التفسير يشتمل علي أحاديث منكرة و اخبار كاذبة
و من جملة الاشكالات الواردة علي هذا التفسير هو: أنه يشتمل علي أحاديث منكرة و أخبار كاذبة، و اسناده الي المعصوم اختلاق و افتراء [1] .
أقول: و هذا الاشكال أيضا يرجع أصله الي ابن الغضائري [2] و ليته أشار الي بعض هذه الأكاذيب و المنكرات. نعم، يمكن أن يكون قد عني بذلك بعض المعاجز الغريبة في هذا الكتاب، و لم تذكر في باقي الكتب.
و قال التستري مشككا صحة هذا الكتاب:
«لو لم يكن هذا الكتاب جعلا لنقل هذه العجيبة التي نقلها عن النبي و أميرالمؤمنين باقي الأئمة عليهم السلام و لرواها علماء الامامية، و أيضا لو كان الكتاب من العسكري
[ صفحه 206]
عليه السلام لنقل شيئا منه علي بن ابراهيم القمي و محمد بن مسعود العياشي، اللذان كانا في عصره عليه السلام، و محمد بن العباس بن مروان، الذي كان مقاربا لعصره عليه السلام؛ في تفاسيرهم، و الكل موجود؛ ليس في شي ء منها أثر منه» [3] .
أقول: لو كان المبني هكذا، فاللازم أن نسقط أمثال كتاب بصائر الدرجات و غيره عن درجة الاعتبار، و ما الفرق بينه و بين هذه الكتب التي لم ينقل ما روي فيها أحد من قدماء الامامية في كتبهم و مصنفاتهم، و لماذا لم ينقل القمي في تفسيره أو الصدوق في كتبه عن كتاب الصفار، في حين أنهما كانا في عصره أو قريبا من عصره؟ و لعل العلماء الذين عاصروه أو كانوا بعده لم يعثروا علي هذه المعجزات حتي يوردوها في كتبهم.
و ثانيا: لقد مر بنا كلام الحر العاملي - ره - في هذا المجال، من أن الذي فيه المنكرات هو ما نقله سهل عن أبيه، لا هذا التفسير.
نعم، لقد جاء في هذا التفسير حول حبس المختار [4] في عهد الحجاج و فراره من السجن، و أخذه الثأر من قتلة الحسين عليه السلام. و هذا مما ينافي ما قاله المؤرخون بأنه قتل في فتنة مصعب بن الزبير سنة 67 [5] و الانصاف أن هذا أيضا لا يقدح باعتبار الكتاب، فلو كانت مثل هذه الأخطاء التاريخية الجزئية قدحا، لأمكن القدح و الاعراض عن مثل كتاب الكافي أيضا، حيث أنه روي في المجلد الثامن ما ينافي قول سائر المؤرخين: بأن يزيد دخل المدينة بعد توليه الخلافة يريد الحج، مع أنه لم يخرج من الشام فكيف بذهابه الي المدينة و الي الحج؟! و اليك النص كما جاء في الروضة:
ابن محبوب، عن أبي أيوب عن بريد بن معاوية قال: سمعت أباجعفر عليه السلام يقول: ان يزيد بن معاوية دخل المدينة و هو يريد الحج، فبعث الي رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد: أتقر لي أنك عبد لي ان شئت بعتك و ان شئت استرقيتك.
فقال له الرجل: و الله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا، و لا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية و الاسلام، و ما أنت بأفضل مني في الدين، و لا بخير مني،
[ صفحه 207]
فكيف أقر لك بما سألت؟
فقال له يزيد: ان لم تقرلي، و الله قتلتك.
فقال الرجل: ليس قتلك اياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي عليهماالسلام ابن رسول الله.
فأمر به فقتل، ثم أرسل الي علي بن الحسين عليهماالسلام فقال له: مقل مقالته للقرشي فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام: أرأيت ان لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال يزيد - لعنه الله -: بلي! فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام: قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره فان شئت فأمسك و ان شئت فبع. فقال له يزيد لعنه الله: أولي لك، حقنت دمك، و لم ينقصك ذلك من شرفك [6] .
و ثالثا: يمكننا أن نقول في الجواب بمقالة العلامة المجلسي - ره - حيث قال مجيبا لهذه الشبهة:
«ثم أعلم أن في مثل هذا الخبر اشكالا و هو أن المعروف في السير: أن هذا الملعون لم يأت المدينة بعد الخلافة، بل لم يخرج من الشام حتي مات و دخل النار. فنقول: مع عدم الاعتماد علي السير لاسيما مع معارضة الخبر، يمكن أن يكون اشتبه علي بعض الرواة، و كان في الخبر أنه جري ذلك بينه عليه السلام و بين من أرسله الملعون لأخذ البيعة؛ و هو مسلم بن عقبة، كما مر» [7] .
پاورقي
[1] انظر ما كتبه الشيخ رضا الاستادي المطبوع في آخر تفسير العسكري ص 717 نقلا عن شارع النجاة ص 118.
[2] انظر مجمع الرجال ج 6، ص 25.
[3] الأخبار الدخيلة ج 1، ص 212.
[4] انظر تفسير الامام العسكري ص 547.
[5] الكامل لابن الأثير ج 4، ص 267.
[6] الكافي ج 8، ص 234، ح 313.
[7] البحار ج 46، ص 138.