فلما نحاه بعيدا قال أبطحوه، فبطحوه و أقام عليه جلادين واحدا عن يمينه و آخر عن شماله، قال: أوجعاه فأهويا اليه بعصيهما فكان لا يصيبان استه شيئا، انما يصيب الأرض فضجر من ذلك و قال: ويلكم تضربون الأرض، اضربوا استه، فذهبوا يضربون استه فعدلت أيديهم، فجعل يضرب بعضهم بعضا و يصيح و يتأوه، فقال لهم: و يحكم أمجانبن أنتم؟! يضرب بعضكم بعضا، اضربوا الرجل، فقالوا: ما نضرب الا الرجل و ما نقصد سواه، ولكن تعدل أيدينا حتي يضرب بعضنا بعضا، قال: فقال يا فلان و يا فلان و يا فلان حتي دعا أربعة و صاروا مع الأولين ستة و قال: أحيطوا به، فأحاطوا به فكان يعدل بأيديهم و ترفع عصيهم الي فوق و كانت لا تقع الا بالوالي فسقط عن دابته و قال: قتلتموني قتلكم الله، ما هذا؟!

قالوا: ما ضربنا الا اياه.

ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا، فجاءوا يضربونه بعد.

فقال: يا ويلكم اياي تضربون؟

قالوا: و الله لا نضرب الا الرجل.

قال الوالي: فمن أين لي هذه الشجات برأسي و وجهي و بدني ان لم تكونوا تضربوني؟!

قالوا: شلت أيماننا ان كنا قصدناك بضرب.

فقال الرجل: يا عبدالله الوالي أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب؟ ويلك ردني الي الامام و امتثل في أمره.



[ صفحه 135]



قال: فرده الي بعد بين يدي الحسن بن علي عليه السلام.

فقال: يابن رسول الله، عجبا لهذا، أنكرت أن يكون من شيعتكم فهو من شيعة ابليس و هو في النار، و قد رأيت له من المعجزات ما لا يكون الا للأنبياء!!

فقال الحسن بن علي عليه السلام، للوالي: يا عبدالله انه كذب في دعواه أنه من شيعتنا، كذبة لو عرفها ثم تعمدها لابتلي بجميع عذابك له. و لبقي في الطبق ثلاثين سنة، ولكن الله تعالي رحمه لاطلاق كلمة علي ما عني لا علي من يديك، [1] خل عنه فانه من موالينا و محبينا و ليس من شيعتنا.

فقال الوالي: ما كان هذا كله عندنا الا سواء، فما الفرق؟

قال الامام عليه السلام: الفرق أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا و يطيعونا في جميع أوامرنا و نواهينا فاولئك شيعتنا، فأما من خالفنا في كثير ما فرضنا مما فرض الله عليه فليسوا من شيعتنا.

قال الامام عليه السلام للوالي: فأنت فقد كذبت كذبة لو تعمدتها و كذبتها لابتلاك الله عز و جل بضرب ألف سوط و سجن ثلاثين سنة المطبق.

فقال: و ما هي يابن رسول الله؟

قال: بزعمك أنك رأيت له معجزات، لان المعجزات ليست له انما هي لنا أظهره الله تعالي ابانة لحججنا و ايضاحا لجلالتنا و شرفنا، و لو قلت: شاهدت فيه معجزات لم أنكره عليك أليس احياء عيسي الميت، معجزة، أفهي للميت أم لعيسي، أو ليس خلق من الطين كهيئة الطير فصار طيرا باذن الله، أهي للطير أو لعيسي، أو ليس الذين جعلوا قردة خاسئين أفهي من معجزة القردة أو لنبي ذلك الزمان؟

فقال الوالي: استغفر الله و أتوب اليه.

قال الحسن بن علي عليه السلام للرجل الذي قال له أنا من شيعة علي: يا عبدالله لست من شيعة علي عليه السلام، انما أنت من محبيه، ان شيعة علي الذين قال الله تعالي فيهم «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون» و هم الذين آمنوا بالله و وصفوه بصفاته و نزهوه عن خلاف صفاته و صدقوا محمدا في أقواله و صوبوه في كل أفعاله و قالوا: ان عليا بعده سيد امام و قوام همام و لا يعدله من أمة محمد أحد و لا كلهم اذا جمعوا في كفة يوزنون بوزنه، بل



[ صفحه 136]



يرجح عليهم كما ترجح السماء و الأرض علي الذرة، و شيعة علي هم الذين لا يبالون في سبيل الله وقع الموت عليهم أو وقعوا عليه، و شيعة علي هم الذين يقتدون بعلي في اكرام اخوانهم المؤمنين. ما عن قولي أقول لك هذا بل أقوله عن قول محمد صلي الله عليه و آله فذلك قوله «و عملوا الصالحات» قضوا الفرائض كلها بعد التوحيد و اعتقاد النبوة و الامامة، و أعظمها فرضان: قضاء حقوق الاخوان في الله، و استعمال التقية من أعداء الله» [2] .


پاورقي

[1] و في التفسير المنسوب الي العسكري ص 318: لاطلاق كلمة علي ما عني لا علي تعمد كذب.

[2] مدينة المعاجز ص 569.